تعتبر تقنية الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) واحدة من أكثر المواضيع إثارة في عالم ضخّ المعلومات والتكنولوجيا لسلسلة الإمداد، حيث تسلط تقارير الأسواق الضوء على تسارع اعتمادها في مجالات مختلفة، خاصة في مجال الشراء والمصادر. وفقًا لتقرير "دورة الضجيج" لعام 2024 الصادر عن مؤسسة جارتنر، من المتوقع أن تنتقل هذه التقنية إلى ما يسمى "هضبة الإنتاجية" خلال العامين المقبلين، مما يعني اعتمادًا متزايدًا ومنافع ملموسة. شهدت الأسابيع الأخيرة اهتمامًا كبيرًا تجاه الذكاء الاصطناعي التوليدي، خصوصًا في مجال الشراء، حيث واكبت المؤسسات اتساع استخداماته والقدرات المتنوعة التي يقدمها لتسهيل العمل اليومي. وتقول كايتلين سومرز، مديرة الأبحاث لممارسة سلسلة الإمداد في جارتنر: "يمكن للذكاء الاصطناعي التوليدي تحسين العديد من سير العمل في مجال الشراء، حيث يتوقع 73% من قادة الشراء اعتماد هذه التكنولوجيا بحلول نهاية عام 2024". تقف الشركات أمام تحدٍّ مزدوج يتمثل في الحاجة إلى تطوير استراتيجيات فعالة للاستفادة من الذكاء الاصطناعي التوليدي بينما تتعامل أيضًا مع العقبات التي قد تؤثر على نجاح التنفيذ، مثل جودة البيانات والقدرة على دمج التقنية مع الأنظمة الحالية. إن هذه النقطة تعد مهمة للغاية لأن البيانات غير المتوافقة أو المفقودة يمكن أن تعيق عمل أي نظام يعتمد على الذكاء الاصطناعي. استنادًا إلى المعلومات المتاحة، شهدت الأشهر الـ 12 الماضية توسع نطاق استخدامات الذكاء الاصطناعي التوليدي، حيث أضاف مقدمو الخدمات مزيدًا من الإمكانيات عبر مجموعة من المجالات المرتبطة بالشراء والتوريد، منها إدارة العقود وإدارة الموردين. كما يُتوقع توسيع الاستخدامات لتشمل أداء الموردين وإدارة الطلبات والتحليلات. تعكس هذه التوجّهات السريعة أهمية البحث والتطوير المستمر في ميدان الذكاء الاصطناعي، حيث يمكن لهذه المطورات أن تسهم بشكل كبير في تعزيز الكفاءة وتقليل التكاليف. ومع ذلك، يبقى التحدي في الأفق، إذ أشار بحث أجرته شركة EY (إرنست ويونغ) إلى أن 62% من الشركات التي قامت بتنفيذ مبادرات الذكاء الاصطناعي التوليدي قد أعادت تقييم تلك البرامج في العام الماضي. وقد أظهر الاستطلاع أن 7% فقط من هذه الشركات قد أكملت عملية التنفيذ. وبينما يُعزز الذكاء الاصطناعي التوليدي من فرص التحول في مجالات عدة، يجب على الشركات أن تظل واعية للعقبات التي قد تقف في طريق التنفيذ الناجح. تقول سومرز: "نافذة بناء ميزة تنافسية من خلال الاعتماد المبكر على الذكاء الاصطناعي التوليدي تتقلص". وهذا يعني أنه بينما يسعى الكثيرون لتبني الذكاء الاصطناعي، يجب أن تكون لديهم خطط مدروسة تهدف إلى معالجة مشاكل البيانات. يشير الخبراء إلى أهمية إجراء تجارب محددة تركز على استخدامات معينة لتحليل ما إذا كانت هذه القدرات قابلة للتوسع بشكل فعال. تحتاج الشركات إلى متابعة التطورات في السوق والبحث عن الفرص للاستفادة من الذكاء الاصطناعي دون الحاجة إلى بناء بنية تحتية خاصة. على الرغم من أن الذكاء الاصطناعي التوليدي قد يبدو أنه بدأ بشكل بطيء، إلا أن الساحة تتطور بسرعة، حيث يشهد الآن اهتمامًا واسعًا بمزودي الحلول التقنية الذين يتنافسون لفهم سلوك العملاء واحتياجات السوق. لقد أصبحت القدرة على تقديم الحلول المعتمدة على البيانات أكثر أهمية من أي وقت مضى، مما سيحقق فوائد تتجاوز مجرد إطلاق تكنولوجيا جديدة. من المهم أيضًا الإشارة إلى أن جارتنر تشير إلى تقنيات أخرى تعتمد على الذكاء الاصطناعي تعمل بالفعل في مجالات تقترب من مرحلة الذروة من الضجيج، مثل المصادر الذاتية والتحليلات التنبؤية والذكاء التفاعلي. هذه التقنيات تشير إلى تحول شامل في كيفية إدارة الشركات لسلاسل التوريد الخاصة بها، مما يعزز من خلال ذلك القدرة التنافسية في السوق. في النظر إلى المستقبل، توقعات جارتنر ترسم صورة واضحة حول تطور الذكاء الاصطناعي التوليدي، ومدى قربه من دخول مرحلة الاعتماد السائد في السنوات القليلة القادمة. إن تسريع عملية الاعتماد هذه يعكس تحولًا هيكليًا في الطريقة التي تعمل بها الشركات، حيث يجعلها أكثر تحكمًا وفاعلية في جميع جوانب سلسلة التوريد. في النهاية، يمكن القول إن الذكاء الاصطناعي التوليدي يمثل أحد أعمدة التغيير في عالم الأعمال، ويمنح الشركات الفرصة للإبتكار والتحول. ومع ذلك، فإن إدراك التحديات والعمل على معالجتها بشكل استباقي سيكون هو العنصر الأساسي لتأمين النجاح في استخدام هذه التكنولوجيا المبهرة في عالم الشراء والمصادر.。
الخطوة التالية