تشير التقارير الأخيرة إلى أن منصتين شهيرتين، هما "سترافا" و"ليتر بوكسد"، شهدتا زيادة ملحوظة في عدد المستخدمين، وهو ما يعكس رغبة قوية لدى الأفراد في إيجاد ملاذات اجتماعية بعيدة عن الضغوط النفسية والتوترات المرتبطة بوسائل التواصل الاجتماعي التقليدية. تُعتبر هذه الظاهرة تجسيداً لتغيرات عميقة في كيفية تفاعل الناس مع التكنولوجيا والعالم الرقمي. استطاعت "سترافا"، التي تركز على مجتمع الرياضيين وعشاق اللياقة البدنية، أن تجذب انتباه الشباب والممارسين للرياضات المتنوعة. ويعتمد المستخدمون على هذه المنصة لتتبع أنشطتهم الرياضية، سواء كانت ركضًا أو ركوب دراجات أو حتى رياضات مائية. تتيح "سترافا" لمستخدميها مشاركة إنجازاتهم وأوقاتهم الشخصية مع الأصدقاء، مما يعزز من تواصلهم ويوفر لهم منصة متخصصة تعكس اهتماماتهم. على الجانب الآخر، برزت "ليتر بوكسد" كواحدة من أكثر المنصات تميزاً لمحبي السينما والأفلام. توفر هذه الخدمة للمستخدمين القدرة على تسجيل الأفلام التي شاهدوها، تدوين مراجعاتهم، واكتشاف أفلام جديدة من خلال توصيات الأصدقاء أو مجتمع المنصة. تعد "ليتر بوكسد" ملاذًا لعشاق الفن السابع الذين يبحثون عن مكان يتشاركون فيه شغفهم دون ضغط اللحظات الفورية أو الإشعارات المزعجة التي تعكر صفو تجربة المشاهدة. ترتبط الزيادة في عدد مستخدمي هاتين المنصتين بزيادة الوعي حول تأثير الوسائط الاجتماعية التقليدية على الصحة النفسية. فقد أظهرت دراسات متعددة أن الاستخدام المفرط لوسائل التواصل الاجتماعي الشهيرة قد يؤدي إلى شعور بالقلق والاكتئاب، بالإضافة إلى زيادة في مستويات التوتر الناتجة عن المنافسة على الانتباه والمظهر العام. مع هذين الشعورين المتزايدين، بدأ الكثيرون في البحث عن منصات بديلة توفر لهم مساحة آمنة دون الضغط الزائد. من اللافت أن كل من "سترافا" و"ليتر بوكسد" لا تقدمان فقط مساحة للتفاعل الاجتماعي، بل ترتكزان أيضًا على الاهتمامات الصحيحة. فبينما تجذب "سترافا" الرياضيين القائمين على نمط حياة صحي، تكافئ "ليتر بوكسد" شغف عشاق الأفلام. هذه التوجهات ساهمت في خلق مجتمعات قائمة على الاهتمامات المشتركة، مما يزيد من الرضا الشخصي لدى الأعضاء. تكمن ميزة هذه المنصات في أنها ليست مجرد أدوات للتواصل، ولكنها تشجع أيضًا على التفاعل العميق والمبدع. فبدلاً من النشر اللحظي وردود الفعل السريعة التي نشهدها في الشبكات الكبرى، تتميز "سترافا" و"ليتر بوكسد" بالمحتوى الذي يتطلب التفكير والوقت. على سبيل المثال، مراجعة فيلم تحتاج إلى تأمل في القصة وأداء الممثلين، بينما تتطلب مشاركة إنجاز رياضي من المستخدم التفكير في الجهد المبذول والأرق الذي يتطلبه كل تدريب. من جهة أخرى، أصبحت هذه المنصات جزءاً من حركة أكبر تشهدها المجتمعات الرقمية. فالكثير من المستخدمين بدأوا يدركون أهمية الانفصال عن التأثيرات السلبية التي قد تفرضها منصات مثل فيسبوك وإنستغرام. هذه الحاجة إلى بيئات أكثر إيجابية وبعيدة عن الضغوطات دفعت الكثيرين للبحث عن تجارب مخصصة تلبي احتياجاتهم الشخصية. في النهاية، يمكن القول إن "سترافا" و"ليتر بوكسد" ليستا فقط بديلاً عن وسائل التواصل التقليدية، بل تمثلان اتجاهًا جديدًا في كيفية تفاعل الأفراد مع التكنولوجيا. أظهرت هذه المنصات أنه عندما يُعطى المستخدمون الإلهام والبيئة المناسبة، فإنهم قادرون على البناء والتطور بشكل ينمي روح الجماعة والتعاون. إن الارتفاع المستمر في عدد مستخدمي هاتين المنصتين يعد بمثابة رسالة واضحة للمطورين وصناع المحتوى بأن هناك حاجة ماسة لمواقع تحتضن الأشخاص بناءً على اهتماماتهم، دون حاجة إلى القلق بشأن التقييمات السطحية أو الضغوط الاجتماعية غير الضرورية. ومع انتشار هذه الاتجاهات، فإن الأمل يبقى معقودًا على إنشاء منصات جديدة تستجيب لهذه الحاجة المتزايدة، مما يمثل فرصة كبيرة للابتكار في عالم وسائل الإعلام الاجتماعية.。
الخطوة التالية