في تطور مثير في الساحة السياسية والقانونية الأمريكية، أكدت تقارير جديدة أن المستشار الخاص جاك سميث ووزارة العدل قد أنفقوا أكثر من 35 مليون دولار في إطار محاكمة الرئيس السابق دونالد ترامب. وهذا الرقم، الذي تم إعلانه حتى شهر مارس، يُعتبر من بين الأكثر ارتفاعًا في تاريخ التحقيقات الخاصة، يبرز حجم الجهود الحكومية المطلوبة لمتابعة هذه القضايا المعقدة. تستمد الاستثمارات المالية الكبيرة سياقها من اثنتين من القضايا الجنائية التي يقودها سميث ضد ترامب. تتعلق هذه القضايا بمساعي ترامب المزعومة للضغط على النتائج الانتخابية لعام 2020، بالإضافة إلى اتهامات بحجب الوثائق الرسمية من البيت الأبيض. إن التكاليف المالية المرتبطة بهذه القضايا تعكس ليس فقط الموارد المستخدمة، ولكن أيضا التعقيد القانوني والسياسي المرتبط بإدارة شؤون ترامب. بحسب البيانات الصادرة عن مكتب سميث، فإن 35.7 مليون دولار تتضمن 19.4 مليون دولار أنفقتها مكتبه مباشرة، إضافة إلى 16.3 مليون دولار من موارد أخرى من وزارة العدل لدعم التحقيقات. تشمل هذه النفقات ساعات العمل المخصصة من قِبل موظفي وزارة العدل، بالإضافة إلى تفاصيل أمنية تحمي سميث نفسه، وهو ما يعكس المخاطر المرتبطة بإجراء تحقيقات ضد شخصية مثل ترامب، والتي غالبًا ما تتعرض لانتقادات شديدة من قبل الرئيس السابق. تتوزع النفقات بشكل كبير، حيث خُصص 11.6 مليون دولار كرواتب ومزايا للموظفين، في حين تم تخصيص 4.6 مليون دولار للخدمات المخصصة مثل تكنولوجيا المعلومات والدعم الفني وخدمات النسخ. وعلى الرغم من تلك النفقات المرتفعة، إلا أنها تُعتبر ضرورية لضمان سير الإجراءات القانونية بسلاسة، خاصةً في ظل الضغوط السياسية والإعلامية العالية. وخلال فترة 6 أشهر الممتدة من أبريل 2023 وحتى سبتمبر 2023، التي شهدت تقديم لوائح اتهام ضد ترامب، بلغ الإنفاق الإجمالي حوالي 14.7 مليون دولار. بينما تم تسجيل 11.8 مليون دولار في الفترة التي تلت ذلك، مما يشير إلى استمرار الجهود المبذولة في هذا الإطار. في الآونة الأخيرة، اتخذ سميث خطوات جريئة في القضايا الموجهة ضد ترامب، حيث اعترض على حكم قضائي أصدرته القاضية إيلين كانون الذي ألغى بعض التهم في قضية الوثائق. وقد أكد سميث أن هذا الحكم يتعارض مع السوابق القانونية العليا، ويحتمل أن يشكل تهديدًا لنظام العدالة بأكمله إذا تم تأييده. التحدي الذي يواجهه سميث لا يقتصر على الإجراءات القانونية فحسب، بل يمتد أيضًا إلى الرياح السياسية المتغيرة. فقد صرح ترامب بأنه في حالة انتخابه مرة أخرى، فإنه سيقوم بإقالة سميث. لكن الخبراء القانونيين يؤكدون أن سميث، بوصفه مستشارًا خاصًا، لا يمكن إقالته إلا لأسباب مشروعة، مثل سوء التصرف، مما يُعقد الموقف السياسي البحت. لا يمكننا تجاهل العواقب المالية للقضايا كذلك. بينما يتفوق إنفاق سميث بمقدار كبير على تكاليف الدفاع لمكتب ترامب، فإن المبالغ التي ينفقها ترامب تتقارب بشكل مثير للاهتمام، حيث قدرت التقارير أنه قد أنفق حوالي 15 مليون دولار في قضية الوثائق فقط. لكن، لدى ترامب مساعدة من لجانه السياسية، مما يجعل هذا الإنفاق أكثر قابلية للتحمل بالنسبة له. بالمقارنة مع المحققين الخاصين الآخرين، يُظهر إنفاق سميث أيضًا أنه أضعاف ما أنفقه المحققون السابقون، مثل روبرت هير الذي قاد التحقيق في احتفاظ بايدن بالوثائق. فعلى مدار أكثر من ثلاث سنوات، أنفق هير 11.3 مليون دولار، بينما تحقق سميث في فترة زمنية قصيرة مبالغ تزيد عن 35 مليون دولار، مما يعكس التعقيد والاستثنائية للقضايا تحت نظره. بينما يستمر النزاع حول تقديم سميث، لا يزال واضحًا أن القضايا المطروحة أمامه غير تقليدية. ردود أفعال ترامب على هذه القضايا كانت قاسية، حيث وصف سميث بأنه "بلطجي" واعتبر التحقيقات بمثابة "مطاردات ساحرة" هدفها إضعاف حملته الانتخابية. تستمر الأمور في التطور، والجدل حول شرعية تعيين سميث كمستشار خاص ما زال قائمًا. بينما يُعتبر محامي ترامب أنه كان يجب إشراكه في عملية التعيين بشكل مباشر، يعتقد خبراء قانونيون أن سميث قدم الدعم القانوني اللازم الذي يبررتأييده. قد تستمر هذه القضايا في التأثير على المشهد الانتخابي الأمريكي وتوجيه النقاشات حول العدالة والمساواة أمام القانون. بينما تدخل هذه القضايا مرحلة حاسمة، سيكون من المثير أن نرى كيف ستتطور الأمور وكيف ستؤثر هذه الديناميات على الانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2024. كلما تعقدت الأمور، تزداد التوترات بين المتنافسين، مما يؤدي إلى مشهد سياسي مُضطرب. في النهاية، يبدو أن تكاليف المحاكمة التي أنفقها سميث تعكس أكثر من مجرد أرقام على ورقة. إنها تراكم مشاهد من التاريخ السياسي الأمريكي الذي يتشابك فيه القانون بالسياسة، حيث تُلعب جميع الأوراق في ساحة لا تُظهر أي علامات على التهدئة. سيتساءل الجميع عما إذا كانت تكاليف تحقيق العدالة تستحق العناء، والأثر طويل الأمد الذي ستتركه هذه القضايا على النظام السياسي الأمريكي برمته.。
الخطوة التالية