في عصر التكنولوجيا الحديثة والتغيرات الاقتصادية السريعة، برزت مصطلحات جديدة تكتسب شعبية متزايدة في مجال التبرعات والمساعدات الخيرية. من بين هذه المصطلحات "صناديق التبرعات الموصى بها" (Donor-Advised Funds) والتبرع بالأسهم وال cryptocurrencies. إن هذه الأدوات توفر للمتبرعين وسائل فعالة لتعزيز تأثير عطاياهم وتحقيق أكبر الفوائد الضريبية. تعتبر صناديق التبرعات الموصى بها بمثابة حسابات خاصة تُستخدم لتخزين التبرعات الخيرية. ولكن ما يميز هذه الصناديق هو أن المتبرعين يمكنهم توجيه كيف ومتى يجب إنفاق هذه الأموال على المشاريع الخيرية. هذا النوع من التبرعات يمنح الأفراد الحافز لتقديم أموالهم دفعة واحدة، حيث يمكنهم الحصول على خصم ضريبي فورًا ولكن مع القدرة على اتخاذ القرارات حول كيفية استخدام هذه الأموال في المستقبل. من جهة أخرى، يعد التبرع بالأسهم خيارًا مثيرًا. فعندما يمنح الأفراد الأسهم التي قد ارتفعت قيمتها، يمكنهم تجنب دفع الضرائب المترتبة على الأرباح الرأسمالية، مما يزيد من كمية الأموال المتاحة للمشاريع الخيرية. يمكن لمتبرع قدم أسهماً بقيمة 10,000 دولار أن يتجنب دفع الضرائب المرتبطة بزيادة القيمة، وفي المقابل يوجه المبلغ الكامل نحو الأعمال الخيرية. تقدم هذه الطريقة فرصة فريدة للاستثمار الاجتماعي، حيث تتيح للفرد تخصيص جزء من ثروته نحو أهداف سامية. أما بالنسبة للعملات الرقمية، فقد شهدت هذه الأخيرة طفرة هائلة في السنوات الأخيرة. سواء كان ذلك بيتكوين، إيثيريوم، أو غيرها من العملات المشفرة، احتلت مكانة بارزة في عالم الاستثمارات والتبرعات. العديد من المؤسسات الخيرية بدأت تقبل التبرعات بالعملات الرقمية، وذلك نظرًا لرؤية الكثير من المانحين في هذا الخيار كوسيلة مستقبلية للتبرع. يعد التبرع بالعملات الرقمية آمنًا وسريعًا، مما يجعلها جذابة للجيل الجديد من المتبرعين. يعد التبرع بالعملات الرقمية أيضًا وسيلة غير تقليدية للتخطيط المالي. فبفضل الخصوصية التي توفرها بعض العملات، قد يكون بإمكان المتبرعين أن يقدموا تبرعاتهم بشكل مجهول، وهو ما قد يجذب المزيد من الأشخاص للتفكير في إمكانية التبرع. ومع ذلك، فإن هذه الأدوات ليست خالية من التحديات. يواجه المتبرعون العديد من التساؤلات حول جوانب قانونية وضريبية مرتبطة بكل من صناديق التبرعات والأسهم والعملات الرقمية. يجب على الأفراد استشارة مستشار مالي للحصول على نصائح دقيقة تتعلق بكيفية التعامل مع هذه الأدوات بشكل قانوني ومفيد. ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل إن هناك تنظيمات غير ربحية تبرز بشكل متزايد تستخدم هذه الأدوات لجعل تأثيرها أكبر. من خلال استغلال صناديق التبرعات الموصى بها، يمكن للمنظمات تدوين أهدافهم المالية بوضوح وتوجيه التبرعات نحو المشاريع التي تتماشى مع رسالتهم. تحقيق الدخل يمكن أن يؤدي ، في النهاية، إلى تحسين الخدمات التي تقدمها. على مستوى الأفراد، يبدو أن الشباب هم الأكثر تفاعلاً مع المفاهيم الجديدة للتبرع. حيث إنهم يفضلون التكنولوجيا ويعوّلون على خيارات سهلة وفعّالة. ومن الجدير بالذكر أن الكثير من هؤلاء الشباب يبحثون عن قنوات للتعبير عن تضامنهم مع القضايا الاجتماعية والبيئية عبر تقنيات حديثة مثل العملات الرقمية. ومع ذلك، لا يزال التبرع التقليدي يحتفظ بمكانته القيمة. الكثير من الناس لا يزالون يفضلون التبرع النقدي المباشر لمؤسساتهم الخيرية المفضلة، حيث يشعرون بأن هذا الخيار يضمن أن أموالهم ستصل إلى المشروع مباشرة. إن الفوائد الضريبية للمتبرعين تظل عاملاً رئيسياً في تحفيز التبرعات، خاصة عندما تتعلق بالاستثمار في الصناديق التبرعية أو الأسهم. ولكن يبقى السؤال: كيف يمكن للمؤسسات الخيرية أن تتواصل بشكل فعال مع المانحين وتوضح لهم خيارات التبرع المتاحة؟ تستطيع المنظمات الخيرية خلق حملات تعليمية لتعريف المانحين بفوائد التبرع بالأسهم أو العملات الرقمية. من خلال ورش العمل والندوات، يمكن للمنظمات توضيح كيفية عمل هذه الأدوات والأثر الكبير الذي قد تحدثه على المجتمع. وفي ختام هذا المقال، من الواضح أن أدوات التبرع التقليدية والجديدة تتكامل لتعزيز القدرة على إحداث التأثير الإيجابي. من خلال صناديق التبرعات الموصى بها، أو التبرع بالأسهم أو العملات الرقمية، يمكن للمتبرعين المساهمة في قضايا عظيمة وتحقيق أهدافهم الخيرية بطرق مريحة وفعّالة. وفي عالم يشهد تغيرات سريعة في كيفية نظرنا للعمل الخيري، يصبح الابتكار والتطوير جزءاً لا يتجزأ من مشهد العطاء. إذا كنت ترغب في التبرع، فقد حان الوقت للتفكير في كيفية استخدام هذه الأدوات لتحقيق التغيير. كل تبرع يُحدث فرقاً، وكل قرار يُتخذ في إطار العطاء يمكن أن يترك أثرًا لا يُنسى في حياة الآخرين.。
الخطوة التالية