العنوان: هل هي حرب؟ الصراع الإسرائيلي-حزب الله: صراع يصعب تعريفه أو التنبؤ به في قلب توترٍ متصاعد بين الإسرائيليين وحزب الله اللبناني، يتجدد الحديث عن فقدان الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط. فالأسئلة المتكررة تدور حول ما إذا كان هذا الصراع سيتحول إلى حرب شاملة، أم أنه ظاهرة متكررة من العنف المتقطع. يتأهب الجميع لأسوأ الاحتمالات، لكن الصورة لا تزال ضبابية. تاريخ الصراع بين إسرائيل وحزب الله طويل ومعقد. منذ نشأتها في الثمانينات، لطالما كان حزب الله هو الرد اللبناني على الاعتداءات الإسرائيلية وعلى الاحتلال. تطور الحزب من مجموعة مقاومة محلية إلى منظمة ذات تأثير سياسي وعسكري واسع. ومع ذلك، لا تزال إسرائيل تعتبر حزب الله تهديدًا خطيرًا لأمنها القومي، خصوصًا بعد صراعات سابقة مثل حرب يوليو 2006. قبل التطرق إلى طبيعة الصراع الحالي، من الضروري فهم السياق الإقليمي والدولي. فالصراع الإسرائيلي-الفلسطيني، والحروب الأهلية في سوريا والعراق، وتزايد النفوذ الإيراني في المنطقة، كلها عوامل تلعب دورًا مهمًا في تصعيد التوترات. وفي الوقت الذي تسعى فيه بعض القوى الكبرى لإعادة النظر في استراتيجياتها في منطقة الشرق الأوسط، يبدو أن الصراع الأمريكي-الإيراني مستمر أيضًا في إشعال الأزمات. لقد شهدت الأشهر الأخيرة زيادة في الأنشطة العسكرية على الحدود بين لبنان وإسرائيل، مع تبادل لإطلاق النار وتسجيل خروقات. تحدث بعض المحللين عن مؤشرات أزمات مؤجلة، بينما يعتقد آخرون أن الوضع قابل للانفجار في أي لحظة. ومع كل تصعيد، يرتفع الخوف من وقوع حرب شاملة قد تؤدي إلى عواقب وخيمة على الدول المجاورة. يرى بعض الخبراء أن تحديد طبيعة هذا الصراع يعد أمرًا صعبًا. فبينما يعتبر الكثيرون أن ما يحدث على الحدود هو تجسس وقصف متبادل، فإن البعض الآخر يؤكد على أنه صراع جديد يتحول إلى حرب حقيقية. إن مختلف التعريفات الجوهرية للحرب قد تتداخل في هذا السياق، مما يجعل الأمر أكثر تعقيدًا. من جهة أخرى، يلعب الإعلام دورًا حاسمًا في تشكيل انطباعات الناس حول الأوضاع المتوترة. التقارير اليومية عن الهجمات الجوية والاشتباكات الحدودية تثير الشكوك والقلق، وتعزز من هواجس المواطنين. بينما يصف البعض ما يحدث بـ "حرب خفية" أو "حرب بالوكالة"، تتجه الأنظار إلى رأي السلطة الإسرائيلية وقيادة حزب الله. يبقى أحد الأسئلة المطروحة في هذا السياق: هل يسعى حزب الله فعليًا إلى إشعال حرب شاملة؟ تحتاج الإجابة إلى تحليل دقيق للتركيبات الداخلية للحزب، وكذلك للحسابات الاستراتيجية على المستوى الإقليمي. ففي حين أن حزب الله يتمتع بشعبية قوية في لبنان، يتعين عليه أيضًا أن يأخذ بعين الاعتبار المصالح الوطنية التي قد تكون متعارضة مع رغبات بعض حلفائه. من الجهة الإسرائيلية، فإن هناك قلقًا مستمرًا من تهديدات حزب الله، لكن إسرائيل تدرك أيضًا المخاطر التي قد تنجم عن تصعيد الصراع. إذ إن أي حرب شاملة ستؤدي إلى خسائر بشرية ومادية كبيرة للطرفين، وقد تدمر البنية التحتية للدول المجاورة. لذا فهي تميل إلى استخدام القوة بشكل مدروس، مع الحفاظ على مستوى عالٍ من الاستعداد العسكري. على المستوى الشعبي، يبدو أن رأي المواطنين يتأرجح بين القلق والتحذير والتشاؤم. فقد أثرت الصراعات المتعددة على حياة الناس بشكل ملحوظ، ويشعر العديد منهم بالتعب والتحفظ من الحروب. ومع ذلك، يظل الجدل قائمًا حول طبيعة الصراع وأهداف كل طرف. هل يسعى حزب الله للمزيد من النفوذ السياسي في المنطقة؟ أم أن هناك عمليات عسكرية متكررة لأسباب غير معروفة؟ قد يكون تصعيد الصراع جزءًا من دائرة انتقامية أوسع تتجاوز حدود لبنان وفلسطين. مع اقتراب الانتخابات الإسرائيلية، قد تسعى بعض الأطراف إلى تعزيز موقفها عبر التظاهر بقوة التحمل وعزمها على محاربة التهديدات. بينما يرى آخرون أن الخطر الحقيقي يأتي من عدم الاستقرار الذي يحيط بكافة الدول المجاورة، مما يزيد من احتمالية وقوع أزمات غير متوقعة. في النهاية، يظل سؤال "هل هي حرب؟" معلقًا في هواء منطقة مشحونة بالتوترات. على الرغم من التحذيرات والتهديدات المتبادلة، قد يكون هناك أيضًا دوافع للتفاوض والبحث عن حلول سلمية. إن آمال السلام والتعايش السلمي تظل قائمة، ولكن الحرب ليست مستبعدة في عالم مليء بالمفاجآت. في ضوء التجارب التاريخية، يمكن القول إن هذا الصراع ليس مجرد حدث عابر، ولكنه جزء من حركة معقدة ومنسجمة بين مختلف الأطراف. وبالتالي، يجب أن نكون مستعدين لكل السيناريوهات المحتملة، مع الاستمرار في البحث عن طرق للتواصل والحوار، حتى في أحلك الظروف.。
الخطوة التالية