تشهد العملات المشفرة في الولايات المتحدة والعالم تحولات كبيرة، خاصة منذ تولي إدارة ترامب مهامها. تمثل الهيئة الأمريكية للأوراق المالية والبورصات (SEC) الجهة الرقابية الرئيسية التي تحتفظ بسلطة مراقبة تنظيم العملات المشفرة. ولكن تحت إدارة ترامب، كان هناك تراجع ملحوظ في قوة هذه الوحدة المخصصة لمراقبة وتنظيم الأنشطة المتعلقة بالعملات الرقمية. تأسست وحدة إنفاذ الجرائم المالية في هيئة SEC في عام 2013، وكانت مهمتها الرئيسية معالجة المخالفات المالية في سوق العملات الرقمية، بما في ذلك عمليات الاحتيال والممارسات التجارية غير القانونية. ومع تزايد شيوع استخدام العملات المشفرة في السنوات الأخيرة، زادت الحاجة إلى وجود كيان فعال على الساحة ينظم هذا المجال. ومع ذلك، مع بداية فترة ترامب، تم اتخاذ خطوات للتقليص من قوة ونفوذ هذه الوحدة. أولاً، يعتبر أحد الأبعاد الأساسية لتقليص هذه الوحدة هو التوجه العام للإدارة نحو تقليل الرقابة التنظيمية. وقد برز هذا التوجه بشكل خاص في توجه إدارة ترامب تجاه العديد من القطاعات، بما في ذلك التكنولوجيا والمال. فجزء كبير من فلسفة ترامب الاقتصادية كان يعتمد على تحرير الأسواق وتشجيع الابتكار، مما أثر بالتالي على كيفية تعامل الهيئة مع تنظيم العملات المشفرة. كما أن الضغوط السياسية والاقتصادية لعبت دورًا في هذا التوجه. كانت هناك دعوات واسعة من داخل مجتمع العملات المشفرة لتخفيف القيود التنظيمية من أجل تشجيع الابتكار وجذب استثمارات جديدة. استجابت إدارة ترامب لهذا الضغط من خلال تقليل الموارد المخصصة لوحدة إنفاذ العملات المشفرة، مما أدى إلى تأخير التحقيقات في العديد من القضايا المهمة. هذا التراجع في إنفاذ القوانين أدى الى خلق بيئة أكثر تساهلاً في سوق العملات الرقمية. فتزايد عدم الشفافية والمخاطر على المستثمرين نتيجة لهذا التقليص. فقد أدت قلة النشاط الرقابي إلى زيادة عمليات الاحتيال والممارسات التجارية السيئة، مثل الطروحات الأولية للعملات (ICOs) المشبوهة، والتي لم تحظَ بالمراقبة الكافية. ولكن هذا التراجع لم يكن له تأثير سلبي فحسب، بل كان له أيضًا بعض الأبعاد الإيجابية. فقد ساهم في إعطاء مجال أكبر للابتكار والنمو في السوق. لقد تمكنت بعض الشركات الناشئة من تحقيق نجاحات ملحوظة في وقت أسرع بدون القيود التنظيمية الصارمة، مما أدى إلى تطور تقنيات جديدة وبروتوكولات متقدمة. علاوة على ذلك، فإن موقف الهيئة العامة للأوراق المالية والبورصات (SEC) في التعامل مع العملات المشفرة لم يكن موحدًا. فقد شهدنا بعض المواقف القوية من قبل بعض المسؤولين في الهيئة الذين كانوا يدعمون فكرة تنظيم السوق ولكنهم واجهوا مقاومة من زملائهم. هذا التنوع في الآراء داخل الهيئة خلق حالة من الارتباك بين المستثمرين والشركات على حد سواء. عندما انتقلنا إلى نهاية فترة ترامب، بدأت الأمور في اتخاذ منحى جديد. إذ بدأت الإدارة الحالية تحت قيادة بايدن بإعادة النظر في بعض السياسات وتفعيل وحدة إنفاذ سوق العملات المشفرة مرة أخرى. تم الإعلان عن إعادة تعزيز الموارد البشرية والمالية للوحدة، مما يهدف إلى توفير المزيد من الحماية للمستثمرين وفرض قواعد أكثر وضوحًا على سوق العملات المشفرة. يبدو أن التحول من إدارة إلى أخرى قد أثار أيضًا دعوات جديدة لتوحيد اللوائح التنظيمية على مستوى الدولة. حيث يعتقد الكثيرون أن وجود لوائح موحدة يمكن أن يحسن من ثقة المستثمرين ويشجع على نمو السوق بطريقة أكثر استدامة. ختامًا، يمكن القول إن تقليص وحدة إنفاذ العملات المشفرة في الهيئة SEC كان له تأثيرات متعددة الجوانب. فقد خلق بيئة من التساهل سمحت للنمو والابتكار، ولكنها أيضًا جاءت مع مخاطر ملحوظة دفعت الكثير من المستثمرين إلى توخي الحذر. ومع عودة التركيز على القوانين واللوائح، فإن المستقبل قد يحمل فصلًا جديدًا في تنظيم العملات المشفرة الذي يأمل الكثيرون أن يكون أكثر توازنًا وفعالية.。
الخطوة التالية