تحت العنوان "داخل الجهود الأمريكية المحمومة لاحتواء كارثة في الشرق الأوسط"، يبرز التقرير الصادر مؤخرًا على لسان عدد من الصحفيين الأمريكيين تفاصيل الأحداث المتسارعة التي يشهدها الشرق الأوسط، والدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في محاولة لاحتواء الأزمة الحالية. على مدار الشهر الماضي، انخرط العديد من المسؤولين الأميركيين، ومن بينهم وزير الخارجية أنتوني بلينكن، في جهود مستمرة تهدف إلى الحد من دوامة العنف المتصاعدة في المنطقة. إذ لا تزال الأحداث تلقي بظلالها على احتمالية اندلاع حرب شاملة، وهو ما يتجنب الجميع الحديث عنه بشكل علني، رغم أنه يلوح في الأفق. بدأت القصة في شهر يوليو، حينما قامت إسرائيل باغتيال أحد القادة البارزين في حركة حماس، إسماعيل هنية، في طهران. هذه الخطوة أثارت حفيظة العالم العربي، خصوصًا إيران، التي لم تتردد في التعبير عن نواياها بالانتقام لمقتل حليفها. كانت جولة بلينكن الجوية إلى منغوليا في ذلك الوقت تُعتبر رحلة رسمية، لكنها كانت تحمل في طياتها واجبًا ثقيلاً، وهو التباحث مع زعماء العالم العربي بشأن كيفية منع تصاعد الأزمة. في الساعات التي تلت عملية الاغتيال، اتصل بلينكن بعدد من وزراء الخارجية العرب، محذرًا إيّاهم من تداعيات أي رد فعل عنيف قد يقدم عليه الإيرانيون. وبالفعل، حضر وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، إلى طهران، محاولاً التوسط من أجل التوصل إلى تهدئة للأوضاع، حيث دعا بشكل صريح إلى ضرورة الحفاظ على "السلام والاستقرار والأمن". وفي نفس السياق، حاول الرئيس الأمريكي جو بايدن التواصل مع قادة كل من مصر وقطر لعقد جولة جديدة من المحادثات، التي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار في غزة. كان لهذا الاجتماعات غرض غير معلن، وهو تثبيط إيران عن أي هجوم قد يزيد من حدة التوتر، ويظهرها كمسبب للفوضى في المنطقة. لكن رغم جميع المحاولات الدبلوماسية، وحتى الآن، لم تنجح الولايات المتحدة في إحراز تقدم حقيقي نحو وقف إطلاق النار. وقد عبّر عدد من المسؤولين الأمريكيين عن قلقهم من أن هذه الفشل قد يهدد الجهود المبذولة لاحتواء الحرب. فعلى الجانب الآخر، كانت هجمات حماس وعمليات الانتقام الإيرانية تتوالى، مما يزيد الوضع تعقيدًا. يفسر المراقبون تلك الديناميكية المتوترة بأنها نتيجة لتراكمات طويلة من النزاعات الإقليمية، حيث تتداخل فيها المصالح السياسية والاقتصادية. كما أن تأثير القوى الكبرى، خاصة الولايات المتحدة، يجعل الأمور أكثر تعقيدًا مما يبدو للوهلة الأولى. فبينما تسعى واشنطن للحفاظ على استقرار المنطقة، تعاني من ضغوط داخلية تتطلب منها أيضًا السعي نحو تحقيق مصالحها الاستراتيجية. الأمور تتجه نحو مزيد من التعقيد، حيث يرى كثيرون أن الأمور يمكن أن تخرج عن السيطرة في أي لحظة. جهود بلينكن الحثيثة وإن كانت قد ساهمت في تأخير اشتعال الفتيل، إلا أن الهدوء الهش الذي يعم المنطقة هو بمثابة برميل من البارود يمكن أن ينفجر في أي لحظة. مع تزايد المخاوف من حرب شاملة، تتباين الآراء حول دور الولايات المتحدة. بينما يرى البعض أنها تلعب دورًا إيجابيًا في محاولة لتحقيق السلام، يعتبر آخرون أن تدخلاتها قد تكون مصدرًا لمزيد من التوتر. وفي حين يتجه الجدل حول الأسلوب الأمثل للتعامل مع الأزمات، يبقى السؤال حول ما إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على حقًا على احتواء الكارثة التي تهدد الشرق الأوسط. الأحداث تتسارع، والمشاهد تتغير باستمرار. ومع كل مكالمة هاتفية، أو اجتماع دبلوماسي، تبدو الأمور أكثر تعقيدًا. فالأسابيع القادمة قد تكون حاسمة، وقد تكون لحظة فارقة في تاريخ المنطقة. وكلما زادت الضغوط، زاد التحدي أمام واشنطن، ومعها المجتمع الدولي، في مواجهة هذه الأزمات المتزايدة. تدرك الإدارة الأمريكية جيدًا أن الحرب في الشرق الأوسط ليست مجرد نزاع إقليمي، بل هي مسألة تحمل في طياتها تداعيات عالمية. لذلك، فإن كل لحظة تمر دون حل تعد بمثابة فرصة ضائعة قد لا تتكرر مرة أخرى. في هذا السياق، تكمن الأهمية القصوى لفهم ما يجري، والبحث عن حلول دائمة، بدلاً من الاكتفاء بإطفاء الحرائق عندما تشتعل. بينما يسعى العالم للتوصل إلى التهدئة المرتقبة، يبقى المواطنون في المنطقة يعيشون تحت وطأة التوتر والخوف. إنهم يشاهدون بأعينهم الأحداث تتوالى، ويأملون في أن يوما ما ستعود إليهم السلامة والأمان، بعيدا عن دوامة العنف والصراعات التي تؤرق حياتهم.。
الخطوة التالية