في السنوات الأخيرة، شهدت منصات التواصل الاجتماعي الكثير من التغييرات والتطورات، مما أدى إلى تنوع كبير في التجارب التي تقدمها للمستخدمين. ومع تزايد الضغوطات النفسية والاجتماعية التي تواجه الكثيرين بسبب انتشار الأخبار السلبية والمنافسة المستمرة على الانتباه، ظهرت اهتمامات جديدة في منصات تركز على التواصل الفعّال والمحتوى الهادف. من بين هذه المنصات، نجد "سترافا" و"ليتر بوكسد" اللتين شهدتا زيادة ملحوظة في عدد المستخدمين، بسبب رغبتهم في البحث عن ملاذ بعيد عن الضغوطات والتوترات التي تميز معظم تجارب التواصل الاجتماعي الحالية. "سترافا" هو تطبيق مخصص للرياضيين، يمكن المستخدمين من تتبع أنشطتهم الرياضية ومشاركتها مع الآخرين. يتميز هذا التطبيق ببيئة تشجع على التحفيز المتبادل والتفاعل الإيجابي بين مستخدميه، حيث يمكن للرياضيين التنافس ومشاركة إنجازاتهم في جو من الإيجابية والدعم. وفي ظل الأوقات الصعبة التي يعيشها الجميع، أصبحت "سترافا" مكانًا للهروب من التوترات النفسية، حيث يختار الرياضيون أن يكونوا جزءًا من مجتمع متواصل يدعم التقدم الشخصي. من جهة أخرى، يأتي "ليتر بوكسد"، الذي يعتبر منصة لمحبي السينما والأفلام. يمكّن المستخدمين من تسجيل ومراجعة الأفلام التي شاهدوها، ومشاركة أفكارهم مع الآخرين. خاصة في الأوقات التي يكون فيها التفاعل الاجتماعي محجوبًا أو محدودًا، أصبح "ليتر بوكسد" ملاذاً لمحبّي الفن السابع، حيث يمكن للأفراد التعرف على أشخاص يشاركونهم نفس الاهتمام في الأفلام، وتبادل التوصيات، وبناء صداقات جديدة مع الحفاظ على روح الإبداع والتعبير الثقافي. ما يميز كلتا المنصتين هو التركيز على الخبرات الشخصية بدلاً من المنافسة على عدد المتابعين أو إعجابات المنشورات، وهي أحد أبرز مشكلات الوسائط الاجتماعية التقليدية. حيث يشعر الكثير من المستخدمين بالإرهاق من التصورات المعزولة التي تقدمها معظم المنصات، مما دفعهم إلى البحث عن تجارب أكثر أصالة وتفاعلاً. تزايدت استخدام "سترافا" و"ليتر بوكسد" في ظل الأوقات القاسية التي واجهها الناس خلال جائحة فيروس كورونا. حيث انخفضت الأنشطة الرياضية في أماكن محددة، ما دفع الرياضيين إلى البحث عن وسيلة للتفاعل في بيئة أكثر أمانًا. وفي نفس الوقت، انكب محبو السينما على مشاهدة الأفلام بشكل أكبر في منازلهم، مما زاد من الحاجة إلى منصة تتيح لهم مناقشة الأفلام التي يشاهدونها. تتجه الأنظار إلى كيفية تأثير هذه الاتجاهات على مستقبل وسائل التواصل الاجتماعي، حيث تسعى هذه المنصات إلى تقديم بيئة أقل توترًا وأكثر دعمًا وتفاعلًا. وقد تبدأ الشركات الأخرى في تبني استراتيجيات مماثلة تساعد على تحسين تجارب مستخدميها. لذلك، يمكن أن نستنتج أن هناك تحولًا كبيرًا في كيفية استخدام مستخدمي الإنترنت لتطبيقات التواصل الاجتماعي خلال السنوات الأخيرة. وهذه التغييرات تشير إلى حاجتهم المتزايدة للعثور على بيئات أكثر إيجابية وبناءة. ومع ازدياد شعبية "سترافا" و"ليتر بوكسد"، قد يستمر هذا الاتجاه، مما يعطي الأمل في تطوير منصات جديدة تجمع بين التفاعل الاجتماعي والإيجابية. على الرغم من أن هذه المنصات قد لا تتنافس مع عمالقة وسائل التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك أو إنستغرام، إلا أنها أثبتت أن هناك مساحة لصيغ جديدة من التواصل والتفاعل الاجتماعي. قد تكون هذه الأشكال الجديدة أقل نقدًا، وأكثر تقبلًا لتنوع الأفكار والتجارب. مع مرور الوقت، يمكن أن تلعب "سترافا" و"ليتر بوكسد" دورًا رائدًا في تشكيل رؤية جديدة لمستقبل وسائل التواصل الاجتماعي. فنحن بحاجة إلى منصات تدعم الأفراد بدلًا من استغلالهم، وتأخذ بعين الاعتبار المشاعر والتجارب الشخصية لكل فرد. تُظهر هذه الاتجاهات أن الابتكار في هذا المجال يمكن أن يأتي من القلوب والعقول، وليس فقط من بيانات المستخدمين. وفي الختام، يُظهر ارتفاع استخدام "سترافا" و"ليتر بوكسد" كيف يمكن للتطبيقات التي تركز على الفائدة الشخصية والتفاعل الاجتماعي الإيجابي أن تكون بمثابة ملاذات للمستخدمين الذين يبحثون عن بيئات صديقة وداعمة. في عالم يمتلئ بالتحديات والمشاكل، قد تكون هذه منصات جديدة تعطي الأمل وتعزز التواصل الإنساني في جو أكثر إيجابية ونسق تعاوني. كلما استمر الناس في البحث عن طرق جديدة للتواصل والمشاركة، من المحتمل أن نرى المزيد من الابتكارات التي تركز على تعزيز الروابط الإنسانية وتعزيز الصحة النفسية.。
الخطوة التالية