روسيا تدمج العملات الرقمية في قوانينها الضريبية الجديدة في خطوة تُمثل تحولًا كبيرًا في تعامل روسيا مع العملات الرقمية، تقدم الحكومة الفيدرالية بمقترح قانون إلى دوما الدولة، تطلب فيه إدخال تعديلات على القانون الضريبي الفيدرالي لتنظيم المعاملات المرتبطة بالعملات المشفرة. من المتوقع أن تشمل هذه التعديلات تغييرات جوهرية في النظام الضريبي الروسي، مستجيبةً لأسئلة ملحة حول كيفية التعامل مع الأصول الرقمية في ظل الظروف الاقتصادية العالمية الحالية، حيث تُعتبر العملات الرقمية أداة يمكن أن تساعد الروس على تفادي العقوبات المفروضة من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة نتيجة النزاع في أوكرانيا. في يوم الخميس 7 أبريل، أشار أناتولي أكساكوف، رئيس لجنة الأسواق المالية في دوما الدولة، إلى أن التعديلات المقترحة على قانون الضرائب قد يتم اعتمادها قبل نهاية جلسة البرلمان الصيفية. يتزامن هذا التطور مع دعم وزارة المالية الروسية لتوجيه التنظيم أكثر من حظر كامل، حيث تتبنى موقفًا ينظر بإيجابية نحو إمكانية تنظيم استعمال العملات الرقمية. لكن، في الجانب الآخر، لا يزال بنك روسيا المركزي يدعو إلى حظر شامل لتداول العملات المشفرة وتعدينها. يرى وسط البنك أن الأصول الرقمية تُستخدم في بعض الحالات كوسيلة لتفادي دفع الضرائب. ومع ذلك، يُظهر الاقتراح الحكومي استعدادًا لتقبل العملات الرقمية والعمل على تنظيمها. تتعلق التعديلات بصيغة الضريبة المفروضة على دخول الأفراد والشركات من المعاملات الرقمية، حيث تم تقدير الإيرادات الضريبية المحتملة من العملات المشفرة بين 10 إلى 20 مليار روبل، ما يعادل حوالي 122 إلى 244 مليون دولار أمريكي. وفقًا للاقتراح، سيتم فرض ضريبة بنسبة 13% على دخل الأفراد و20% على الشركات. ستحصل الاستثمارات المؤهلة أيضًا على خصم ضريبي سنوي لا يقل عن 52,000 روبل. تتضمن القوانين المقترحة أيضًا متطلبات تتعلق بالإبلاغ عن المعاملات الرقمية التي تتجاوز قيمتها 600,000 روبل سنويًا، مع فرض غرامة قد تصل إلى 40% من قيمة الضريبة المستحقة في حال عدم الإبلاغ عن المعاملات. يُعتبر هذا الإجراء جزءًا من محاولة الحكومة للوصول إلى المزيد من الشفافية وتحقيق فعالية أكبر في جمع الضرائب. في تقرير لاحق، قدمت خدمة الضرائب الفيدرالية تعليقات رسمية على مشروع قانون العملات الرقمية المقدم من وزارة المالية، حيث اقترحت السماح للشركات الروسية باستخدام العملات الرقمية في عملياتها التجارية، بما في ذلك دفع ثمن السلع والخدمات بموجب عقود التجارة الخارجية واستلام الإيرادات. تُعتبر هذه الخطوة ضرورية، خاصةً في ظل الوضع الحالي حيث يتزايد الاعتراف بين الروس بقدرة العملات الرقمية على تجاوز القيود المالية المفروضة عليهم. فالأدوات المالية التقليدية، مثل البنوك، تكافح لتتبع والتحكم في التحويلات المالية، بينما توفر العملات الرقمية فرصة للتعامل بعيدًا عن النظام البنكي التقليدي، مما يجعل تتبع المعاملات أكثر صعوبة. تُعَدّ العملات الرقمية وسيلةً خلاقة لمواجهة التحديات الاقتصادية. إذ تتزايد المخاوف الدولية بشأن سياستها المالية. كما أن هناك اعترافًا بأن العملات الرقمية قد تلعب دورًا رئيسيًا في تحويل الأموال داخل وخارج البلاد، وخاصةً في حالات العقوبات الاقتصادية. الجزائر هي واحدة من الدول التي أثبتت أنها تُفضل استخدام العملة الرقمية نتيجة للضغوط الدولية عليها. وبالرغم من التحفظ من قبل بعض القوى السياسية على العملات الرقمية، فإن الاتجاه العام يسير نحو تنظيم استخدامها وتكنولوجيا البلوكشين المستخدمة في إنشاء العملات الرقمية. يبدو أنه هناك رغبة حقيقية في تحديث القوانين الروسية لتناسب الواقع الجديد. تعددت التحديات التي تواجه الحكومة الروسية في هذا السياق. فإدارة القوانين الضريبية المتعلقة بالعملات الرقمية تتطلب مستوى عالٍ من الفهم والتقنية للحد من التهرب الضريبي وضمان حماية المستهلكين. هناك أيضًا مخاوف من استغلال العملات الرقمية في الأنشطة الإجرامية، مما يتطلب من الحكومة بلورة استراتيجيات فعالة لمواجهة تلك التحديات. يُعتبر إدماج العملات الرقمية في النظام الضريبي نقطة تحوّل في الاقتصاد الروسي، مما قد يؤدي إلى زيادة العائدات المالية للدولة ويعطي دفعة قوية لقطاع التكنولوجيا والمعاملات الرقمية. بينما يتحرك العالم نحو تقليص الفجوات في استخدام العملات الرقمية، فإن روسيا تجد نفسها في موقف يتطلب منها التفكير بجدية في كيفية الاستفادة من هذه التكنولوجيا دون التخلي عن السيطرة والتنظيم. بينما تأمل الحكومة الروسية في توفير إطار قانوني لهذه الأصول الرقمية، يتعين عليها الموازنة بين الحاجة إلى تحقيق الدخل من الضرائب وحماية المصلحة العامة. ربما يكون هذا هو السياق الذي قد يُعيد توجيه مسار السياسة المالية في روسيا نحو مستقبله رقمي أكثر انفتاحًا ونجاحًا. مستقبل العملات الرقمية في روسيا يتجه نحو مزيد من التنظيم، مع سعي الحكومة لتحقيق توازن بين الابتكار المالي والحفاظ على السيطرة الحكومية. إن تطبيق القوانين الضريبية الجديدة ستكون خطوة مهمة في هذا الاتجاه، وستشكل الركيزة الأساسية التي يُمكن من خلالها تحديد مكان روسيا في الثورة الرقمية العالمية.。
الخطوة التالية