في عالم العملات الرقمية، لا يُمكن إغفال دور البيتكوين كأحد أهم العناصر التي تشكل هذا السوق المتقلب. ومع تزايد الاهتمام بالاستثمار في هذه العملة، ظهرت نماذج مختلفة تهدف إلى توقع حركة السوق، ومن بينها نموذج الدورة الرباعية الذي يكتسب شعبية كبيرة. المدافعون عن هذا النموذج يشيرون إلى دقته العالية التي تصل إلى 95% في توقع أسعار البيتكوين، مما يجعله أداة قوية للمستثمرين. يتمحور النموذج حول فكرة أن السوق يمر بدورات تحدث كل أربع سنوات، حيث تظهر أنماط محددة تساهم في تحديد اتجاه الأسعار. لكن كيف تعمل هذه الدورة الرباعية؟ في العام 2012، شهد السوق ارتفاعًا ملحوظًا بعد فطاع نسبة البيتكوين، وهو الحدث المعروف بـ “halving”. يتجلى هذا الحدث في تقليل مكافآت التعدين لنصف ما كانت عليه، مما يؤدي إلى تقليل المعروض من البيتكوين في السوق. وقد أشارت البيانات التاريخية إلى أن تلك اللحظات عادة ما تتزامن مع ارتفاع حاد في الأسعار، مما يعزز من قيمة النظرية القائلة بأن تقليص المعروض يقود إلى زيادة الطلب. لنأخذ نظرة سريعة على السنوات الماضية. بعد كل حدث تقليل لمكافأة التعدين، حدث ارتفاع كبير في سعر البيتكوين، مما يُظهر أن نموذج الدورة الرباعية يبدو فعّالًا في تنبؤ اتجاهات السوق. على سبيل المثال، بعد تقليص المكافآت في عام 2016، شهد البيتكوين ارتفاعًا ملحوظًا في قيمته، حيث وصل إلى مستويات قياسية جديدة في العام 2017. ومع ذلك، لا يُعرف الإنجازات المتتالية لهذه النظرية فحسب، بل هناك أيضًا عدد من النقاط التي يثيرها النقاد. فالتغيرات المفاجئة في السوق، مثل الأزمات الاقتصادية أو الحوادث الجيوسياسية، يمكن أن تؤثر بشكل كبير على قيمة العملات الرقمية. كما أن التوقع بناءً على المعطيات التاريخية لا يضمن استمرار تلك الاتجاهات في المستقبل. رغم هذه المخاوف، يواصل نموذج الدورة الرباعية جذب الأنظار. العديد من المحللين يعتقدون أنه يمكن أن يكون له تأثير كبير في مساعدة المستثمرين على اتخاذ خيارات استراتيجية. فبدلاً من الاعتماد فقط على الأخبار والتوجهات الحالية، يُمكن للمتداولين استخدام القوائم التاريخية والأنماط السابقة لفهم كيفية التصرف في السوق. إضافة إلى ذلك، يتوقع الكثيرون أن يكون هناك مزيد من الاهتمام بالبيتكوين كملاذ آمن في ظل حالة عدم اليقين التي تشهدها الاقتصاديات العالمية. وبما أن البيتكوين يشهد زيادة في القبول المؤسسي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تعزيز موقفه كرائد في مجال العملات الرقمية. مع استمرارية صعود سوق العملات الرقمية، لا يمكننا الانتظار لرؤية ما ستنتجه الدورة الرباعية القادمة. فكما يشير المحللون، قد نشهد ارتفاعات جديدة غير مسبوقة تجعل من البيتكوين أكثر جاذبية للمستثمرين. وبالنظر إلى الآليات وراء نموذج الدورة الرباعية، يُعتبر الإدراك بأن التوجهات التاريخية يمكن أن تساعد في فهم الظروف الحالية والتوقعات المستقبلية أمرًا ضروريًا. يبقى علينا أن نشاهد كيف ستتفاعل العوامل الخارجية مع هذه الدورات، وما إذا كانت الأسواق ستظل ملائمة لنموذج الدورة الرباعية. في الختام، يمكن أن يُعتبر نموذج الدورة الرباعية توقعًا قويًا لمستقبل البيتكوين. ومع توفر دقة تصل إلى 95% كما يُشير المحللون، يبدو أن لدينا أداة قييمة في يد المستثمرين الراغبين في فهم تقلبات سوق العملات الرقمية. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن السوق لا تزال قد تشهد مفاجآت، لذا يظل الحذر والرؤية الثاقبة هما الأساس لكل استثمار موفق.。
الخطوة التالية