مع تزايد شعبية العملات الرقمية، أصبح من الواضح أن الأجيال الجديدة، وخاصة جيل الألفية (Millennials) والجيل زد (Gen Z)، يلعبون دورًا محوريًا في تشكيل سوق العملات الرقمية في أوروبا. كشفت دراسة استطلاعية حديثة أجرتها منصة "بيتباندا" عن العديد من الأنماط السلوكية والتحولات في اهتمامات تلك الفئات العمرية تجاه هذا السوق المتسارع. تُبرز دراسة "بيتباندا" أن جيل الألفية والجيل زد ليس فقط من بين أكبر المتبنين للعملات الرقمية في أوروبا، بل هم أيضًا الأكثر تطورًا من حيث المعرفة التقنية والفهم للأسواق المالية. حيث أظهرت النتائج أن ثلثي المشاركين في الدراسة من هاتين الفئتين العمرية يعتقدون أن العملات الرقمية ستكون جزءًا أساسيًا من حياتهم المالية في المستقبل. تدعم هذه الدراسة فكرة أن العملات الرقمية لم تعد مجرد صيحة أو مخاطر للاستثمار، بل أصبحت جزءًا لا يتجزأ من الاستراتيجيات المالية للأجيال الشابة. حيث إن أكثر من 50% من المشاركين في الاستطلاع قالوا إنهم يمتلكون بالفعل عملات رقمية، بينما أبدى 30% من المشاركين غير المالكين شعورهم بالإيجابية حيال الاستثمار فيها في المستقبل القريب. تتنوع أسباب اهتمام الجيل الجديد بالعملات الرقمية. من بين الأسباب الرئيسية هو الشعور بالاستقلالية المالية والرغبة في الابتعاد عن النظام المالي التقليدي. يرى العديد من هؤلاء الشباب أن العملات الرقمية توفر لهم فرصًا أفضل للاستثمار وتحقيق الأرباح مقارنة بالأسواق التقليدية. في هذا السياق، وثقت الدراسة أيضًا أن ما يقرب من 40% من المشاركين يعتبرون وسائل التواصل الاجتماعي كأحد أبرز المصادر للحصول على معلوماتهم حول العملات الرقمية. حيث يلجأ الكثيرون إلى منصات مثل تويتر، إنستغرام، وتيكتوك لتبادل الملاحظات والأفكار حول تداول العملات وتوجهات السوق. وهذا يعكس مدى تأثير الثقافة الرقمية والاجتماعية على قرارات الاستثمار لدى الأجيال الشابة. وعلى الرغم من الفوائد المحتملة للاستثمار في العملات الرقمية، إلا أنه لا يزال هناك بعض الحذر بين هؤلاء المستثمرين الصغار. فقد أشار الاستطلاع إلى أن حوالي 45% من المشاركين يشعرون بالقلق بشأن تقلبات السوق والمخاطر المرتبطة بها. وهذا يعني أن التعليم حول كيفية تداول العملات الرقمية وإدارة المخاطر يعتبر أمرًا محوريًا لضمان نجاح هؤلاء المستثمرين في المستقبل. أحد النقاط البارزة في الدراسة هو أن الشفافية والثقة في المنصات المالية تلعب دورًا كبيرًا في جذب الجيل الجديد. حيث أشار 60% من المشاركين إلى أنهم يفضلون استخدام منصات تتمتع بسمعة جيدة وشفافية واضحة في عملياتها. وهذا يعني أن الشركات التي تسعى لجذب هؤلاء المستثمرين الشبان يجب أن تولي اهتمامًا خاصًا لمبادئ النزاهة والشفافية. لافائدة من إنكار أن الوضع الاقتصادي الحالي أيضًا يساهم في دفع الجيل الجديد نحو العملات الرقمية. فمع التزايد المستمر في معدلات التضخم وعدم الاستقرار الاقتصادي، يبحث الكثيرون عن طرق جديدة لحماية مدخراتهم وزيادة فرصهم المالية. ولأن العملات الرقمية تمثل نوعًا من الأمان النسبي في أوقات الأزمات، فإنها تصبح خيارًا جذابًا لهؤلاء المستثمرين. يتوقع الخبراء أن يستمر هذا الاتجاه في النمو، حيث نرى مزيدًا من الابتكارات التقنية والأفكار الجديدة تدخل عالم العملات الرقمية. كما تزداد الشراكات بين المؤسسات المالية التقليدية ومنصات العملات الرقمية، مما يسهل على الجيل الجديد الوصول إلى هذه الأسواق. إن اهتمام جيل الألفية والجيل زد بالعملات الرقمية يتجاوز مجرد الاستثمار، حيث يراهن الكثيرون على أن هذه التكنولوجيا ستكون لها تأثيرات طويلة الأمد على كيفية تصرف الأفراد والمؤسسات في العالم المالي. ومع ظهور المزيد من الحلول المبتكرة، يمكننا أن نتوقع تحولات كبيرة في طريقة تعامل الناس مع الأموال. ومع اقتراب العالم من عصر جديد من التكنولوجيا المالية، يتوجب على اللاعبين في السوق، بما في ذلك الشركات والمستثمرين، أن يتحلوا بالمرونة وأن يكونوا على استعداد للتكيف مع التغييرات والتحديات الجديدة. في الختام، تُظهر دراسة "بيتباندا" أن الجيل الجديد لا يزال يستحوذ على حصة كبيرة من سوق العملات الرقمية، مع مجموعة من السلوكيات والتوجهات الفريدة التي تعكس استجابته للعالم الذي يعيش فيه. من الواضح أن هذا الاتجاه ليس مجرد ظاهرة عابرة، بل هو تحول جذري في كيفية النظر إلى المال والاستثمار. لذلك، ينبغي على المستثمرين والمبتكرين في هذا المجال أن يظلوا متيقظين للتغيرات المستمرة وأن يكونوا مستعدين للاستفادة من الفرص التي قد تأتي في المستقبل.。
الخطوة التالية