يدعو البنك المركزي الصيني، المعروف باسم بنك الشعب الصيني، إلى نظام مصرفي أكثر مرونة واستجابة للتحديات الاقتصادية الراهنة من خلال إجراء إجراء نقدي استثنائي. تمثلت الخطوة الأخيرة للبنك في ضخ 234.6 مليار يوان (ما يعادل 33.29 مليار دولار) في النظام المصرفي، وذلك لأول مرة منذ عدة أشهر، مع خفض معدل إعادة الشراء العكسي لمدة 14 يومًا إلى 1.85%، وهو ما يُعتبر تيسيراً نقدياً يدعم السيولة أثناء الفترة الحرجة التي تسبق عطلة اليوم الوطني في الصين. تعتبر هذه الخطوة جزءًا من سياسة نقدية طويلة الأمد تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي الذي يبدو أنه يعاني من ضغوط تضخّمية. على الرغم من أن العديد من المحللين وصفوا هذا الإجراء بأنه ليس خطوة كبيرة نحو التيسير النقدي، إلا أنه يعكس قلق الحكومة الصينية من تباطؤ الاقتصاد الصيني، الذي يعد أحد أكبر الاقتصاديات في العالم. كما يأتي هذا الإجراء في وقت تواجه فيه الصين ظواهر عكسية مثل الانكماش الاقتصادي الذي قد يؤدي إلى آثار سلبية على مستويات المعيشة للمواطنين. تشير البيانات إلى أن الاستخدام المعتاد للعمليات العكسية لمدة 14 يوماً يهدف إلى ضمان استقرار السيولة في البنوك خلال العطلات الطويلة مثل عطلة اليوم الوطني، التي تبدأ في الأول من أكتوبر. وقد اتخذ بنك الشعب الصيني قرارًا بالتوجه إلى خفض نسبة السيولة خلال هذه الفترة تحديدًا لمواجهة التحديات المحتملة التي قد تظهر خلال العطلة. في قرار سابق، خفض البنك المركزي في يوليو الماضي معدلات الفائدة الأساسية للقروض القصيرة والطويلة، ولكن لم تتضح بعد الاستجابة الفعلية لهذه الخطوات في دعم الاقتصاد. يعتقد بعض الاقتصاديين أن بنك الشعب الصيني قد يتجه نحو خفض أعمق لمعدل إعادة الشراء المضاد وكذلك نسبة الاحتياطي الإلزامي للبنوك خلال الأشهر المقبلة. وفي إطار هذا السياق، من المنتظر أن يتحدث مسؤولو البنك في مؤتمر صحفي عن السياسات المالية والاقتصادية لتعزيز النمو. تأتي هذه النقاشات في خضم تحديات كبيرة يواجهها الاقتصاد الصيني، بما في ذلك تراجع مستويات الطلب المحلي وقصور في الإنفاق الاستهلاكي. حتى أن بعض المؤسسات المالية العالمية قد خفضت توقعاتها للنمو في الصين لعام 2024 إلى مستوى أقل من الهدف الحكومي الرسمي المحدد بنسبة 5%. هذا الوضع الاقتصادي الحرج يدفع الحكومة الصينية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لزيادة الاستثمارات وتعزيز الانفاق. على الرغم من الخطوات المتخذة، إلا أن الوضع الاقتصادي الصيني لا يزال هشًا، مشيرًا إلى أن الأسعار قد تتجه نحو الانخفاض مما يزيد من المخاوف من إمكانية حدوث ركود اقتصادي. لقد أصبح الانكماش موضوع جدل واسع بين الاقتصاديين، فقد عُرف عن الاقتصاد الصيني بأنه دولة تعتمد بشكل كبير على الاستثمارات والتصدير، ولكن مع تراجع الطلب المحلي، تلزم الحكومة نفسها بإيجاد حلول جديدة. يرى بعض الخبراء أن هناك بوادر مقلقة تتعلق بالفجوة بين المستويات المرتفعة للديون التي تحملها الأسر والشركات ونمو الناتج المحلي. هذا التحدي يتطلب من الحكومة أيضًا إصدار سياسات أكثر مرونة لدعم الاستهلاك المحلي. من جهة أخرى، اعتبر زانغ تشي وي، كبير الاقتصاديين في شركة "Pinpoint Asset Management" أن خفض معدل إعادة الشراء العكسي ليس بالضرورة إشارة إلى تخفيف السياسة النقدية بشكل أكبر. ومع ذلك، قد تتوجه الأنظار نحو خفض معدل إعادة الشراء لمدة سبعة أيام وكذلك خفض نسبة الاحتياطي الإلزامي في المستقبل القريب والبعيد. مع اقتراب العطلات الوطنية، تحث الحكومة الصينية على تحقيق أهداف التنمية الاقتصادية والاجتماعية للعام. وقد أكد الرئيس الصيني شي جين بينغ مرارًا على أهمية استكمال تلك الأهداف لتحقيق استقرار طويل الأمد وجهود تعزيز النمو. في خضم كل هذه التحديات، يبقي الاقتصاد الصيني مستمرًا في استكشاف معادلات جديدة لتحقيق التحفيز الاقتصادي. ولذلك، ينظر إلى الاجتماع الذي سيعقده مسؤولو البنوك الوطنية على أنه لحظة حاسمة لتحديد المسار المستقبلي للاقتصاد الصيني في بيئة اقتصادية شديدة التعقيد. تسلط هذه الأوضاع الضوء على أهمية وجود استراتيجية شاملة لإدارة الأزمات المالية والتنموية. مع تزايد الضغوط الناجمة عن المخاطر الاقتصادية، من المتوقع أن تتخذ الصين مزيداً من التدابير النقدية المحفزة للتعامل مع هذا الوضع. في النهاية، يظهر أن الاستثمار في الاستقرار المالي قد يكون المحور الرئيسي للإصلاح. تبقى الآمال معقودة على قدرة الحكومة على تجاوز التحديات الاقتصادية والمالية، وتعزيز الثقة في السوق، وبالتالي دعم النمو. فالتعزيزات التي يقدمها بنك الشعب الصيني قد لا تكون كافية وحدها لإعادة تحفيز الاقتصاد، ولكنها تمثل خطوة ضرورية نحو الاتجاه الصحيح. الشارع الصيني يتطلع إلى التحليلات والإجراءات التي سيطرحها المسؤولون في الأيام المقبلة، حيث يُظهر العالم حقيقة أن داعم النمو ليس إلا المسار القادر على تعزيز الثقة في القوى الاقتصادية لدى الشعب.。
الخطوة التالية