تعتبر الأسهم التي تدفع توزيعات الأرباح في مؤشر داو جونز الصناعي من الخيارات الاستثمارية الأكثر جاذبية للمستثمرين، حيث تمزج بين العائد المنتظم والنمو المحتمل. لكن في عام 2024، تألقت إحدى هذه الأسهم بشكل خاص، حيث حققت شركة وول مارت (Walmart) ارتفاعًا مذهلاً بنسبة 43.2% منذ بداية العام. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل لا يزال هناك مجال لمزيد من الارتفاع؟ تعتبر وول مارت واحدة من أكبر سلاسل التجزئة في العالم، وقد أثبتت قوتها في العديد من الأوقات، خصوصًا في الظروف الاقتصادية الصعبة. ومع ذلك، فإن التفاؤل الحالي يعود إلى أكثر من مجرد اسم كبير. يعكس الأداء الاستثماري لشركة وول مارت القدرة على التكيف مع التغيرات في سلوك المستهلك واحتياجات السوق. في الأشهر الأخيرة، كانت التقارير تشير إلى أن العديد من الشركات الكبرى في قطاع التجزئة، مثل هوم ديبوت ولولوليمون، تواجه تحديات نتيجة لتغير سلوك المستهلك وزيادة أسعار الفائدة. ومع ذلك، كانت وول مارت بمثابة الشعاع الأمل في وسط هذه العواصف الاقتصادية. في تقرير الأرباح الأخير، أعلنت الشركة عن تحقيق نمو يتجاوز التوقعات، مما دفعها لرفع توقعاتها للسنة المالية 2025 مرتين. التوجهات الإيجابية في الأداء المالي لشركة وول مارت تأتي مدعومة باستراتيجياتها التوسعية وخططها الاستثمارية. لقد زادت من نفقاتها على رأس المال بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، حيث ركزت على تحسين تجربة التسوق سواء في المتاجر التقليدية أو عبر الإنترنت. إن هذا التركيز على النمو المستدام جعل وول مارت في موقف قوي ضد منافسيها، مثل أمازون، الذين سيتمكنون من الاستفادة من التجارة الإلكترونية. تحتل وول مارت حاليًا مركزًا قويًا في السوق بسبب سمعتها كمكان يوفر أسعارًا تنافسية وقيمة عالية للعملاء. في الربع الأخير، شهدت مبيعات التجارة الإلكترونية في وول مارت نمواً ملحوظاً بنسبة 22%، بالإضافة إلى نمو مبيعات الإعلانات بنسبة 30%. هذه الأرقام تعكس النجاح في استراتيجيات الشركة وتنوع مصادر إيراداتها. ومع ذلك، فإن الارتفاع الكبير في سعر السهم جاء مع انعكاسات في تقييماته. فقد أصبح سعر السهم مرتفعًا بشكل ملحوظ مقارنة بأرباح الشركة. تعتبر نسبة السعر إلى الأرباح (P/E) اليومية في وول مارت أعلى بكثير من متوسطها التاريخي، حيث تتجاوز النسبة 30. وهذا يعني أن المستثمرين يدفعون الآن سعرًا أعلى بكثير مقابل الأرباح المستقبلية المتوقعة. الأرباح الكثيرة للشركة تعد عامل جذب رئيسي، ولكن الأرقام تشير إلى أن العائد من التوزيعات بدأ يتقلص. حاليا، تراجع العائد من التوزيعات إلى 1.1%، وهو أقل من متوسط العائد في مؤشر S&P 500 الذي يبلغ 1.3%. هذا الوضع يجعل وول مارت أقل جذابية بالنسبة للمستثمرين الذين يبحثون عن دخل ثابت من التوزيعات. وعلى الرغم من هذه التحديات، لا يمكن إنكار أن وول مارت لديها خطة طويلة الأمد للنمو، وقد يكون هذا هو السبب الرئيسي وراء تفاؤل المستثمرين. إذا كان المستثمرون مستعدين لتحمل بعض المخاطر، فإن وول مارت قد تظل خيارًا جيدًا كاستثمار طويل الأجل. تعمل الشركة أيضًا على تحسين كفاءتها الداخلية من خلال استثمارها في الذكاء الصناعي والتكنولوجيا، مما ساعدها في إدارة سلسلة إمداداتها بشكل أفضل وكفاءة أكبر. فعلى سبيل المثال، تمكنوا من تحسين كتالوج المنتجات باستخدام نماذج لغوية كبيرة، مما أدى إلى توفير الوقت والجهد. خلاصة القول، وول مارت هي واحدة من الشركات القليلة التي يمكن أن تتفوق في الأوقات الصعبة، وقد أثبتت ذلك من خلال نتائجها المبهرة والنمو المستدام. بينما يطلب المستثمرون قيم أفضل، قد يكون من الحكمة النظر إلى وول مارت كخيار استثماري طويل الأجل، لكن يجب أن يتوقعوا تذبذبات مستمرة في الأسعار. في ظل ذلك، يتوقع المحللون أن الأسهم ذات الأداء الجيد يمكن أن تستمر في الارتفاع، لكن على المستثمرين أن يكونوا واعين لمخاطر الاستثمار في الأسهم المرتفعة الأسعار. وفي النهاية، يعد التوازن بين النمو والعائد الاستثماري هو المفتاح لتحقيق نتائج إيجابية على المدى الطويل. وعندما يتعلق الأمر بمستقبل وول مارت، سيدرك المستثمرون قريبًا ما إذا كانت الشركة قادرة على تحقيق مزيد من النمو واستمرارها كواحدة من الأسهم المفضلة في عالم الاستثمار. ومع الأخذ بعين الاعتبار جميع المؤشرات الحالية، يمكن القول إن وول مارت ليست مجرد استثمار متوسط، بل خيار استثماري يمكن أن يؤدي إلى عوائد مثمرة على مر الوقت.。
الخطوة التالية