السماء ليست ستمطر: لماذا لا تهم سعر البيتكوين في السنوات الأخيرة، أصبحت البيتكوين واحدة من أبرز المواضيع في عالم المال والاستثمار. بفضل ارتفاع قيمتها الجنونية في بعض الأوقات، اعتقد الكثيرون أن البيتكوين هي الحل السحري في الأوقات الاقتصادية الصعبة. ومع ذلك، ومع تراجع أسعارها مؤخرًا، بدأ البعض في التشكيك في جدوى البيتكوين كاستثمار. لكن الحقيقة هي أن سعر البيتكوين، من وجهة نظر طويلة الأجل، ليس هو العامل الأكثر أهمية. بعد انتعاش كبير في الأسعار وصل ذروته في 2021، شهد سوق البيتكوين والأسواق المالية بشكل عام موجة من التراجعات. هذا الوضع جعل الكثير من المستثمرين الجدد يشعرون بالقلق. ومع ذلك، يجب علينا أن نتذكر أن قيمة البيتكوين لا تكمن في سعرها اللحظي، بل في خصائصها الأساسية كعملة لامركزية وأداة للادخار. منذ انطلاق البيتكوين، كان النقد الأكبر الذي وُجه لها هو أنها تعتمد على المضاربة في الأسواق. كثير من المحللين اعتبروا البيتكوين مخططًا Ponzi، يعتمد على الجذب المستمر للاستثمارات الجديدة. لكن تجارب الأسواق السابقة أوضحت لنا أن لجوء المستثمرين إلى البيتكوين كمصدر للأمان الحقيقي، بينما يغادر المضاربون بمجرد ظهور فرصة جديدة تثير اهتمامهم. هذه الظاهرة لم تؤثر سلبا على البيتكوين، بل على العكس، أظهرت أن السوق يحتاج إلى تنقية لتصفية العوامل المضاربة غير المسؤولة. على مدى السنوات الماضية، شهدت البيتكوين زيادة ملحوظة في اعتماد المؤسسات الكبرى وسلطات الدولة على حد سواء. ومع تراجع الأسعار، لا يزال هناك اهتمام كبير من المؤسسات للاستثمار في البيتكوين كأصل آمن. هذا يدل على أن العديد من المستثمرين المحترفين لديهم رؤية طويلة المدى لما يمكن أن تقدمه البيتكوين. إنهم لا ينظرون فقط إلى السعر عند مدخلهم السوق، بل بفكرة مستقبلية واضحة حول التحويلات المالية واللا مركزية. مع العديد من التحديات التي واجهت الأسواق، نجد أن البيتكوين قد ارتفعت بمقدار 331% منذ بداية عام 2020. قد يبدو ذلك غريباً بالنظر إلى الانخفاضات الحالية. لكن من المهم أن نستعرض الأرقام بموضوعية. الأسعار التي نراها اليوم ليست عُرفية عندما ننظر في سياق الأحداث الاقتصادية الأكبر، مثل الطباعة اللامحدودة للنقود من قبل البنوك المركزية وتحولات الأسواق بعد جائحة COVID-19. إذا أخذنا خطوة إلى الوراء، سنرى أن البيتكوين نجت من المصاعب المالية التي أثرّت على الكثير من المتداولين. لقد ظهرت نوعية جديدة من الاستثمار في البيتكوين، تسمي "HODLing"، حيث يتجنب المستثمرون البيع أثناء التراجعات. العائدات الكبيرة على المدى البعيد جعلت هذه الإستراتيجية أكثر واقعية. الاستثمار في البيتكوين يجب أن يُنظر إليه كاستثمار على المدى الطويل، بدلاً من كونه وسيلة ربح سريعة. هذا يتطلب تحولاً في العقلية؛ المستثمرون الذين يركزون على المضاربة السريعة لن يكونوا قادرين على البقاء طويلاً في السوق. من المثير للاهتمام أن بعض الناقدين الذين اعتقدوا أن البيتكوين تعتمد على المضاربين اليوميين هم فقط الذين انتقلوا إلى الأسواق الأخرى بعد تراجع الأسعار. شهدنا كيف تُركض موجات واسعة من المستثمرين الجدد في أوقات الصعود، لكن في كل فقاعة، تخرج نفس النتائج - فالمستثمرون الجدد يقعون في أخطاء فادحة ويخسرون أموالهم مرة أخرى. لذا، فإن تقلبات السوق ليست بالضرورة تعبيرًا عن فشل البيتكوين كعملة، بل تُظهر ضعف المستثمرين الذين لا يملكوا الدعم الكافي لفهم السوق بشكل جيد. كما أن الميل لتحدث فقط عن سعر البيتكوين يمكن أن يشتت الانتباه عن القيم التي توفرها هذه العملة الرقمية. البيتكوين ليست فقط وسيلة للدفع، بل هي أداة للتحول الاقتصادي، حيث توفر الأمان والتحكم على الأموال. يمكن للأفراد تخزين ثروتهم والتعامل بها دون الحاجة إلى الاعتماد على البنوك والأنظمة المصرفية التقليدية. عندما نتأمل في الأمور من منظور أكثر عقلانية، نجد أن السوق الحالي يشهد تصحيحًا ضروريًا. هذا التصحيح قد يكون مؤلمًا للمستثمرين على المدى القصير، لكنه يجب أن يُعتبر جزءًا من عملية تطور السوق. في النهاية، سيرتفع الوعي حول فوائد البيتكوين وخصائصها الأساسية. لم تُثبط البيتكوين عزيمتها أمام التحديات التي مرت بها، بل أظهرت مدى قوتها كأكبر شبكة عملات رقمية. القيم الجوهرية مثل الأمن واللامركزية هي التي ستستمر في جذب المجتمعات والمستثمرين في المستقبل. وبينما يستمر النقاش حول قيمة البيتكوين، يجب على الجميع أن يتذكروا أن السماء ليست تسقط. إن ما نشهده هو تحولات طبيعية في السوق، وتقلّبات أسعار هي جزء لا يتجزأ من أي نظام نقدي. بدلاً من الانغماس في القلق بشأن السعر، حان الوقت لنتبنى نهجًا أكثر إيجابية تجاه البيتكوين وننظر إلى إمكانياتها الأكبر كعملة لامركزية. في ختام هذه الرؤية الإيجابية، يجب على المستثمرين تذكّر أن القيم الحقيقية هي ما يُبنى عليها مستقبل البيتكوين. بدلاً من التركيز على مخاوف قصيرة الأجل، علينا أن نُعزز إدراكنا حول الفوائد طويلة الأجل التي تُقدمها البيتكوين. في عالم مليء بالتغييرات والتحولات، تبدو البيتكوين كأحد أوجه الأمل التي تستحق التزامنا ودعمنا في رحلة التغيير الاقتصادي.。
الخطوة التالية