شهدت العملة الرقمية الكبرى، بيتكوين، في السنوات الماضية ظاهرة يُشار إليها بـ"لعنة سبتمبر"، حيث تتراجع قيمتها بشكل ملحوظ في هذا الشهر. ولكن في سبتمبر 2024، يبدو أن الأمور قد تتغير، حيث تشير المؤشرات الحالية إلى أن بيتكوين قد تكون على وشك كسر هذه اللعنة. تاريخياً، سجلت بيتكوين انخفاضاً متوسطاً بنسبة 5.9% خلال شهر سبتمبر على مدار العقد الماضي. هذا الشهر، على الرغم من ذلك، شهد ارتفاعاً ملحوظاً تجاوز 10% حتى الآن. هذه التحولات الإيجابية جاءت في وقت يشهد فيه السوق تغييرات عميقة، تدفع العديد من المحللين للتساؤل عما إذا كانت بيتكوين ستكسر "لعنة سبتمبر" هذا العام. بدأ المستثمرون في التعافي من تراجعات الأشهر الماضية، حيث كانت بيتكوين قد انخفضت بنسبة 8.73% في أغسطس. يبدي السوق الآن علامات إيجابية بدعم من السياسات النقدية العالمية الجديدة، التي شهدت تخفيضات في أسعار الفائدة من قبل البنوك المركزية الكبرى مثل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي. يعتبر هذا التحول في السياسة النقدية عاملاً مهماً في دعم أسعار الأصول ذات المخاطر العالية، بما في ذلك العملات الرقمية. مع تداول بيتكوين حول 65,334 دولار في سبتمبر 2024، يسجل هذا السعر ارتفاعاً بنسبة 56% منذ بداية العام. على الرغم من أن العملة لا تزال تحت ذروتها المسجلة في مارس 2024 والتي بلغت 73,798 دولار، إلا أن الزخم الحالي يشير إلى أن هناك تفاؤلاً بين المستثمرين. واحدة من العوامل التي تساهم في الأداء الإيجابي لبيتكوين هي الانخفاض الكبير في ضغط البيع، حيث تخلصت ثلاثة قوى رئيسية من أكثر من 170,917 بيتكوين خلال الأشهر الماضية، وهو ما يعادل حوالي 10.69 مليار دولار. هذه المبيعات الكبيرة، والتي تضمنت تخلص الحكومة الألمانية من حوالي 49,859 بيتكوين بالإضافة إلى المدفوعات المتعلقة بقضية "ميت غوك"، ساعدت على تخفيف الضغط على السوق. علاوة على ذلك، أظهرت البيانات أن حاملي بيتكوين على المدى الطويل زادوا من مخزونهم بنحو 262,000 بيتكوين في أغسطس، مما يشير إلى استقرار السوق وزيادة الثقة في الأصول الرقمية. حيث يمتلك حاملو المدى الطويل الآن حوالي 75% من إجمالي المعروض من بيتكوين، وهو ما يعكس تضاؤل ضغط البيع وازدياد الاستقرار. تزامن هذه النتائج مع توقعات بأن تستمر البنوك المركزية في تخفيض أسعار الفائدة، مما قد يشجع المستثمرين على زيادة تواجدهم في الأصول ذات العائد المرتفع مثل بيتكوين وصناديق الاستثمار المتداولة المرتبطة بها (ETFs). هذا السيناريو يعكس التفاؤل الناشئ حول إمكانية تحقيق عوائد إيجابية في بيئة مالية أقل تقييداً. من جهة أخرى، تنتظر سوق العملات الرقمية أخبار إيجابية تتعلق بالتشريعات المرتقبة في الولايات المتحدة، والتي يمكن أن تمنح السوق دفعة إضافية للأمام. حيث يأمل العديد من التنفيذيين في القطاع في أن التغييرات التي قد تأتي عقب الانتخابات الرئاسية الأمريكية ستؤدي إلى وضوح أكبر في اللوائح، مما سيعزز الثقة في الأصول الرقمية. لا تقتصر التحديات التي تواجه بيتكوين على ضغوط البيع والعوامل الاقتصادية فحسب، بل تشمل أيضاً المخاوف حول تأثير انهيار منصة "FTX" على السوق. ومع أن هذه المنصة مدينة بحوالي 16 مليار دولار للمقرضين، إلا أن معظم السداد سيشمل النقد بدلاً من العملات الرقمية، مما يقلل من مخاطر حدوث تصحيح كبير في السوق. ومع ذلك، فإن الحكومة الأمريكية لا تزال تحتفظ بحوالي 203,650 بيتكوين، والتي تقدر قيمتها بحوالي 12 مليار دولار. بينما تُعتبر هذه الأصول بمثابة قوة بيع محتملة، تشير الحركات الأخيرة إلى أن هناك احتمالاً ضئيلاً للبيع الفوري، حيث اختارت الحكومة بيع معظمها عبر طريقة التداول بين المؤسسات "OTC"، مما يساعد على تقليل الاضطرابات في السوق. لا يزال المستثمرون متفائلين بحذر، حيث يشير الأداء الحالي لبيتكوين إلى ارتفاع بنسبة 10% في سبتمبر، لكن الكثير من المحللين يراقبون الوضع عن كثب. هناك توقعات بأن الاختراق الفعلي لمستوى 65,000 دولار سيكون مؤشراً مهماً، وقد يتسبب الفشل في القيام بذلك "بشكل حاسم" في فترة ضعف جديدة. تدريجياً، يتضح أن العوامل الاقتصادية، بيئة السوق، وعدد من التحولات في السياسات النقدية يمكن أن تسهم في تغيير "لعنة سبتمبر" هذه المرة. بينما نتقدم أكثر في هذا الشهر، ستستمر الأسواق في ترقب الأحداث عن كثب، خاصةً مع اقتراب نهاية الشهر وتوقعات عودة الاستثمار في الأصول الرقمية. بإجمال، تمثل هذه اللحظة فرصة لبيتكوين لاختراق حدود جديدة وكسر الأنماط التاريخية. إذا استمر الاتجاه الإيجابي في سبتمبر، فقد تضفي هذه الطفرة مزيدًا من الثقة على الاستثمار في الأصول الرقمية، بينما يحتاج المستثمرون إلى البقاء متنبهين لتقلبات السوق والاستعداد لمختلف السيناريوهات التي قد تنشأ في المستقبل.。
الخطوة التالية