في عام 2024، أصدرت شركة CallMiner تقريرها السنوي حول مشهد تجربة العملاء (CX)، والذي أظهر نتائج مثيرة تتعلق بمدى تأثير الذكاء الاصطناعي التوليدي على استراتيجيات خدمة العملاء. أُجري هذا الاستطلاع بالتعاون مع Vanson Bourne، وشمل العديد من قادة الاتصال ومجموعة واسعة من الصناعات بما في ذلك الخدمات المالية والرعاية الصحية والتجزئة والتكنولوجيا. تكشف نتائج الاستطلاع أن 87% من هؤلاء القادة يعتبرون أن تنفيذ الذكاء الاصطناعي التوليدي هو مفتاح لتعزيز جودة تجربة العملاء، بينما يعتقد 91% أن هذه التقنية ستساعد في تحسين استراتيجيات تجربة العملاء بشكل عام. تتزايد أهمية الذكاء الاصطناعي في عالم الأعمال، وذلك بفضل التقدم التكنولوجي المتسارع، والذي يسمح للمنظمات بجمع وتحليل كميات هائلة من البيانات. وبعد عامين من التحول الكبير الذي شهده مجال الذكاء الاصطناعي، يبدو أن المنظمات الآن تتبنى نهجًا أكثر جدية واستراتيجية تجاه تنفيذه. في السابق، كانت الكثير من المؤسسات تسارع في تطبيق تقنيات الذكاء الاصطناعي دون التفكير في التحديات الأمنية أو التكاليف المرتبطة. أما اليوم، فبدلاً من ذلك، يتم التركيز على كيفية استخدام هذه التكنولوجيا لتحقيق قيمة حقيقية للأعمال. ومع ذلك، لا تزال بعض التحديات قائمة. أشار 27% من المشاركين في الاستطلاع إلى عدم معرفتهم بكيفية قياس العائد على الاستثمار في تقنيات الذكاء الاصطناعي. وهذا يدل على ضرورة تحسين الجهود نحو استراتيجيات قياس الفعالية. وعلى الرغم من وجود تحسن طفيف في معرفة التقنيات الأنسب لتلبية احتياجات الأعمال، لا يزال 37% من قادة الاتصال وخدمة العملاء يواجهون صعوبات في هذا المجال، مقارنةً بـ44% في عام 2023. هذا يعني أن الكثير من الشركات بحاجة إلى استراتيجيات وموارد إضافية لفهم كيف يمكن لتقنيات الذكاء الاصطناعي أن تخدم أهدافهم. تظهر نتائج التقرير أيضًا أن هناك تحولًا في هياكل الفرق داخل المؤسسات، مع تزايد أعداد الأدوار المخصصة للذكاء الاصطناعي، مثل Chief AI Officer، بالإضافة إلى تشكيل لجان خاصة بالإشراف على السياسات المتعلقة بتقنية الذكاء الاصطناعي. ومع ذلك، يمكن أن تؤدي هذه التغييرات إلى تفاقم التحديات الموجودة، حيث أفاد 38% من المستطلعين بأن عدم التنسيق حول الأهداف الاستراتيجية يعتبر تحدياً رئيسياً في الوقت الراهن. إحدى المفاجآت التي خرج بها التقرير تشير إلى أن 63% من قادة تجربة العملاء اعترفوا أن تنفيذ الذكاء الاصطناعي كان أكثر تكلفة مما توقعوا. تشمل هذه التكاليف النفقات المتعلقة بتشغيل الفريق المسؤول عن صيانة أنظمة الذكاء الاصطناعي والتي تشكل 42% من الميزانية، بالإضافة إلى الوقت المستغرق لتدريب الموظفين على الاستخدام الفعّال للتكنولوجيا، والذي يمثل 40% من تكلفة التنفيذ. قال جيف جالينو، مؤسس ومدير تنفيذي لـ CallMiner، إن "الذكاء الاصطناعي معقد للغاية ويشمل العديد من الأبعاد، مما يؤثر على كل دور وكل مهمة داخل المؤسسات عبر مجموعة واسعة من الصناعات". كما أوضح أن "تقرير مشهد تجربة العملاء لعام 2024 يوضح أننا عند نقطة تحول. يوجد قلق دائم بشأن تنفيذ الذكاء الاصطناعي والعائد على الاستثمار، ولكن هناك أيضًا تفاؤل كبير بشأن قدرته على إحداث تحول في مراكز الاتصال وتجربة العملاء". يشير التقرير إلى أن المنظمات التي تستطيع تحقيق توازن بين وعود الذكاء الاصطناعي والتنفيذ العملي والآمن ستكون أفضل حالا في الاستفادة من القوة التحولية لهذه التقنية. إن الفهم الجيد لنقاط القوة والضعف في الذكاء الاصطناعي يمكن أن يساعد في تعزيز استراتيجيات تجربة العملاء بشكل كبير. وعلى الرغم من التحديات، يبقى هناك شعور عام بالتفاؤل حول مستقبل الذكاء الاصطناعي في تجربة العملاء. العديد من المؤسسات تعمل بجد لتجاوز التحديات وتحقيق الاستفادة القصوى من هذه التقنية. في عالم يسير بسرعة نحو التحول الرقمي، يصبح الذكاء الاصطناعي أداة حيوية لتحسين العلاقة مع العملاء وإدارة تجاربهم بصورة أكثر فعالية. في الوقت نفسه، فإن الشركات التي تستثمر بشكل متوازن في هذه التقنيات، مع التركيز على التدريب والتطوير وتحقيق العائد على الاستثمار، ستكون قادرة على البروز في السوق التنافسية. فالتحديات ليست مجرد عقبات، بل هي أيضًا فرص لإعادة تقييم استراتيجيات العمل وتحقيق الابتكار. لا يزال هناك الكثير لنتعلمه عن كيفية تحسين تجربة العملاء باستخدام الذكاء الاصطناعي. من الضروري أن تستمر المنظمات في تعزيز معرفتها ومهاراتها في هذا المجال، مع الاستفادة من البيانات الكبيرة والذكاء الاصطناعي لتحسين الخدمات وتلبية توقعات العملاء المتزايدة. بمرور الوقت، سيؤدي الالتزام بتطوير استراتيجيات الذكاء الاصطناعي إلى تحقيق نتائج إيجابية ملموسة تعود بالنفع على الشركات والعملاء على حد سواء. في الختام، يبدو أن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل المستقبل في تنمية وتحسين تجربة العملاء. مع وجود تحديات محتملة، فإنه يوفر أيضًا فرصًا فريدة للابتكار والنمو. تعلم كيفية التعامل مع هذه التحديات وبناء استراتيجيات فعالة، سيظل أحد أهم الجوانب التي تحتاج المؤسسات إلى التركيز عليها في رحلتها نحو المستقبل.。
الخطوة التالية