في عصر تتزايد فيه المخاوف بشأن الخصوصية وتأثيرات وسائل التواصل الاجتماعي، شهدت بعض المنصات البديلة ارتفاعاً ملحوظاً في عدد المستخدمين. تتصدر التطبيقات مثل سترڤا وليتربوكسد هذه الظاهرة، حيث يبحث المستخدمون عن ملاذات اجتماعية توفر لهم بيئات أكثر أماناً وتركيزاً على اهتماماتهم الشخصية بعيداً عن الضغوط والتعقيدات التي تأتي مع الشبكات الاجتماعية الكبرى. سترفا، التي أُسست في عام 2009، بدأت كمنصة لمتابعة الأنشطة الرياضية مثل الجري وركوب الدراجات. ومع مرور الوقت، تطورت لتصبح مجتمعاً للأفراد الذين يسعون لمشاركة إنجازاتهم الرياضية، وتبادل النصائح والتحفيز. لم يعد الأمر متعلقاً بمجرد تسجيل المسارات، وإنما أصبح منصة تتحدد فيها هوياتهم الرياضية. الأرقام تتحدث عن نفسها، إذ شهدت سترڤا زيادة في عدد المستخدمين يدعو إلى التوقف والتأمل. وفقًا لتقارير الشركة، تجاوز عدد مستخدميها 100 مليون مستخدم، مما يمثل نمواً كبيرا يُعزى إلى رغبة الناس في العودة إلى الأساسيات. أما ليتربوكسد، المنصة المعدة لعشاق السينما، فاجتذبت أيضًا انتباه العديد من مستخدمي الإنترنت. تتيح هذه المنصة للأشخاص تسجيل مشاهداتهم، كتابة مراجعات، ومشاركة التوصيات مع أصدقائهم. هذه البيئة المخصصة لعشاق السينما تخلق شعوراً بالانتماء والترابط، مما يجعلها بديلاً مغريًا عن الأنظمة الاجتماعية التقليدية. لقد ساعدت تجربة المستخدم الفريدة التي تقدمها ليتربوكسد في جذب جمهور مستهدف يبحث عن مناقشات حقيقية حول الأفلام، بعيداً عن الضغوط التي تتبعها منصات التواصل العملاقة. ومع تصاعد النقاشات حول الخصوصية على الإنترنت، أصبح الأفراد أكثر إدراكا لكيفية استخدام بياناتهم. توفر هذه المنصات البديلة للمستخدمين قدرا أكبر من السيطرة على المحتوى الذي يتلقونه، بالإضافة إلى خيارات الخصوصية المتزايدة التي تضمن تجربة أكثر أماناً وراحة. للعديد من المستخدمين، أصبح الأمر يتعلق بالحفاظ على الحرية الشخصية والتعبير عن النفس في بيئات لا تتعرض للرقابة أو الضغط التجاري. النمو في شعبية سترڤا وليتربوكسد يعكس أيضاً تحولاً في كيفية استخدام الناس لوسائل التواصل الاجتماعي بشكل عام. بدلاً من الانغماس في الغمر المعلوماتي الذي تقدمه الشبكات الكبرى، يقدم المستخدمون الآن على البحث عن منصات تدعم اهتماماتهم الفردية. هذا الاتجاه يمثل عودة إلى الفضاءات الأكثر تخصصاً، التي تتيح لهم الانغماس في أنشطتهم المفضلة دون التعرض للإلهاءات. من جهة أخرى، يعد هذا التحول أيضاً دليلاً على الحاجة المتزايدة لتحقيق التوازن بين الحياة الرقمية والحياة الواقعية. تتيح هذه المنصات للأفراد قضاء وقت مثمر في ممارسة الرياضة أو مشاهدة الأفلام، مما يمكن أن يعزز صحتهم العقلية والجسدية. بين ممارسة الرياضة الرائعة وتبادل الأفكار حول الأفلام، يتمكن المستخدمون من تحقيق اتصالات حقيقية تعبيرية بعيدًا عن توقعات وسائل التواصل الكبيرة. علاوة على ذلك، فإن سترڤا وليتربوكسد تجسدان فكرة التواصل الجماعي بطريقة أكثر ثراءً. يتمكن المستخدمون من تبادل التجارب والتعلم من بعضهم البعض، مما يزيد من الدافع للاستمرار في ممارسة الأنشطة. فعلى سبيل المثال، قد يجد عداء مبتدئ الدعم من عدائين آخرين عبر منصة سترڤا، الذين يشاركون معه نصائح قيمة تساعده في تحسين أدائه. كما أن ليتربوكسد توفر منصة لمناقشة الأعمال السينمائية من زوايا متعددة، مما يعزز من الوعي الثقافي لدى المستخدمين. في عالم يتسم بالكثير من الضوضاء، تمنح هذه المنصات أصواتاً متنوعة وتسمح بتبادل الأفكار والآراء بوضوح، وهو أمر يفتقر إليه الكثير من الشبكات الاجتماعية التقليدية. ومع هذه الزيادة في الفائدة والمشاركة، لا تزال هناك بعض التحديات التي تواجه هذه المنصات. حيث أنها تحتاج إلى الاستمرار في تحسين خدماتها وتقديم ميزات جديدة لجذب المزيد من المستخدمين وتعزيز التفاعل بينهم. في الوقت نفسه، ينبغي عليها الحفاظ على خصوصية المستخدمين وسرية بياناتهم، مما يمثل مهمة حساسة تتطلب جهداً مستمراً. ومع استمرار هذه الانتقادات العامة لوسائل الإعلام الاجتماعية الكبرى، يظهر أننا قد نشهد مزيداً من التطورات في مشهد وسائل التواصل الاجتماعي. ربما يتطلع الكثيرون إلى المشاركة في الفضاءات الأكثر تخصصاً والتي تمنحهم الوقت والفرصة لاستكشاف الاهتمامات بطريقة أكثر حميمية وراحة. في النهاية، يتضح أن هناك انزلاقاً نحو منصات تركز على الاهتمامات الشخصية، مثل سترڤا وليتربوكسد، في محاولة للهروب من زحمة الشبكات العملاقة. هذه المنصات تمثل مساحة آمنة للمستخدمين، مما يجعلها خيارًا أكثر شعبية للعديد من الأفراد. في عالم يتسم بالتعقيد والضغوط التي تولدها وسائل التواصل الاجتماعي التقليدية، قد يكون من المنطقي أن نبحث عن ملاذات صغيرة مخصصة تجعلنا نشعر بالاتصال والراحة.。
الخطوة التالية