تسعى مؤسسة التأمين الفيدرالي على الودائع (FDIC) إلى إصلاح كيفية تعامل البنوك مع الشركات المالية التكنولوجية (FinTech) بعد حدوث أزمة أظهرت ضعف النظام. يأتي هذا التوجه في ظل الفشل الأخير لشركة "Synapse Financial Technologies" ومشاكل عملائها في الوصول إلى مدخراتهم. تتطور التقنيات المالية بسرعة، مما أدى إلى ظهور عدد كبير من الشركات الناشئة في هذا المجال، حيث تقدم حلولًا مبتكرة تتيح للمستخدمين الاستفادة من خدمات مصرفية خاصة دون الحاجة إلى البنوك التقليدية. ومع ذلك، فإن التحديات التي نشأت نتيجة لهذه التحولات تؤكد ضرورة وجود إطار تنظيمي قوي لضمان حماية المودعين وسلامة النظام المالي. أعلن رئيس FDIC، مارتن غرينبرغ، أن الاقتراح الجديد سوف يتطلب من البنوك الاحتفاظ بسجلات دقيقة للحسابات المتصلة بشراكاتها مع الشركات المالية التكنولوجية. يشمل ذلك إنشاء سجلات خاصة وحسابات تفصيلية تمكن البنوك من معرفة المالك الحقيقي للودائع التي تم وضعها في البنوك من خلال طرف ثالث، مثل شركات FinTech. جاء هذا الإجراء بعد انهيار شركة "Synapse" في أبريل الماضي، والتي كانت تقدم الخدمات المالية للعديد من الشركات الناشئة، مثل "Juno" و"Yotta". أدت هذه الفشل إلى عدم قدرة العملاء على الوصول إلى مدخراتهم، مما زاد من القلق حول كيفية عمل نظام التمويل في الولايات المتحدة. تظهر الأحداث الأخيرة الحاجة الملحة لبناء ثقة أكبر في النظام المصرفي. يعتقد البعض أن هذه القوانين الجديدة ستساعد على تعزيز هذه الثقة، حيث ستضمن أن البنوك تدرك تمامًا كيف تتم معالجة الودائع والتعامل مع البيانات المالية. ومن المتوقع أن يتم التطبيق الفعلي لهذه القواعد بعد انتهاء فترة التعليقات العامة والتي تمتد لـ60 يومًا. تعتبر هذه الخطوات أيضًا محاولة لمواجهة المخاطر المرتبطة بالتعاون بين البنوك والشركات المالية التكنولوجية. إذ أن الاعتماد المستمر على الوسطاء مثل "Synapse" زاد من تعقيد الأمور. حيث تم تجميع أموال العملاء قبل إيداعها في البنوك، مما أدى إلى لبس لدى الكثير من العملاء حول المبلغ المستحق لهم عندما انهار هذا الوسيط. هناك بعض الانتقادات أيضًا، حيث يُخشى من أن تفرض هذه القواعد الجديدة تكاليف إضافية على الشركات، مما قد يؤثر سلبًا على الابتكار في قطاع التكنولوجيا المالية. قد يتطلب التوافق مع هذه القواعد الكبيرة تغييرات جذرية في أنظمة البرمجيات والعمليات الداخلية للبنوك والشركات الناشئة، مما قد يثقل كاهل مواردهم. رغم ذلك، هناك آراء إيجابية تدعم هذه الخطوة كوسيلة لتعزيز الثقة العامة في التأمين على الودائع الفيدرالية. إذ يعتقد العديد من الخبراء أنه يجب على البنوك تعزيز شراكاتها مع الشركات المالية التكنولوجية ولكن بطريقة تحمي حقوق المودعين. إدراك هذا التعقيد بشكل أفضل سيمكن البنوك من التحكم بشكل أفضل في المخاطر وضمان أن تكون الأموال المودعة في أي بنك آمنة بالكامل. يُظهر التحليل العميق لمكامن الخلل في النظام الحالي أن الإجراء المقترح يجب أن يعزز من الإجراءات المتبعة ضد غسل الأموال وتمويل الإرهاب. فعلاقات الشراكة بين البنوك والشركات المالية التكنولوجية غالبًا ما تكون مجهدة، ووجود إطار تنظيمي واضح سيكون له تأثير إيجابي على سلامة هذه العلاقات. من جهتها، أظهرت بعض البنوك بالفعل ترددًا في الشراكة مع شركات وسيطة مثل "Synapse" بعد هذه الأحداث. حيث يعتمد عدد من البنوك على العمل مباشرة مع الشركات الناشئة، مما يسهل عملية التواصل ويعزز من مستويات الثقة. هذا المنهج الجديد يضمن أن الشركات الناشئة تدرك تمامًا كيف تُدار أموال عملائها، ويوفر وضوحًا أكبر للجميع حول كيفية التعامل مع البيانات المالية. على الجانب الآخر، اختارت بعض الشركات المالية الكبرى مثل "SoFi" و "LendingClub" أن تبني أو تشتري بنوكها الخاصة، وهو ما يعطيهم سيطرة أكبر على عملياتهم وهناك من يفضل الشراكة المباشرة مع البنوك بدلاً من الاعتماد على وسطاء. ومع زيادة القوانين واللوائح، فإن مستقبل العلاقات بين البنوك والشركات المالية التكنولوجية قد يتخذ شكلًا مختلفًا. بينما يسعى FDIC إلى تعزيز الثقة بين المستهلكين في النظام المصرفي، فإن الحاجة إلى الابتكار والتقدم لا تزال قائمة. في عالم يعتبر فيه السرعة والدقة من القيم الأساسية، يجب على البنوك والشركات الناشئة العمل معًا لتحسين تجارب العملاء وضمان أن تظل الأموال آمنة. يتفق العديد من الخبراء على أن هذه اللوائح الجديدة قد تؤدي إلى تقليل الاعتماد على الشركات الوسيطة، مما يساهم في تحول سوق الخدمات المالية بشكل إيجابي. وفي حين أن سوق الخدمات المالية يواجه تحديات كبيرة، فإن الإبداع والشراكة الفعالة بين البنوك والشركات المالية التكنولوجية يمكن أن يحدثان فرقًا كبيرًا. في النهاية، التحديات التي واجهتها "Synapse" كانت بمثابة جرس إنذار للبنوك في جميع أنحاء البلاد. الآن، مع وجود توجه واضح نحو تنظيم أكثر صرامة، يمكن أن ينشأ نظام مصرفي أكثر أمانًا واستقرارًا. إن تعزيز إطار التنظيم لن يضمن فقط سلامة النظام المالي بل يعيد أيضًا الثقة التي فقدت في أوقات الأزمات السابقة.。
الخطوة التالية