كانت مدينة كوتور الساحرة، التي تقع في قلب البلقان على ساحل الجبل الأسود، واحدة من الوجهات البحرية الأكثر جذباً للسياح. مع كل روج للرياح ونسيم البحر، تصل السفن السياحية العملاقة إلى هذه المدينة الصغيرة، ولم تكن زيارتي لها أقل سحراً. في هذه المقالة، سأشارككم تجربتي في قضاء يوم كامل في كوتور. بعد مغادرتنا البحر الأدرياتيكي، بدأنا في الإبحار عبر خليج كوتور، والذي يشبه الفجوة الطبيعية المحاطة بالجبال الخلابة. كانت هذه الرحلة بطول ساعتين من المناظر الطبيعية المتنوعة، والتي بفضل تدرجاتها اللونية تتلألأ تحت أشعة الشمس. أجمل ما في هذه الرحلة هو لحظة الاقتراب من المدينة، حيث يمكن رؤية معالمها التاريخية تحت ظلال الجبال. عند وصولنا، ربطنا مركبتنا السياحية وانتقلنا إلى ريفييرا كوتور، حيث تسود الأجواء المنعشة والتي تجذب أنظار الزائرين. توفر الكورنيش المطل على البحر الاسترخاء والهدوء لرواد السياحة، وكانت هي محطتنا الأولى لنبدأ الجولة. نزلنا بالقرب من بوابة البحر، بوابتنا إلى قلب المدينة القديمة. تعتبر كوتور مدينة صغيرة، ولذا لم نحتاج إلى الكثير من الوقت للتنقل مشياً على الأقدام. عند خطونا على الرصيف، كانت تلوح لنا أشجار النخيل وأكياس الزهور المعلقة على الجدران. كان هنالك طابع إيطالي معتدل في تصاميم المباني، مما يضفي سحراً خاصاً على المكان. وجهتنا التالية كانت "ترغ أود أوريجا"، الساحة الرئيسية في كوتور، والتي كانت في الماضي مركزاً تجارياً مهماً. تجولنا بين المعالم المعمارية الجميلة، مثل قصر الأمير والبرج الكبير المعروف باسم "كامبانا". يضفي هذا البرج قيمة تاريخية كبيرة على المدينة، وكنا نتطلع لتسلق الدرجات العديدة للوصول إلى أعلى القمة. بعد تلك الرحلة التاريخية، اخترنا الصعود إلى قلعة سانت إيفان، التي تطل على المدينة. بدأنا رحلتنا متسلقين التدرجات غير المنتظمة، كانت تحدياً جسدياً حقيقياً، لكنه يستحق ذلك. في منتصف الطريق، توقفنا لأخذ أنفاسنا وأخذ صور للمناظر البانورامية للمدينة. يحتوي هذا المكان على عبق التاريخ، حيث كانت القلعة حامية ضد الغزاة في العصور الوسطى، وعلى الرغم من صعوبة الطريق، فإن المنظر من الأعلى كان يعوض كل الجهد. عند الوصول، كافأنا أنفسنا بفنجان من القهوة في مقهى محلي، حيث جلست في الحديقة المحيطة واستمتعنا بمشاهدة الطيور وضياع الوقت في الأحاديث مع زملائنا السياح. كانت تجربة رائعة للتعرف على ثقافة المكان والتواصل مع الناس. ثم بدأنا الجولة في المدينة، حيث زرت كاتدرائية سانت تريفيون. كانت هذه الكنيسة ذات التصميم الروماني البيزنطي تحتوي على مجموعة مذهلة من الأعمال الفنية، واعتبر عدد من الزوار أنها واحدة من أجمل الكنائس في الجبل الأسود. استمتعنا بجمال المساحة الداخلية وهدوء المكان. بينما كنا نتجول في الأزقة الضيقة، نبعث بفكرنا إلى جمال التاريخ الذي عشناه، إن المباني التي نراها هي تجسيد للحضارات التي مرت هنا. يمكن أن نشعر بالتاريخ بين جدرانها، كأن الزمن توقف هنا. بعدما قضينا بعض الوقت في المدينة القديمة، كانت لدينا رغبة قوية في الاستمتاع بالطبيعة، لذلك قررنا التوجه إلى ساحل البحر. على بعد خطوات، وجدنا أنفسنا عند شاطئ البحر، حيث الاسترخاء على الرمال الذهبية. في تلك اللحظة، كانت رغبتنا الوحيدة هي الاسترخاء والاستمتاع بالمياه الزرقاء الصافية. وبعد قضاء بعض الوقت في السباحة تحت أشعة الشمس، كانت لدينا خطط للاستمتاع بوجبة الغداء. لم يكن هناك ما هو أفضل من تجربة الأطباق المحلية، فقد خضنا تجربة تناول الأطعمة المعدة بحرفية، من الأطباق البحرية اللذيذة إلى الحلويات التقليدية. وبعد الغداء، عدنا إلى المدينة للاستمتاع بمزيد من التسوق، إذ اكتشفنا الأسواق المحلية التي تعرض الحرف اليدوية والتذكارات. كانت فرصة رائعة للتفاعل مع سكان كوتور، الذين كانوا دائماً ودودين وترحابين. وفي نهاية اليوم، أعربنا لمرشدنا عن اكتسابنا للكثير من المعلومات حول تاريخ المدينة وثقافتها. كانت كوتور تجربة لا تُنسى، ليس فقط بسبب مناظرها الخلابة، ولكن أيضاً بسبب جوها الثقافي الثر. عادت بنا ذكريات من زيارتها، معللة بجمال تلك الزوايا المتنوعة التي زارها أجدادنا في زمن مضى. عندما أعدنا التوجه نحو السفينة، كانت الشمس تغرب خلف الجبال، مما أتاح لنا التوجه إلى مكان للإطلالة على البيئة الساحرة التي تحيط بكوتور. أخذنا لحظة لاستنشاق هواء البحر قبل أن نغادر، متمنين العودة يوماً ما. كانت تجربة يوم في كوتور مليئة بالبهجة، التاريخ، والثقافة، والترفيه. أتيحت لنا الفرصة لاكتشاف كل جمالية هذه المدينة، مما يجعلها من أفضل الوجهات لكل محبي السفر واستكشاف العجائب.。
الخطوة التالية