تسارعت وتيرة نمو صناعة الذكاء الاصطناعي بشكل ملحوظ منذ عام 2022، مما أثار الكثير من النقاش حول كيفية تنظيم هذه الصناعة المتقدمة. في حين يعتقد بعض مؤسسي الشركات الناشئة أن فرض تنظيمات على الصناعة الحالية قد يعيق الابتكار، يرى آخرون أن الانتظار حتى ظهور مشكلة حادة يمكن أن يؤدي إلى ردود فعل قانونية غير مدروسة. إحدى الشخصيات البارزة في هذا المجال هي هيلين تونر، المديرة للاستراتيجية ومنح الأبحاث الأساسية في مركز الأمن والتكنولوجيا الناشئة، والتي شغلت سابقًا منصبًا في مجلس إدارة شركة OpenAI. خلال مشاركتها في حدث StrictlyVC الذي أُقيم في يونيو، تناولت تونر مخاوف صناعة الذكاء الاصطناعي من التنظيمات، حيث أكدت أن في الواقع يجب أن يخشى اللاعبون في هذا المجال من التنظيمات التي قد تظهر بشكل عفوي لاحقًا. قالت تونر إن التأخير في إقرار تنظيمات مناسبة في الوقت الحالي قد يتسبب في تعرض صناعة الذكاء الاصطناعي لنفس مصير الصناعات الأخرى مثل العملات الرقمية ووسائل التواصل الاجتماعي. فعندما تتعرض هذه المجالات لإشكاليات معينة، يتفاعل المشرعون بسرعة ويقدمون تشريعات قد تكون صارمة أو غير مدروسة بدقة. ولذلك، فإن وجود تنظيمات مبكرة يمثل وسيلة فعالة لتفادي أزمات مستقبلية قد تتطلب استجابة قانونية متسرعة. واقترحت تونر أن المطورين والمستثمرين في الذكاء الاصطناعي يجب عليهم الانخراط بنشاط في المناقشات حول التنظيمات المناسبة. إذ ينبغي على الشركات من جميع الأحجام والقطاعات التواصل مع صانعي السياسات في واشنطن ومع اللوبينغ حول كيفية عمل شركاتهم وما يمكن أن تبدو عليه اللوائح المحتملة، وكيف ستؤثر على أعمالهم. يمكن أن تساهم هذه المساهمات في تشكيل التنظيمات التي تخدم مصالحهم بدلاً من أن تكون مفروضة بشكل غير مناسب. وبالحديث عن الشركات الصغيرة والناشئة، أكدت تونر على أهمية أن تكون هذه الشركات مستعدة لمواجهة التنظيمات المحتملة. يجب على الشركات أن تراقب بانتظام كيفية تدريب أنظمتها، وكيفية اختبارها، والبيانات التي تستخدمها. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تكون لديها سجلات دقيقة حول النماذج التي تعتمد عليها في منتجاتها، حيث إنه في العديد من الشركات الكبيرة، لا يتم الاحتفاظ بسجلات دقيقة حول النماذج المستخدمة، مما يمكن أن يؤدي إلى مشاكل قانونية مستقبلية. بينما تجري الكونغرس الأمريكي جلسات استماع حول تنظيم الذكاء الاصطناعي، فإن تونر تعتقد أن التنظيمات ستصبح في نهاية المطاف واقعاً، ولكنها ليست متأكدة من أنها ستأتي قريبًا، بغض النظر عن نتائج الانتخابات الحالية. إذا كان عليها أن تراهن، فإنها تفضل أن تقول إنها لا تتوقع تغييرات كبيرة على المستوى الفيدرالي، مما يثير تساؤلات حول ما قد يحدث حول هذه القضية في المستقبل. وفي وقتٍ يكافح فيه المشرعون للاتفاق على كيفية التعامل مع الذكاء الاصطناعي، يمكن أن يتفاجأ الجميع بأن التحولات التي اختاروا إجرائها ستكون مؤلمة. تعتبر قضية تنظيم الذكاء الاصطناعي من القضايا الأكثر حيوية في العصر الحالي، حيث تضع التحديات الكبرى المتعلقة بالأمان والخصوصية ضغوطًا على المشرعين لتطوير إطار عمل نتوقع أن يكون أكثر صرامة مما يتمنى اللاعبون في هذه الصناعة. ولكن إذا تم تنفيذ لوائح منظمة بعناية، يمكن أن تخلق بيئة أعمال أكثر استقرارًا وتحمي المستخدمين من الإشكاليات المحتملة التي قد تنشأ نتيجة لاستعمال الذكاء الاصطناعي بطريقة غير آمنة. إن أهمية تنظيم الذكاء الاصطناعي ليست فقط في حماية المستخدمين، بل تشمل أيضًا تشجيع الابتكارات التي تأخذ اتجاهًا مسؤولًا ولصالح المجتمع. الشركات التي تتبنى تنظيمات مسبقة قد تجد أنها تعزز من سمعتها وتحسن من موقفها التنافسي في السوق، حيث يمكن أن يرى المستثمرون والجمهور أنهم ملتزمون بمسؤولياتهم. وفي المجموع، يجب على صناعة الذكاء الاصطناعي أن تتعاون وتتشارك المعلومات مع المشرعين، وأن تستعد لوضع تنظيمات تعالج التحديات بطريقة فعالة. ولا شك أن تنظيم هذه الصناعة في الوقت الحالي هو أفضل طريقة لتجنب الأزمات المستقبلية، والحد من الحاجة إلى ردود فعل تهدف إلى تقليل الأضرار بدلاً من التركيز على تحسين الأوضاع. ختامًا، إن تشكيل مستقبل الذكاء الاصطناعي يعتمد ليس فقط على الابتكار ولكن أيضًا على إطار تنظيمي مدروس يوازن بين حماية المستهلك ودعم النمو المستدام للصناعة. التعاون بين الشركات الناشئة وصناع القرار يمكن أن يكون مفتاحًا لتحقيق هذه الرؤية، مما يمهد الطريق لبيئة تكنولوجية متطورة وآمنة.。
الخطوة التالية