في خطوة تعتبر من بين أكبر التعاونات في مجال مكافحة الجرائم المالية في الهند، قامت منصة بينانس، أكبر بورصة لتداول العملات الرقمية في العالم، بلعب دور محوري في مساعدة وكالة تنفيذ القانون الهندية (ED) في كشف النقاب عن احتيال كبير مرتبط بتطبيق الألعاب "Fiewin" والذي تقدر خسائره بـ 47.6 مليون دولار. تتعلق القصة بكيفية استغلال تقنية العملات الرقمية لتسهيل عمليات الاحتيال في مجالات الألعاب والمراهنات. حيث قام المحتالون بإغراء الضحايا بالوعود بتحقيق أرباح سهلة وسريعة من خلال الاستثمار في ألعاب تسمى "الرهانات الإلكترونية"، لكن بمجرد استثمار الضحايا لأموالهم، كان المحتالون يختفون بأموالهم. وفقاً لبيان صحفي مشترك مع وكالة "Cryptonews"، أوضحت بينانس أن وحدة الاستخبارات المالية التابعة لها قد قدمت معلومات حيوية ساعدت السلطات الهندية في تتبع حركة الأموال وفضح شبكة الاحتيال. وكان التعاون مع ED بمثابة إنجاز كبير، حيث تمكنت الوكالة من الكشف عن الروابط بين المحفظات الرقمية التي استخدمت في تنفيذ هذا الاحتيال. وحول تفاصيل هذا التعاون، قال فرديناندو دي، متخصص التحقيقات في بينانس، إن هذه الحالة تسلط الضوء على أهمية التعاون بين المؤسسات العامة مثل وكالة تنفيذ القانون والكيانات الخاصة مثل بينانس في مواجهة التهديدات الرقمية الحديثة. وهذا الأمر يعكس التزام بينانس بمسؤوليتها تجاه المجتمع وحرصها على تمكين الجهات الرسمية من مكافحة الجرائم المالية. على الرغم من الجهود المبذولة، لم تكشف بينانس أو ED بعد ما إذا كان قد تم استرداد الأموال التي تم الاستيلاء عليها في هذا الاحتيال. وتجدر الإشارة إلى أن هذا التعاون يأتي بعد أن أصبحت بينانس واحدة من القلائل من التبادلات الأجنبية المسجلة لدى وحدة الاستخبارات المالية الهندية، مما يعكس نوعاً من الاعتراف الرسمي في بلد لا يزال سوق العملات الرقمية فيه يواجه تنظيمات مشددة. وكانت بينانس قد تعاونت مع ED في العام الماضي أيضاً في تجميد ملايين الدولارات المرتبطة بعملية احتيالية أخرى مرتبطة بتطبيق ألعاب يدعى "E-Nuggets"، كجزء من تحقيقات غسل الأموال. إن موقف الهند من العملات الرقمية كان وما زال غامضاً بعض الشيء. ففي عام 2022، تم فرض ضرائب صارمة على العملات المشفرة، مما أدى إلى تحول التجار الهنود نحو التبادلات الدولية، وهو ما أثر سلباً في السوق المحلية للعملات الرقمية. ومع ذلك، بعد الحظر المفروض على الكيانات الخارجية، شهدت أحجام التداول عودة إلى التبادلات الهندية. وفي ظل الرئاسة الهندية لمجموعة العشرين في عام 2023، تسعى الهند جاهدة لتحقيق توافق عالمي بشأن صياغة سياسات العملات الرقمية، مما يعكس أهمية هذه القضية على الساحة الدولية. من جهة أخرى، تشير التقارير إلى أن بينانس شهدت زيادة كبيرة في عدد المستثمرين المؤسساتيين الذين انضموا إلى منصتها هذا العام، حيث أعلن الرئيس التنفيذي لشركة بينانس، ريتشارد تنغ، عن زيادة بنسبة 40% في عدد هؤلاء المستثمرين خلال عام 2024. وأوضح تنغ، الذي تولى منصبه كمدير تنفيذي في نوفمبر 2023، أن هذه الزيادة تعكس ثقة متزايدة من قبل اللاعبين الماليين الكبار في سوق العملات الرقمية. على الرغم من التحديات، يعبر تنغ عن تفاؤله بمستقبل العملات الرقمية، مشيراً إلى أن العديد من المستثمرين المؤسساتيين لا زالوا في مرحلة إجراء الفحوص اللازمة قبل اتخاذ خطوات أعمق في هذا المجال. وفي الوقت ذاته، تواجه بينانس حاجة ملحة للامتثال للاجراءات التنظيمية المتزايدة حول العالم. إذ قدمت لجنة تداول العقود الآجلة للسلع (CFTC) شكاوى ضد بينانس العام الماضي بسبب تشغيلها لطرف غير قانوني، ويتعلق الأمر بالتداول على مشتقات الأصول الرقمية وتهربها من القوانين الفيدرالية. علاوة على ذلك، تقدمت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) بشكوى ضد بينانس القابضة ومؤسسها السابق تشانغبينغ تشاو (CZ) بسبب مزاعم تشغيلها لأسواق غير مسجلة. في ختام هذا التعاون مع ED، تبقى كفاءة الأجهزة التنظيمية والجهود المستمرة للتعاون بين القطاعين العام والخاص على المحك، حيث يسعى الجميع لحماية المستخدمين وضمان أن تبقى تلك الأدوات الرقمية آمنة وموثوقة. بناءً على الأحداث الأخيرة، يبدو أن بينانس تؤدي دوراً فعالاً في هذا السياق، مما يجعلها في طليعة القضايا التي تتعلق بالأمان وحماية الأموال في العالم الرقمي. تُعَد هذه الحادثة بمثابة تذكير للجميع بأهمية الحد من المخاطر المرتبطة بالتكنولوجيا الجديدة، وتبرز الحاجة المستمرة للتعاون والتواصل بين الجهات الرسمية والشركات الخاصة في مواجهة التحديات التي تأتي مع الابتكار في عالم العملات الرقمية والألعاب الإلكترونية.。
الخطوة التالية