في عصرنا الحالي، يشهد قطاع وسائل التواصل الاجتماعي تغييرات جذرية مع ظهور تقنيات جديدة تعتمد على الويب 3.0. تتنافس هذه التقنيات لتصبح البديل المثالي لمواقع السوشيال ميديا التقليدية مثل فيسبوك، التي لطالما كانت في مقدمة هذا المجال. لكن مع اتساع نطاق الابتكارات، بدأت تظهر مشاريع جديدة تدعي قدرتها على «قتل فيسبوك» وخلق بيئات اجتماعية أكثر أمانًا وشفافية. في هذا المقال، سوف نستعرض خمس من أهم هذه المشاريع والتحديات التي تواجهها. أول مشروع يصلح كواحد من "قتلة فيسبوك" هو ميكروبلي (MicroBlee). يعتمد هذا المشروع على تكنولوجيا البلوكتشين لتوفير بيئة اجتماعية حيث يتمتع المستخدمون بالتحكم الكامل في بياناتهم. من خلال استخدام رموز مميزة (tokens)، يمكن للأفراد كسب مكافآت مقابل مشاركتهم في المحتوى، مما يحفز على إبداع وتفاعل أكبر. بما أن الويب 3.0 يركز على عدم المركزية، فإن مستخدمي ميكروبلي سيكون لديهم القدرة على تحديد كيفية استخدام بياناتهم، بعيدًا عن سيطرة الشركات الكبيرة التي وردت الكثير من الانتقادات بسبب ممارساتها. المشروع الثاني هو "سوسيال ريبليكا" (Social Replica)، والذي يهدف إلى إنشاء منصة تواصل اجتماعي قائمة على المجتمع. يتميز هذا النظام بوجود أسواق افتراضية حيث يمكن للمستخدمين تبادل الأفكار والمحتوى بشكل مستقل. تعزز سوسيال ريبليكا من التواصل المباشر بين المستخدمين، مما يقلل من الحاجة إلى خوارزميات معقدة تقوم بتحديد ما يجب أن يراه كل مستخدم. بالإضافة إلى ذلك، فإن نظام الحوافز القائم على العملة الرقمية يجعل من السهل على الأفراد كسب المال من خلال المحتوى الذي ينتجونه. المشروع الثالث هو "ديسنتراليسا" (Decentralisa). تتبنى هذه المنصة نموذجًا لا مركزيًا بشكل كامل، حيث لا توجد أي خوادم مركزية تقوم بتخزين المعلومات. بدلاً من ذلك، يتم توزيع البيانات عبر شبكة من المستخدمين، مما يجعل من الصعب على أي جهة التحكم فيها أو استغلالها. يظهر ديسنتراليسا كبديل مثير للقلق بالنسبة لفيسبوك، حيث يقدم لمستخدميه الخصوصية والحرية الكاملة دون أي تدخل خارجي. إن التركيز على المستخدم هو ما يجعل هذه المنصة مميزة، مما يسمح للأفراد بالتفاعل وفقًا لرغباتهم دون أي ضغوط من المنصات الرئيسية. خامسً، لدينا "نيتورك ميتافيرس" (Network Metaverse)، وهو مشروع يتطلع إلى دمج وسائل التواصل الاجتماعي مع تقنيات الواقع الافتراضي والواقع المعزز. يوفر هذا النظام تجربة تفاعلية فريدة حيث يمكن للمستخدمين التجول في عوالم افتراضية، التفاعل مع آخرين ضمن هذه البيئات، ومشاركة المحتوى كما يرون مناسبًا. هذه المنصة تستفيد من تكنولوجيا الميتافيرس لتوفير تجربة اجتماعية تتجاوز حدود المحتوى التقليدي، مما يفتح آفاقًا جديدة للتفاعل الاجتماعي. لكن رغم التقدم الكبير الذي تحققه هذه المشاريع، تواجهها مجموعة من التحديات. أولًا، القبول والتبني من قبل المستخدمين العاديين سيكون أمرًا حاسمًا. يحظى فيسبوك بشريحة ضخمة من المستخدمين الذين اعتادوا على النظام وواجهة المستخدم التي يقدمها، لذا قد يكون من الصعب إقناعهم بالتغيير. يتطلب هذا الأمر جهودًا تسويقية كبيرة وفهمًا عميقًا للسبب الذي يجعلهما بديلاً أفضل. ثانيًا، هناك التحديات التقنية. على الرغم من القوة التي توفرها تقنيات البلوكتشين واللامركزية، إلا أن هناك مشكلات تتعلق بالأداء وسرعة الوصول. يحتاج المطورون إلى تقديم تجربة مستخدم سلسة مشابهة لتلك التي توفرها المنصات التقليدية، وإلا قد يتحول المستخدمون مرة أخرى نحو الخيارات الأكثر استقرارًا. لننظر كذلك إلى المسائل القانونية والتنظيمية. فيسبوك واجه العديد من التحديات من الحكومات حول العالم بشأن الخصوصية واستخدام البيانات. قد تجد المشاريع الجديدة نفسها تتعرض لنفس الضغوط، بل وأكثر من ذلك بسبب تركيزها على عدم المركزية وخصوصية البيانات. أخيرًا، المنافسة ستكون شرسة. مع المزيد من المشاريع التي تظهر يوميًا، سيتطلب ذلك التفوق في الإبداع والتفرد للبقاء في الميدان. التزام المطورين بتقديم قيمة حقيقية للمستخدمين هو ما سيحدد نجاحهم في نهاية المطاف. في الختام، تشكل هذه المشاريع الخمسة تحديًا مثيرًا لـ فيسبوك وشركات التواصل الاجتماعي التقليدية. مع تركيزها على اللامركزية والخصوصية، توفر بدائل حقيقية للمستخدمين ترغب في تجربة تواصل اجتماعي جديدة. ورغم التحديات التي قد تواجهها، فإنها تمثل الأمل في إنشاء بيئات تواصل اجتماعي أكثر أمانًا وشفافية في المستقبل. في عالم يتطور بسرعة، قد يكون الزمن هو العامل الحاسم الذي سيحدد من سيكون الرابح في هذه المنافسة.。
الخطوة التالية