في الآونة الأخيرة، شهدت سوق البيتكوين تغيرات ملحوظة أثارت اهتمام المستثمرين والمحللين على حد سواء. تأتي هذه التغيرات وسط أجواء من الاضطرابات والقلق في الأسواق، ولكن تظهر بعض المؤشرات التي تشير إلى إمكانية اقتراب البيتكوين من قاع جديد. قضية شراء صناديق الاستثمار المتداولة (ETFs) والملوك (Whales) والمستثمرين على المدى الطويل تُعتبر من العوامل الرئيسية الدافعة لهذا الاستنتاج. في البداية، ينظر الكثيرون إلى صناديق الاستثمار المتداولة كأحد المؤشرات الحيوية لمستوى الثقة في سوق البيتكوين. في التاسع من سبتمبر 2024، أظهرت بيانات جديدة تدفقاً صافياً بقيمة 28.7 مليون دولار في صناديق البيتكوين المتداولة في السوق الأمريكية، وهو بمثابة انتعاش بعد فترة طويلة من التدفقات الخارجة التي بلغت قيمتها الإجمالية 1.2 مليار دولار. هذا التحول الملحوظ يمثل نقطة تحول محتملة، خاصة مع الارتفاع الطفيف الذي شهدته أسعار البيتكوين بنسبة 6% في نفس الفترة. تاريخياً، يعتبر سبتمبر شهرًا يميل إلى الهبوط بالنسبة للبيتكوين، ولكن الزيادة الأخيرة في تدفق الأموال إلى الصناديق تعد بمثابة إشارة إيجابية تدل على اهتمام متزايد من قبل المستثمرين المؤسسيين والمحترفين. الجدير بالذكر أن التدفقات السلبية كانت محصورة تقريبًا في صندوقي غرايسكيل (GBTC) و بلاك روك (IBIT)، مما قد يُعزى إلى سياسة إدارتهم الاستثمارية. على الجهة الأخرى، تعود التحركات الكبيرة لملوك البيتكوين لتظهر بقوة. تشير التقارير إلى أن أحد الملوك على منصة "بيت فينيكس" يقوم بجمع حوالي 450 بيتكوين يومياً خلال هذه الفترة. هذا النوع من accumulation يعكس ثقة قوية في الأصول، حيث يتداول البيتكوين حالياً تحت 60,000 دولار، مما يعكس رغبة الملوك في اقتناص الفرص على المدى الطويل. الأمر لا يتوقف عند هذا الحد، بل يُظهر حاملو البيتكوين على المدى الطويل (LTH) أيضًا زيادة في استثماراتهم. وهذا يعني أن هناك نوعًا من الثقة المتزايدة بين هؤلاء المستثمرين الذين يعتقدون بقوة في إمكانيات البيتكوين المستقبلية. تشير البيانات إلى أن خارطة استثمار حاملي البيتكوين على المدى الطويل تسجل زيادة صافية، وهذا يُعتبر تقليديًا إشارة إيجابية لنمو الأسعار في المستقبل. مع كل هذه المستجدات، يبقى السؤال قائمًا: هل نحن في قاع سوق البيتكوين؟ ومع تكوين بيانات أكثر تفصيلًا حول حركة الأسعار والطلب، يرى بعض المحللين أن الوضع لا يزال هشًا. على سبيل المثال، يعتقد المحلل الشهير "بيتر برندت" أن هناك فرصة بنسبة 65% أن يتراجع البيتكوين تحت مستوى 40,000 دولار قبل أن يستعيد زخمه. بالمقابل، يُشير إلى أن السيناريو الأفضل يتمثل في احتمالية الوصول إلى 80,000 دولار مع وجود احتمال ضئيل قوامه 15% للوصول إلى 130,000 دولار بحلول سبتمبر 2025. بالإضافة إلى ذلك، تتزامن هذه التحليلات مع العوامل السياسية التي تُعتبر مهمة في تشكيل أسعار البيتكوين. يعتقد المحلل "غوتام تشوغاني" من شركة بيرنستاين أن نتائج الانتخابات الأمريكية ستلعب دورًا حاسمًا في مسار البيتكوين. إذ يتوقع أن يشهد السوق رد فعل قويًا بناءً على تفوق ترامب أو هاريس، حيث يتوقع أن يصل البيتكوين إلى مستويات قياسية جديدة في حالة فوز ترامب، بينما قد يتعرض لضغوط كبيرة في حالة فوز هاريس، مما قد يؤدي إلى تراجعه إلى مناطق قريبة من 30,000-40,000 دولار. كما أن الأجواء العامة في السوق تُعزز من حذر المستثمرين. فبينما يتزايد الضغط الشرائي من صناديق ETFs والملوك والمستثمرين على المدى الطويل، تبقى الحذر عاملًا مهمًا في قرارات الاستثمار. هذا المزيج من الشك وعدم اليقين يُجعل من الصعب التنبؤ بمسار البيتكوين، رغم الأمل الذي يعبر عنه البعض بوجود علامات على بداية عودة المحتوى الإيجابي. علاوة على ذلك، تلعب التجارة الخاصة من خلال منصات مثل "BYDFi" دورًا متزايد الأهمية في تحفيز عمليات الشراء. توفر هذه المنصات فرصًا للتداول بدون متطلبات تحديد الهوية، مما يُعطي الأريحية للمستثمرين الذين يبحثون عن زيادة تعريضهم للعملات الرقمية في فترة الاضطراب. وفي مجمل الحديث عن البيتكوين ومستقبله، يبدو أن هناك توترًا مستمرًا بين التفاؤل والتشاؤم. بينما تظل تدفقات الأموال إلى صناديق الاستثمار المتداولة علامة على الثقة المتزايدة، يجب على المستثمرين أن يأخذوا في الاعتبار جميع العوامل المؤثرة، بما في ذلك الوضع الاقتصادي والسياسي الحالي. بناءً على هذه المعطيات، يبدو أن سوق البيتكوين مقبل على مرحلة جديدة. هل سيكون هذا هو الوقت المناسب لدخول السوق؟ أم أن التحذيرات الساكنة ستكون صحيحة؟ هذه هي التساؤلات التي ستُشكل جدول الأعمال في عالم العملات الرقمية خلال الفترة القادمة. من المؤكد أن تطورات الأيام والأسابيع المقبلة ستكشف المزيد من الحقائق، ولكن بالنسبة للمستثمرين، سيظل البحث عن المؤشرات المناسبة ضروريًا في اتخاذ القرارات.。
الخطوة التالية