شهدت الساحة المالية الرقمية مؤخرًا نشاطًا ملحوظًا من قِبل ما يُعرف بـ "الحيتان"، أو أولئك الذين يمتلكون كميات ضخمة من البيتكوين. تتزايد الشائعات حول أن هذه الحيتان تسعى لزيادة حيازتها من البيتكوين، مما دفع قلة من المستثمرين الصغار إلى تصفية ممتلكاتهم. على إثر ذلك، أفادت تقارير جديدة بإحصائيات مثيرة تتعلق بمحافظ البيتكوين التي تحتوي على 100 بيتكوين أو أكثر، حيث سجلت مؤخرًا أعلى مستوياتها في 17 شهرًا. وفقًا لبيانات من منصة تحليل blockchain المعروفة باسم Santiment، فإن عدد محافظ البيتكوين التي تحتوي على 100 بيتكوين أو أكثر قد بلغت رقمًا قياسيًّا، حيث تم تسجيل أكثر من 16,120 محفظة في أوائل سبتمبر 2024. جاءت هذه الزيادة بعد مكاسب ملحوظة في حصة البيتكوين التي يحتفظ بها المستثمرون كبار الحجم، أو ما يسمون بـ "الحيتان". قامت Santiment بتوثيق دخول حوالي 283 محفظة جديدة إلى نادي الحيتان في أغسطس فقط، مما يشير إلى عودة قوية للرغبة في شراء البيتكوين بين المستثمرين الكبار، على الرغم من التصحيح السعري الذي شهدته العملة مؤخرًا. هذا الارتفاع في عدد المحافظ يشير إلى أن الحيتان قد تكون واثقة بشأن المستقبل القريب للبيتكوين، حيث يعتقدون أن الأسعار ستستعيد قوتها وتعود للارتفاع. تحاول الصغار، في الجهة الأخرى، التخلص من ممتلكاتهم ربما بسبب القلق المتزايد الناتج عن تقلبات السوق المستمرة. فقد أشار بعض المحللين إلى أن العديد من هؤلاء الصغار يعانون من خسائر مستمرة بسبب الانخفاض الأخير في الأسعار، والذي شهد تراجع البيتكوين من مستوى 62,000 دولار إلى حوالي 58,000 دولار في أواخر أغسطس. عبر آدم باك، الرئيس التنفيذي لشركة Blockstream وواحد من الرواد في مجال العملات الرقمية، عن اعتقاده بأن الحيتان قد عادت للشراء بشكل نشط حتى في أوقات التراجع. وأشار إلى أن هؤلاء المستثمرين يقومون بشراء حوالي 450 بيتكوين يوميًا، وهو نفس كمية البيتكوين التي يتم تعدينها يوميًا، مما يعكس اهتمامهم المستمر بالاستثمار رغم المخاطر. تتناسب الأنماط الحالية مع توقعات عدد من الخبراء والمحللين الذين أشاروا إلى أن النشاط المتزايد للحيتان يمكن أن يكون علامة إيجابية للسوق. حيث أشار فيفيك سين، مؤسس Bitgrow Lab، إلى أن عادةً ما تتبع عمليات الشراء الكبيرة من قِبل الحيتان ارتفاعات قياسية في أسعار البيتكوين. وبالتالي، فإن تزايد عمليات الشراء الحالية قد يشير إلى إمكانية وصول البيتكوين لأسعار قياسية جديدة في المستقبل القريب. بينما تتجه أنظار السوق نحو هذه التطورات، يبقى توتر المستثمرين قائمًا، في ظل استمرارية انخفاض الأسعار وتغيرات الاتجاهات. ففي الثاني من سبتمبر، أظهر مؤشر الخوف والطمع في السوق، الذي يقيس مشاعر المستثمرين، قراءة منخفضة قدرها 26، مما يدل على دخول السوق في منطقة "الخوف". وقد كان لشهر أغسطس تأثير سلبي على المشاعر العامة، حيث كان هناك عدد أكبر من الأيام التي شهدت مشاعر خوف مقارنة بأيام المشاعر الإيجابية. مع ذلك، يرى بعض المحللين أن هذه الحقبة المالية قد تكون فترة تصحيح طبيعية في دورة السوق. حيث يمكن لتقلبات الأسعار أن توفر فرصًا للمستثمرين الذين يختارون الاستثمار في الأوقات التي يبيع فيها الآخرون بدافع من الخوف. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن ندرك أن السوق الرقمية لا تزال حديثة نسبيًّا وأن تصرفات الحيتان قد تؤثر بشكل كبير على الاتجاهات السعرية. إن الفهم العميق لديناميكيات السوق وكيفية تفاعل القيم مع سلوك المستثمرين هو أمر ضروري لأي شخص يرغب في دخول هذا المجال. قد يكون من المهم أيضًا متابعة أخبار الأنظمة والتطورات التنظيمية التي تؤثر على السوق. فتوجهات الدول الكبرى بشأن التعامل مع العملات الرقمية، مثل فرض قيود أو تنظيمات جديدة، يمكن أن تؤثر على الأسعار والاستثمار. كما أن الاهتمام المتزايد من قِبل المؤسسات المالية الكبرى قد يؤدي إلى مزيد من الاستقرار، حيث يمكن أن تعزز الثقة في البيتكوين كأصل مالي قابل للاستثمار. في الختام، يمثل نشاط الحيتان الأخير في سوق البيتكوين إشارة قوية للمهتمين والمتداولين. ومع تزايد استثمارات هؤلاء اللاعبين الكبار، قد نشهد في الفترة القادمة تغيرات في الاتجاهات السوقية، مما قد يرفع معنويات المستثمرين ويعيد الأسعار إلى مستوياتها السابقة أو حتى أعلى. يبقى السؤال: هل ستنجح الحيتان في دفع السوق نحو الارتفاع مرة أخرى؟ الوقت وحده كفيل بالإجابة على هذا السؤال.。
الخطوة التالية