في أواخر يونيو 2024، اجتمع الصحفي بول ستاروبين مع فلاديمير أموصوف في وارسو، بولندا. أموصوف، الذي كان سابقًا كابتن في وحدة الاستخبارات العسكرية الروسية (GRU)، كان يقاتل كقائد لفرقة متطوعين ضد النظام الروسي، وليس كجزء من الجيش الروسي. القصة التي رواها أموصوف ليست مجرد قصة فردية، بل تعكس حركة أكبر تهدف إلى الإطاحة برئيس روسيا الحالي، فلاديمير بوتين. منذ بداية غزو أوكرانيا في عام 2022، بدأ أموصوف في تحديد فرص وطرق لإسقاط النظام من الداخل. ورغم أن أموصوف جاء من مجتمع الساكا، وهو مجموعة عرقية في سيبيريا تعاني من الفقر، إلا أن ثروات منطقتهم الطبيعية غير مستغلة، مما زاد من شعورهم بالاستياء تجاه النخبة المرتبطة ببوتين. يؤمن أموصوف بأن الوقت قد حان لانتزاع السيطرة من هذه النخبة وإقامة دولة جديدة تمثل مصالح شعبه. تزايد الفقر في مناطق مثل الساكا بالإضافة إلى القمع الشديد للحكومة دفع العديد من الروس، بمن فيهم أموصوف، إلى التفكير في استخدام العنف كوسيلة للتغيير. هؤلاء الثوار الجدد يعتبرون أن أي نوع من المقاومة السلمية بات غير مجدٍ، خاصة بعد وفاة نشطاء مثل أليكسي نافالني تحت ظروف غامضة. أصبح أموصوف جزءًا من مجموعة غير متجانسة تضم كوماندوز روسيين من خلفيات سياسية متنوعة، من اليساريين إلى الفوضويين وحتى القوميين اليمينين. ويعمل العديد منهم من الخارج، وخصوصًا من بولندا، حيث يسعى البعض إلى وضع خطط استعمارية جديدة تهدف إلى تفكيك الفيدرالية الروسية. مع تصاعد الاستياء من النظام، أسس ديمتري سوكولوف، رائد التجنيد لأعضاء الثورة المسلحة، مجلسًا مدنيًا في وارسو لمساعدة الروس على الانتقال إلى أوكرانيا للقتال مقابل طموحاتهم في الحرية. تشير التقارير إلى أن أكثر من 10,000 روسي قد تطوعوا للقتال بجانب القوات الأوكرانية. يعتبر هؤلاء المقاتلون مثالا على الثوار الذين يواجهون النظام الروسي، على الرغم من أنهم لا يشكلون تهديدًا عسكريًا كبيرًا. عند الاجتماع مع سوكولوف، أتضح أن المعلومات المتوفرة عن المساعي الداعمة للإطاحة ببوتين غير متاحة بسهولة. يرفض موردي الأسلحة من الغرب دعمهم公开اً، وهو ما يزيد من تحديات الحركات الثورية. ومع ذلك، يعبر المؤيدون عن آمالهم في تغيير النظام الروسي عبر التحالفات والخطط العسكرية المدروسة. يتحدث المقاتلون عن الألم والمعاناة الناتجة عن غزو أوكرانيا، ويعتقدون أن أعمالهم لن تؤدي فقط إلى إسقاط بوتين، ولكن أيضًا إلى تدمير النظام الفاسد الذي تعود جذوره إلى الحقبة السوفيتية. هناك شوق لشعور من الإحباط والسخط بين المدنيين الروس، مما يؤثر بشكل كبير على لهم في الخارج. بينما يستمر القتال في أوكرانيا، تظل المحادثات مستمرة حول مستقبل روسيا بعد بوتين. تثار العديد من الأسئلة الصعبة حول من سيقود البلاد بعد سقوط النظام، وما الاتجاه الذي ستتخذه. على الرغم من كسر الحواجز الجغرافية والسياسية بين هؤلاء الثوار، تبقى الانقسامات العقائدية ظاهرة واضحة، مما يزيد من التعقيد. يبدو أن النشطاء سواء في الخارج أو داخل روسيا يعرفون أنه لا يوجد هناك خطة واضحة واحدة، بل استراتيجيات متعددة تتباين في طبيعتها وأهدافها. بينما يأمل البعض أن تتحدى الحركات المسلحة بوتين من الداخل، يؤمن آخرون بقدرة المجتمع الدولي على الضغط على روسيا لتحقيق تحولات سياسية. ومع احتدام الصراع، تبقى لحظة الانفجار وشيكة، خاصةً إذا استمرت الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في التدهور. لذا، فإن النشطاء يأملون أن يعبر الوقت عن إنجازاتهم، مستلهمين من الثورات التاريخية التي وقعت في روسيا في الماضي. وفي حين قد تكون أسباب هذه الحركة معقدة ومتفرقة، يبقى الأمل في تحقيق التغيير السياسي ملموسًا لدى المقاتلين. ربما ليس هناك ضوء في نهاية النفق، لكنهم مصممون على إنارة الطريق الذي يأملون أن يقودهم إلى مستقبل أفضل. سيبقى المجتمع الدولي متابعًا، حيث أن كل تحرك من قبل هؤلاء النشطاء يحدث في سياق جيوسياسي معقد يمتد إلى أوروبا وأمريكا. إن الإرادة العازمة للتغيير بين هؤلاء الثوار قد تكون شرارة التغيير التي تحتاجها روسيا للخروج من ظلمة بوتين. بغض النظر عن النتيجة، يظهر أن حرب التغيير متعددة الأبعاد تلك تحمل معها قصة أمل وعزيمة، قصة تتجاوز حدود بلد معين، بل تتخطى زوايا الصراع وتحمل آمال شعوب لانتزاع حريتها في المجتمعات القمعية. لذا، بينما تتجه الأنظار نحو المستقبل، يدرك الكثيرون أن الأسابيع والأشهر القادمة ستكون حاسمة. وما بدأ كمجرد فكرة لتحقيق الثورة قد يتصاعد إلى عمل جماعي من شأنه أن يغير مجرى التاريخ الروسي. وفي مناخ يسوده الشك وعدم اليقين، تبقى الإرادة البشرية كفيلة بالتغلب على أعظم التحديات.。
الخطوة التالية