أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مؤخرًا عن إطلاق منصة جديدة مخصصة للعملات المشفرة، تحمل اسم "World Liberty Financial". يهدف هذا المشروع الذي انطلق برفقة أبنائه ورجال الأعمال في مجال العملات الرقمية إلى تقديم تجربة مبتكرة في عالم العملات الرقمية، ومن المتوقع أن يحمل الكثير من التغييرات في هذا القطاع. عُقدت فعالية عبر الإنترنت استمرت لمدة ساعتين، حيث عرض ترامب وفريقه تفاصيل هذا المشروع الهام. رغم أن المنصة الجديدة قد تبدو مثيرة للاهتمام، إلا أن العديد من المراقبين أشاروا إلى أن الخصائص التي تم الكشف عنها حتى الآن تشبه إلى حدٍ كبير الخدمات التي تقدمها منصات العملات الرقمية الأخرى. تتمثل إحدى الخدمات الرئيسية للمنصة في السماح للمستخدمين بالاقتراض من بعضهم البعض باستخدام العملات المشفرة. وهذه الخدمة، رغم أهميتها، تم تقديمها بالفعل من قبل عديد من المنصات الأخرى الشهيرة، مما يثير تساؤلات حول ما يمكن أن يميز "World Liberty Financial" عن المنافسين. من بين الشخصيات البارزة الذين يعملون على هذا المشروع، نجد رجال الأعمال في مجال العملات الرقمية، زكاري فولكمان وتشيس هيرو. وأعلن هؤلاء أن المنصة ستعتمد بالأساس على العملات المستقرة (Stablecoins)، التي غالبًا ما ترتبط بأسعار العملات التقليدية مثل الدولار الأمريكي. هذه الخطوة تشير إلى أن ترامب يسعى للحصول على ثقة المستثمرين من خلال تقديم استقرار أكبر في ظل تقلبات سوق العملات المشفرة. أحد الأشياء المثيرة للاهتمام في مشروع ترامب هو إمكانية الشراء والاستثمار في توكنات رقمية، حيث ستمنح هذه التوكنات المستخدمين حقوق التصويت في القرارات المستقبلية بشأن تطوير المنصة. يتضح من الإعلان أن 63% من التوكنات ستكون متاحة للجمهور، بينما ستحصل المجموعة المؤسسة على 20% منها، فيما سيتم تخصيص النسبة المتبقية كمكافآت للمستخدمين. هذه الفكرة تتماشى مع الاتجاهات الحالية في صناعة العملات المشفرة، حيث تزداد الحاجة إلى نظام يتيح للمستثمرين التحكم في مستقبل المنصة من خلال التصويت والمشاركة, مما يعزز من شعور المجتمع بالانتماء. يمثل هذا التحول في موقف ترامب تجاه العملات المشفرة تغييرًا ملحوظًا، حيث كان قد عُرف في السابق برأيه السلبي حول هذا القطاع. خلال فترة رئاسته، وصف ترامب العملات الرقمية بأنها "عملية احتيال" وحذر من الآثار السلبية المحتملة لها. لكن يبدو أن استراتيجيته قد تغيرت الآن، ليبتعد عن حكومة الرئيس الحالي جو بايدن، التي تدفع نحو تنظيم أكثر تشددًا في سوق العملات المشفرة. يأتي هذا الإعلان من ترامب في وقت حرج بالنسبة لصناعة العملات الرقمية، حيث تتطلع العديد من الحكومات عبر العالم إلى فرض قواعد تنظيمية جديدة. في ظل هذه الخلفية، تسعى منصة "World Liberty Financial" لجذب المستثمرين الذين يبحثون عن بدائل مستقرة وموثوقة في عالم تتزايد فيه حالة عدم اليقين. قد تكون رؤية ترامب الجديدة فرصته للتعويض عن مواقفه السابقة، وفى نفس الوقت الحصول على دعم هؤلاء الذين يؤمنون بالعملات المشفرة كأداة مستقبلية للتحرر المالي. ومع ذلك، يبقى التساؤل الرئيسي هو ما إذا كان ترامب وفريقه قادرين على تقديم قيمة حقيقية ستجذب المستثمرين بعيدًا عن المنصات الأخرى. وزير التمويل الأمريكي السابق، ستيف منوشين، أعرب عن قلقه إزاء نماذج العملات المشفرة الجديدة، مشيرًا إلى ضرورة أن تكون هناك قواعد تنظيمية واضحة لضمان سلامة المستثمرين والأسواق المالية. وقد صرح بأن منصات العملات المشفرة يجب أن تكون شفافة وأن تعمل بشكل موجه نحو حماية العملاء. من جهة أخرى، يرتفع مستوى التنافس في مجال العملات الرقمية مع اقتراب بعض الشركات الكبيرة من دخول السوق. هذه المنافسة قد تكون سيف ذو حدين، حيث يمكن أن تزيد من فرص النجاح ولكنها أيضًا قد تؤدي إلى ضغوط كبيرة على المنصة الجديدة. تعقد المنصات العملاقة مثل "باينانس" و"كراكن" و"كوين بيس" آمالًا كبيرة على توسيع نطاق خدماتها. في هذا السياق، يجب أن يقدم ترامب وفريقه شيئًا فريدًا يعزز من جذب المتحمسين والمستثمرين المحتملين نحو منصتهم الجديدة. تصريحات ترامب تشكل دعوة للعودة إلى السوق، حيث يمكن أن يساهم الشغف السياسي في تحفيز الطلب على هذه العملات الرقمية. بعض المحللين يتوقعون أن ذلك قد يسهم في ظهور جيل جديد من المستثمرين المهتمين بالتداول والاستثمار في العملات المشفرة. في الوقت نفسه، لم يتم توضيح كيف ستتوافق منصة "World Liberty Financial" مع القوانين واللوائح المعمول بها في الولايات المتحدة وخارجها. تعتبر المسائل القانونية والتنظيمية أمورًا حاسمة في تحديد نجاح أي منصة جديدة في عالم العملات المشفرة. بغض النظر عن الموقف التنظيمي، فإن الخبراء يؤكدون أن مجال العملات المشفرة لا يزال يحمل الكثير من الإمكانيات الغير مستغلة. بينما يتنافس ترامب مع الأساليب التقليدية، يمكن أن يحقق النجاح في بناء مجتمع نابض في عالم العملات الرقمية، إذا ما استطاع تقديم خدمات مبتكرة ومتطورة تلبي احتياجات المستخدمين. ختامًا، يبدو أن هناك الكثير في الأفق بالنسبة لمنصة "World Liberty Financial". ومع انتقال العالم نحو رقمنة الاقتصاد، قد تكون هذه المنصة فرصة مثيرة لأفراد يقفون على الحافة ويبحثون عن طرق جديدة لاستثمار أموالهم. هل ستنجح رؤية ترامب في تغييرات صناعة العملات المشفرة، أم أن السوق سيفرض تحديات أكثر صعوبة مما يتوقع؟ الأيام القادمة ستظهر لنا الإجابة.。
الخطوة التالية