حذر غاري جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، من الموقف المتردد الذي تتبعه بعض الشركات في صناعة العملات الرقمية، حيث أكد في تصريحات حديثة أن البيتكوين لا يزال يُعتبر سلعة وليس عملة في نظر اللوائح والقوانين الأمريكية. تأتي هذه التصريحات في وقت يزداد فيه الضغط على الصناعة للتقيد بالقوانين المعمول بها، خاصة بعد سلسلة من الفضائح والاختلاسات التي شهدتها السوق في الفترة الأخيرة. في مؤتمر صحفي عُقد في واشنطن، أوضح جينسلر أن البيتكوين بمثابة "سلعة رقمية" وهو ما يجعل له تصنيفاً مختلفاً عن الأصول التقليدية. وأشار إلى أن هذا التصنيف يشرع للجهات التنظيمية فرض قواعد خاصة تتعلق بالشفافية وحماية المستثمرين. وأضاف أن البيتكوين هو في جوهره مورد يتم استخدامه بشكل مشابه للذهب، مما يجعله يتوافق مع تعريف السلع في الأنظمة المالية الأمريكية. وشدد جينسلر على أهمية الالتزام بالقوانين من قبل الشركات الناشطة في مجال العملات الرقمية. وقد انتقد سلوكيات بعض الشركات التي تتجاهل توجيهات المؤسسة التنظيمية، مما يزيد من المخاطر التي يتعرض لها المستثمرون. وتأتي هذه الانتقادات بعد تعرض بعض الشركات الكبرى في الصناعة للتحقيق بسبب ممارساتها المالية غير الشفافة. علاوة على ذلك، أوضح جينسلر أن لجنة الأوراق المالية والبورصات ستستمر في توجيه المزيد من الجهود لمراقبة وإدارة السوق الرقمية لتحقيق أعلى مستوى من الأمان للمستثمرين. وأكد أن عدم الالتزام بالقوانين لن يُغفر، وأن الشركات التي تتجاهل اللوائح قد تواجه عقوبات صارمة تصل إلى إغلاق أوضاعهم التشغيلية. وفي حديثه عن الابتكارات التكنولوجية في هذا المجال، أعرب رئيس SEC عن قلقه من أن هذه الابتكارات قد تفتح الباب أمام الاحتيال واستغلال الثغرات الأمنية. ووضّح أن هناك حاجة ماسة لتطوير أطر تنظيمية تلبي احتياجات النمو المستدام في السوق بينما تحمي المستثمرين. من جهة أخرى، فإن تنامي ظاهرة العملات الرقمية يجعل من الصعب على الهيئة التنظيمية مراقبتها بشكل فعال. فمع وجود آلاف من العملات البديلة، يتطلب الأمر موارد هائلة لتقييم المخاطر المرتبطة بكل عملة. وفي ضوء ذلك، أكد جينسلر أن لجنة الأوراق المالية ستسعى للتعاون مع الجهات الحكومية الأخرى لتطوير استراتيجيات تنظيمية فعالة. وذكر أيضاً أنه يجب على شركات العملات الرقمية أن تأخذ الأمور بجدية، وأن تتبنى نهجاً شاملاً للتقيد بالقوانين. ففي ظل وجود عمليات احتيال جعلت العديد من المستثمرين يفقدون أموالهم، فإن حالة عدم اليقين هذه تضر بسمعة الصناعة بالكامل. كما أشار جينسلر إلى بعض المحاولات التنظيمية السابقة التي باءت بالفشل بسبب عدم التزام الشركات بالقوانين. وهذا يدعو إلى تسريع وتيرة العمل على تطوير تشريعات جديدة تلائم خصائص السوق الرقمية. وأكد أن الحوار مع الشركات سيكون أساسياً في صياغة هذه القوانين. في سياق متصل، يتساءل العديد من المستثمرين عن مستقبل البيتكوين والعملات الرقمية في ضوء هذه التوجهات التنظيمية. ومع تزايد الضغوط من الهيئات التنظيمية، قد تواجه العملات الرقمية تحديات كبيرة في السنوات القادمة. ومن المؤكد أن التغييرات في القوانين قد تؤثر على حركة السوق وتوجهات المستثمرين. وعلى الرغم من التحديات، يتفق العديد من الخبراء على أن هناك إمكانيات كبيرة لاستخدام التكنولوجيا الرقمية في المستقبل. وذكرت بعض الدراسات أن الابتكارات مثل تقنية البلوكشين قد تخلط الأوراق في العديد من الصناعات. لكن هذه الابتكارات تحتاج إلى إطار تنظيمي يساعد على الحفاظ على الاستقرار المالي وحماية المستهلكين. ختاماً، يأتي تأكيد جينسلر على وضع البيتكوين كسلعة في إطار مواجهة تحديات تنظيمية جديدة. وفي ظل البيئة المتقلبة التي يسودها عدم اليقين، يبدو أن العوامل التنظيمية ستلاقي اهتماماً أكبر من المستثمرين والشركات على حد سواء. وفي ظل السعي نحو تحقيق معيار أعلى من الشفافية، يتضح أن صناعة العملات الرقمية تتجه نحو مزيد من الالتزام بالقوانين، وهو ما قد يسهم في بناء ثقة أكبر من قبل المستثمرين ويعزز من استقرار السوق.。
الخطوة التالية