في ضوء التطورات المتسارعة التي تشهدها أسواق الأصول الرقمية، أجرى مؤخرًا "روبى ميشتنيك"، رئيس الأصول الرقمية في شركة بلاك روك، تصريحات مثيرة للجدل، إذ اعتبر أن العملة الرقمية "بتكوين" يجب أن تُصنف كأصل "مخاطر منخفضة" وليس كما يُعتقد على أنها "مخاطر عالية". هذا التحول في الحديث عن العملات الرقمية يعكس نظرته الأوسع حول مستقبل البتكوين ودوره المحتمل كبديل عالمي للنقود. خلال مقابلة له في برنامج على قناة بلومبرغ، أوضح ميشتنيك كيف أن تصنيف البتكوين كأصل من فئة المخاطر العالية قد يكون مضللاً. على الرغم من أن البتكوين شهد ارتباطًا قويًا بالأداء العام للأسواق المالية الأمريكية، إلا أن هناك أسباب تدفعنا لإعادة تقييم هذا التصنيف. فالأصول "المخاطرة" مثل الأسهم والسلع والسندات عالية المخاطر، تعتبر بشكل تقليدي الأفضل أداءً في أوقات التفاؤل الاقتصادي والنمو، بينما تُعتبر الأصول مثل الذهب أكثر جاذبية خلال فترات عدم اليقين. أشار ميشتنيك إلى أن الذهب يظهر أنماط سلوك مشابهة للبتكوين، حيث يمكن أن يكون هناك تزامن مؤقت بينهما، لكن على المدى الطويل، فإن العلاقة بينهما قريبة من الصفر. وهذا يعني أن فهم البتكوين بدقة يتطلب نظرة أبعد من التقلبات اليومية أو الشهرية. من الجوانب المهمة التي سلطت عليها تصريحات ميشتنيك هي أن البتكوين هو أصل غير مركزي، أي أنه لا يخضع لسلطة دولة أو حكومة معينة، مما يعطيه طابعًا فريدًا من نوعه. ويُعتبر البتكوين نادرًا وقابلًا للتعميم على نطاق عالمي، مما يعزز حجته كبديل نقدي عالمي ناشئ. وفرة البتكوين تنبع من الحد الأقصى الذي يمكن أن يصل إليه عدد الوحدات المنتجة، والذي يُعتبر عنصراً أساسياً في قيمته. بالإضافة إلى ذلك، لفت ميشتنيك نظر المستثمرين إلى أن البتكوين لا يتحمل أية مخاطر مرتبطة بدولة محددة أو مخاطر طرف ثالث. وبهذا المعنى، يصبح البتكوين ملاذًا آمنًا في أوقات التقلبات الاقتصادية. وبغض النظر عن الحركة السعرية السريعة التي قد تشهدها العملات الرقمية، فإنها في نهاية المطاف تتمتع بمكونات أساسية تعزز مكانتها كأصل مخاطر منخفضة. ومع ذلك، يُشير ميشتنيك إلى أن هناك هوّة من المعرفة حول "الإيثر"، العملة الثانية في سوق العملات الرقمية. في حين أن البتكوين قد تم تصنيفه بشكل واضح كذهب رقمي من قبل العديد من المستثمرين، فإن الغموض حول طبيعة الإيثر قد يكون أقل وضوحًا. تُستخدم العملة في مجموعة متنوعة من التطبيقات على شبكة الإيثيريوم، مما يجعل فهم قيمتها ودورها أكثر تعقيدًا. تحركات السوق الكبرى مثل شكل ETFs (الصناديق المتداولة في البورصة) تساهم بشكل كبير في تقلبات أسعار البتكوين والإيثر. إذ ارتفعت قيمة البتكوين بنسبة 49% حتى الآن هذا العام، في حين سجل الإيثر زيادة بنسبة 15%، ويرجع السبب الأساسي في هذه الارتفاعات إلى الموافقة على صناديق ETFs المعنية بالعملتين. ومع استمرار النضوج والاستقرار في السوق الرقمية، يتلقى البتكوين المزيد من الدعم كمخزن للقيمة. وقد أدى تزايد الاهتمام من قبل مستثمرين مؤسسيين إلى تعزيز هذه الصورة كملاذ آمن في زمن الأزمات. من المثير للاهتمام أن نلاحظ كيف أن المنظور الذي تقدمه بلاك روك حول الأصول الرقمية قد بدأ يؤثر على نهج عدد كبير من المستثمرين. بلاك روك، التي تُعرف كواحدة من أكبر شركات إدارة الأصول في العالم، تؤكد مرارًا وتكرارًا على أهمية الاعتراف بالإمكانات الكامنة للعملات الرقمية. التحول نحو اعتماد البتكوين كأحد الأصول ذات الخطورة المنخفضة يعكس رؤية الشركة الأعمق حول مستقبل الاقتصاد الرقمي. وقد يعكس ذلك أيضًا رغبة بلاك روك في مواكبة التغيرات السريعة في الأسواق العالمية. تتجه الأنظار الآن إلى ردود الفعل من مختلف المستثمرين والمحللين في ضوء هذه التصريحات، وكيف ستؤثر على ثقة الجمهور والمستثمرين في العملات الرقمية. يتسم عالم الأصول الرقمية بالتقلب، لكن تصريحات ميشتنيك تُبرز الحيوية المتزايدة والشرعية المحتملة للبتكوين في النظام المالي العالمي. ختامًا، قد تكون تصريحات بلاك روك بمثابة نقطة تحول في كيفية فهم المستثمرين للبتكوين كأصل. مع استمرار تطور الاقتصاد الرقمي، ستكون هناك حاجة لمزيد من النقاشات المعمقة حول المخاطر والمنافع المرتبطة بالاستثمار في العملات الرقمية. وستظل الأسواق تراقب بعناية كيف يمكن أن تتفاعل هذه الديناميكيات مع سلوك المستثمرين في المستقبل.。
الخطوة التالية