في السنوات الأخيرة، شهدت العملات الرقمية طفرة هائلة في عالم التمويل، مما جذب انتباه كل من المستثمرين والهيئات الحكومية. إحدى هذه الهيئات، والتي تعتبر من الأهم في الولايات المتحدة، هي مصلحة الضرائب الأمريكية (IRS). في الوقت الذي يتعلق فيه الأمر بالعملات الرقمية، يبدو أن مصلحة الضرائب أصبحت أكثر حزمًا واهتمامًا باستيفاء القوانين الضريبية المتعلقة بهذه الأصول الجديدة والتأكد من أن الجميع يلتزمون بالإبلاغ عن معاملاتهم بشكل صحيح. تحتوي العملات الرقمية، مثل البيتكوين والإيثيريوم، على خصائص فريدة تجعلها مختلفة عن الأصول التقليدية. ومع ذلك، من منظور الضرائب، تعتبر السلطات الأمريكية العملات الرقمية كأصول مالية مشابهة للعقارات أو الأسهم. يعتمد هذا التصنيف على قانون الضرائب الأمريكي، حيث يُطلب من مالكي هذه الأصول الإبلاغ عن أي مكاسب أو خسائر قد تتكبدها عند بيع أو تبادل هذه الأصول. تتمثل أهم التغييرات الأخيرة التي أجرتها مصلحة الضرائب في تعديل أسئلة نماذج الضرائب الخاصة بها. على سبيل المثال، في نموذج 1040 للسنة الضريبية 2022، تمت إضافة سؤال جديد يعكس اهتمام المصلحة بمعلومات أكثر دقة حول المعاملات المتعلقة بالعقود الرقمية. السؤال الجديد يتضمن: "في أي وقت خلال عام 2022، هل قمت باستقبال، بيع، تبادل، هدية، أو أي شكل من أشكال التصفية لأصل رقمي؟" وهذا يشمل أيضًا الرموز غير القابلة للاستبدال (NFTs)، مما يدل على اتساع نطاق الرقابة على جميع الأصول الرقمية. الجمهور الذي يملك العملات الرقمية قد يشعر بالخوف أو القلق من تأثير هذه القوانين الجديدة. فالكثير من المستثمرين في العملات الرقمية لم يدركوا بالضرورة أنهم مطالبون بالإبلاغ عن أرباحهم أو خسائرهم، أو حتى عن الهدايا التي قد يتلقونها من الأصدقاء أو العائلة. والآن، تأتي نداءات مصلحة الضرائب الأمريكية لضمان أن يتمكن الجميع من فهم التزاماتهم الضريبية بشكل أفضل. من الجدير بالذكر أن مصلحة الضرائب قد اتخذت خطوات صارمة لضمان الامتثال الضريبي في هذا المجال. وباستخدام أوامر قانونية، تمكنت من إجبار منصات تداول العملات الرقمية على تقديم معلومات حول العملاء الذين لم يبلغوا عن معاملاتهم بشكل صحيح. يشير هذا إلى أن الهيئة تبحث عن طرق للقضاء على الفجوة الضريبية، وهي الفرق بين ما يتوقع أن يدفعه المواطنون وما يقومون بالفعل بدفعه. وفي ظل التقرير الأخير عن الثغرات الضريبية المتعلقة بالعملات الرقمية، فقد وضعت مصلحة الضرائب عينيها بشكل خاص على طريقة تعامل الأفراد مع هذه الأصول. تُعزى الزيادة في الرقابة على العملات الرقمية أيضًا إلى التشريعات الجديدة التي تهدف إلى تنظيم هذا السوق المتنامي. في عام 2021، تم تمرير قانون البنية التحتية الثنائي، الذي يشدد على متطلبات الإبلاغ لمتداولي العملات الرقمية. ومن المقرر أن تدخل هذه المتطلبات حيز التنفيذ في عام 2023، مما يعني أن المشاكل المتعلقة بالإبلاغ الضريبي لن تختفي في أي وقت قريب. لكن ما يزيد الأمور تعقيدًا هو النقاش المستمر حول تحديد "وسيط" العملات الرقمية. حيث اقترح مجموعة من السيناتورات التشريعات التي تهدف إلى توضيح المعنى القانوني للوسيط، مما يعني أن بعض كيانات مثل مطوري البرمجيات ومقدمي خدمات المحفظة قد يتم إعفاؤهم من التزامات الإبلاغ. هذا النقاش يمكن أن يؤثر بشكل كبير على طريقة تعامل مختلف الكيانات مع اللوائح الضريبية. في ختام الأمور، من الضروري أن تكون على دراية أن مصلحة الضرائب لن تتوانى في استخدام كل الوسائل المتاحة لها لضمان الامتثال الضريبي. إذ تشير التقارير إلى أن الحكومة قد أعدت ميزانية كبيرة تصل إلى حوالي 80 مليار دولار بموجب قانون خفض التضخم، منها جزء ملحوظ مخصص لزيادة القدرة على تنفيذ القوانين وإنفاذها، بما في ذلك تلك المتعلقة بالعملات الرقمية. كل ما سبق يظهر بوضوح أن أي مستثمر أو متعامل في السوق الرقمية بحاجة إلى متابعة التطورات في هذا المجال. من المهم أن تكون لديك سجلات دقيقة لجميع معاملاتهم، سواء كانت شراء أو بيع أو حتى تبادل العملات. سيتيح لك ذلك التأكد من أنك ملتزم بجميع اللوائح الخاصة بالتقارير الضريبية وتجنب المشكلات المستقبلية مع مصلحة الضرائب. في النهاية، سيستمر عالم العملات الرقمية في النمو والحركة، لذا تأكد من أنك مستعد للتكيف مع أي تغييرات أو قوانين جديدة قد تطرأ. كما يمكنك دائمًا الاستعانة بخبير ضريبي لمساعدتك في فهم التزاماتك وكيفية الإبلاغ بشكل صحيح عن تداولاتك. إذا كنت تستثمر في العملات الرقمية، تذكر أن الأمر لا يتعلق فقط بالاستثمار في الأصول الرقمية، بل يتطلب أيضًا الالتزام بالمسؤوليات الضريبية المرتبطة بهذه الأصول.。
الخطوة التالية