في السنوات الأخيرة، شهدت الصين تطوراً ثورياً في كيفية تواصل المزارعين مع المستهلكين من خلال وسائل التواصل الاجتماعي. ومن بين هؤلاء المزارعين، يُعتبر "أونكل هوانغ" مثالاً بارزاً لشخصية تأثرت بهذا الاتجاه الجديد. هوانغ وينشنغ، المزارع المعروف بتسويقه للشاي عبر البث المباشر، استطاع أن يحوّل شغفه بالزراعة إلى فرصة استثمارية مربحة عبر الإنترنت. تدور القصة حول طريقة جديدة للتجارة، حيث استخدم هوانغ ممارسات البث المباشر لزيادة وعي المستهلكين حول منتجاته. من خلال تصويره لعملياته الزراعية، ومشاركته لحكايات من حياته اليومية في الريف، يستقطب هوانغ جمهوراً واسعاً يتجاوز العشرين مليون مشاهد شهرياً. يبدو أن فكرة التسويق عبر البث المباشر لم تقتصر فقط على بيع المنتجات، بل أصبحت تجربة تفاعلية تعزز الروابط بين البائع والمشتري. في ظل سياق اجتماعي واقتصادي يتسم بالتغيير السريع، وددت أن أقف على الزيادة المتصاعدة في عدد المزارعين الصينيين الذين أصبحوا مؤثرين على منصات البث المباشر. فمع تزايد الاستخدام الواسع للإنترنت وخاصةً عبر الهواتف الذكية، أصبح من الممكن لكل مزارع أن ينقل حياته اليومية وما ينتجه من مزرعته بسهولة ويسر. وأصبح مصطلح "بثّ القرى" جزءاً من ثقافة التداول الذكي عبر الإنترنت. لنتحدث عن هوانغ كنموذج. يعيش هوانغ في منطقة ليشوان الجبلية بمقاطعة هونان، حيث ينمي أنواعاً فريدة من الشاي المحلي. إن التحول من مزارع تقليدي إلى مؤثر عبر الإنترنت لم يكن سهلاً، ولكنه أدّى إلى نجاحات باهرة. فهو يقوم، خلال جلساته المباشرة، بتقديم نصائح حول كيفية زراعة الشاي، بالإضافة إلى قضاء الوقت مع مشاهديه بطريقة مريحة وأكثر إنسانية. يعكس أسلوبه الشخصي في الترويج عن العمل الريفي حياة المزارع الحقيقية، ما يعزز شعوراً عميقاً بالارتباط بين منتجاته وجمهوره. من خلال أسلوب البث المباشر، استطاع هوانغ تجاوز العقبات التقليدية التي كان يواجهها معظم المزارعين في تسويق منتجاتهم. يبحث المستهلكون عن قصص ترتبط بالمنتجات التي يشترونها، وهوانغ يقدم لهم هذه القصص. عبر مشاركته لبثه المباشر من حقول الشاي، يتيح للمشاهدين الفرصة لرؤية كيفية حصاد الشاي، مما يعزز الثقة في جودة المنتجات. لهوانغ تأثير إيجابي ليس فقط على مبيعاته بل أيضاً على كيفية تشكل صورة الفلاحين في نظر المستهلكين في المناطق الحضرية. تعد هذه الظاهرة جزءًا من اتجاه أكبر نحو التجارة الاجتماعية، والذي يشهد ازدهارًا كبيرًا في الصين. حيث أن منصات مثل "تاوباو" و"دوين" تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز ثقافة البث المباشر وسوق القرى. أصبحت هذه المنصات جسورًا تربط بين المنتجين المحليين والمستهلكين الحضر، محدثة تحولًا جذريًا في طرق البيع والشراء. المؤكد أن النجاح الذي حققه هوانغ لم يكن نتيجة للصدفة. إنه يمثل حركة تتسم بالإبداع والمرونة التي يمارسها صغار المزارعين في الصين. ويعكس جهوده جهودًا جماعية لآلاف المزارعين الذين اكتشفوا أن استخدام التقنيات الحديثة يمكن أن يسهم في تحسين مستوى المعيشة وأوضاعهم الاقتصادية. عبر هذه الأنشطة، يتمكن المزارعون من توفير المزيد من الأصناف الزراعية للمستهلكين، وكلما زادت القصص الشخصية التي يحكونها أثناء البث المباشر، كلما تعززت مشاعر التعاطف والدعم للمنتجات المحلية. وهنا نجد التأثير القوي لبث القرى ليس فقط في كونه وسيلة للبيع، بل كوسيلة لبناء الروابط الاجتماعية والثقافية بين المناطق الحضرية والريفية. المستقبل سيكون مثيرًا للفضول بالنسبة للمزارعين مثل هوانغ. من المتوقع أن ينمو هذا الاتجاه، مما يؤدي إلى ولادة المزيد من المؤثرين الزراعيين. ومع المزيد من المزارعين الذين يتوجهون نحو البث المباشر، أصبحت هذه الوسيلة منصة لمناقشة التحديات التي يواجهها المجتمع الريفي، بما في ذلك قضايا الاستدامة وتغير المناخ. في النهاية، يجسد أونكل هوانغ تمثيلًا رائعًا لفكرة أن التحول الرقمي يمكن أن يغير الحياة. قصة أونكل هوانغ وقصص المزارعين المشابهين هي دليل على أن التكنولوجيا قد لاتنقلب إلى فرصة لتحسين الوضع الاقتصادي فحسب، بل لتعزيز الفهم المتبادل وفتح الأبواب للتواصل الإنساني. إن المزارعين الذين ابتكروا وسائل جديدة للتواصل مع مستهلكيهم يعيدون تعريف التجارة في القرن الحادي والعشرين.。
الخطوة التالية