ترامب وتهديد بيتكوين "صُنع في أمريكا" لهيمنة بتاين الصينية في ظل التغيرات المتسارعة في السوق العالمي للعملات الرقمية، يبدو أن القوس قد انفتح أمام عهد جديد من المنافسة بين الولايات المتحدة والصين في عالم البيتكوين. يتصدر المشهد هذه المرة الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، الذي أطلق حملة جديدة بعنوان "صُنع في أمريكا" لبيتكوين، وهو ما يعتبر تهديداً حقيقياً لشركة بتاين الصينية، والتي تهيمن على سوق تعدين البيتكوين منذ عدة سنوات. يشهد عام 2023 تحولاً كبيراً في استراتيجيات الدول الكبرى تجاه العملة الرقمية. وكانت الصين قد رفعت من حدة هيمنتها على الصناعة من خلال تشجيع تعدين البيتكوين في مناطقها، مستفيدة من الكهرباء الرخيصة والبنية التحتية الكبيرة. لكن مع دخول ترامب على الخط، يأخذ الأمر أبعاداً جديدة. حيث يعد تصريحاته بمثابة دعوة للنشاط الاقتصادي الأمريكي وتدعيم العملة الرقمية بإنتاج داخلي يجعلها محصّنة ضد المخاطر الجيوسياسية. يمثل "صُنع في أمريكا" جزءًا من رؤية ترامب الاقتصادية الأوسع، التي تهدف إلى إعادة تصنيع الاقتصاد الأمريكي وتعزيز الابتكار المحلي. وقد أعلن ترامب عن خطط لإنشاء بنية تحتية متطورة لتعدين البيتكوين في الولايات المتحدة، مع التركيز على الطاقة المتجددة. هذا التوجه قد يجذب الاستثمارات إلى القطاعات المحلية، ويخلق فرص عمل جديدة في مجال التكنولوجيا. تشير التقديرات إلى أن ترامب يسعى لجعل الولايات المتحدة قوة مهيمنة في مجال العملات الرقمية، معتمداً على الابتكار والقدرة التنافسية. يهدف البرنامج المصاحب إلى تعزيز البحث والتطوير في تقنيات التعدين وتقديم حوافز ضريبية للمستثمرين. وفي ظل الدعم الحكومي، من المتوقع أن تبدأ شركات أمريكية جديدة في دخول الساحة، مما يعزز من المنافسة مع بتاين. حتى الآن، هيمنت بتاين على سوق المعدنين، حيث تسيطر على نسبة كبيرة من عملية تعدين البيتكوين العالمي. لكن مع حدوث تحولات في السياسة الأمريكية، يبدو أن المنافسة ستشتد. تعتبر بتاين من الشركات الرائدة في مجال تصنيع أجهزة التعدين، لكن ثقة المستثمرين في الاستثمارات الأمريكية قد تتزايد حالما تبدأ الشركات المحلية في الشروع في عمليات التعدين بكفاءة عالية. وعلى الرغم من أن بتاين لديها الاستفادة من القرب الجغرافي للموارد، إلا أن التحديات البيئية المتعلقة بتعدين البيتكوين قد تضعها أمام انتقادات أكثر حدة. في الجهة المقابلة، فإن ترامب يعد بتعزيز الفوائد البيئية من خلال التركيز على الطاقة المتجددة، مما قد يكسبه دعم المجتمع البيئي. من جانب آخر، يشير الخبراء إلى أن القضايا الجيوسياسية قد تلعب دورًا في هذا الصراع. المعدات الأساسية المستخدمة في تعدين البيتكوين تعتمد على التكنولوجيا المتقدمة. قد تواجه الصين صعوبة في تصدير هذه التكنولوجيا إلى السوق الأمريكية في حال فرضت الولايات المتحدة قيودًا على التجارة. تتزايد الضغوط يوماً بعد يوم على بتاين للتكيف مع البيئة الجديدة. ففي حال نجحت دولة واحدة في تطوير نظام بيئي موثوق ومستدام لتعدين البيتكوين، فإن العواقب بالنسبة للشركات التقليدية مثل بتاين ستكون وخيمة. قد تؤدي الضغوط المحلية والدولية إلى تعميق الفجوات بين الشركات الصينية والأمريكية. لا يقتصر تأثير هذه التحولات على بيئة العملات الرقمية فحسب، بل يتجاوز ذلك إلى مجالات التجارة العالمية والسياسات الاقتصادية. يتوقع المحللون أن يؤدي تنافس البيتكوين بين البلدين إلى ظهور أساليب جديدة في التنظيم والتحكم هذا من جهة، وتحفيز الابتكار من جهة أخرى. وبالنسبة للمستثمرين، فإن هذا الصراع قد يقدم فرصاً جديدة وتحولات مثيرة. في حال أصبح البيتكوين الأمريكي أكثر استقراراً وموثوقية، قد يؤدي ذلك إلى انخراط مستثمرين جدد في السوق. أصبحت العملات المشفرة أكثر انتشاراً، وفي ظل توفر خيارات تتضمن تقنيات أكثر تطوراً، فإن المؤشرات تبين أن السوق قد يكون أمام فصول جديدة من النمو. ومع ذلك، ينبغي على الولايات المتحدة اتخاذ احتياطات مناسبة لمواجهة الضرائب والتشريعات المتعلقة بأمن المعلومات، فعدم القيام بذلك قد يؤدي إلى نتائج عكسية. يتطلب استثمار أموال ضخمة في هذا القطاع بناء نظام قانوني واضح وحماية للمستثمرين. لذا، يجب أن تجد الإدارة الأمريكية التوازن بين دعم الابتكار وحماية حقوق المستثمرين. بجانب ذلك، يبرز النقاش حول أخلاقيات تعدين البيتكوين وتأثيراتها على البيئة. حيث يخشى الكثيرون أن يؤدي تعدين البيتكوين إلى زيادة الانبعاثات الكربونية، وهذا موضوع يتطلب المزيد من البحث والتطوير. يتعين على دول مثل الولايات المتحدة التي تسعى للتفوق في هذا المجال أن تبحث عن حلول مستدامة لتقليل البصمة البيئية للعملة الرقمية. في الختام، فإن الصراع على هيمنة البيتكوين بين أمريكا والصين يفتح آفاقاً جديدة للابتكار والتعاون. وقد يشكل ترامب مع مشروعه "صُنع في أمريكا" نقطة انطلاق جديدة لبناء اقتصاد رقمي أكثر استدامة وعدلاً. على الرغم من التحديات، فإن إمكانية تحقيق مكاسب كبيرة في المستقبل من خلال الابتكار والمنافسة قد تكون حافزًا رئيسيًا لجذب الاستثمارات إلى الولايات المتحدة. المناظر التي تستعد للتشكل في سوق البيتكوين ستظل تستحوذ على انتباه العالم بأسره، حيث تترقب الصناعة بتوتر ما ستؤول إليه الأمور في المستقبل القريب.。
الخطوة التالية