تحتل قضية المشردين والسكن في المدن الكبرى مكانة بارزة في النقاشات الاجتماعية والسياسية، وعاصمة جنوب يوركشاير، شيفيلد، ليست استثناءً. في خطوة جريئة وجديدة، قررت مجلس مدينة شيفيلد استعادة السيطرة على ملكية العقارات من خلال شراء المنازل التي تم بيعها سابقًا بموجب برنامج "حق الشراء" الذي تم إطلاقه في الثمانينات. هذه الخطوة جاءت نتيجة لزيادة الحاجات السكنية وارتفاع عدد المشردين. لقد أعلنت إدارة شيفيلد أنها استثمرت ما يقرب من 52 مليون جنيه إسترليني لشراء 725 منزلاً تم بيعها سابقًا بموجب قانون "حق الشراء" منذ بداية عام 2020. ويعتبر هذا المبلغ جزءًا من خطة أوسع تهدف إلى معالجة أزمة السكن المتزايدة والمساعدة في تقليل النفقات المترتبة على الإقامة في المساكن المؤقتة. تأسس برنامج "حق الشراء" في عام 1980 في عهد حكومة مارغريت تاتشر، حيث يسمح للمستأجرين من القطاع العام بامتلاك منازلهم بأسعار مخفضة. رغم أن هذا البرنامج قد حقق نجاحًا في تمكين العديد من المواطنين من تحقيق حلم التملك، إلا أنه أدى أيضًا إلى تقليص مخزون المساكن الاجتماعية في المدن، مما ساهم في تفاقم أزمة السكن. ومع تفشي أزمة homelessness (المشردين) بشكل متزايد، بدأت مجالس المدن، بما في ذلك شيفيلد، في إعادة تقييم استراتيجياتها السكنية. تعهدت لورين هولندا، المتحدثة باسم الرابطة المحلية للحكومة، بالعمل من أجل زيادة مخزون المساكن الاجتماعية، مشيرة إلى أن تكلفة إقامة الأشخاص في المساكن المؤقتة تتجاوز بشكل كبير تكلفة شراء المنازل نفسها. تتضمن استراتيجية شيفيلد عملاً متواصلاً لاستعادة ملكية المنازل السابقة، وهي تأمل في أن توفر هذه الخطوة منازل دائمة للمشردين وتساعد في تقليل قائمة الانتظار للحصول على المساكن. تشير التوقعات إلى أن نحو 80% من المنازل التي تم شراؤها كانت تمثل سابقًا ملكية مجلس المدينة، مما يبرز أهمية استعادة هذه الملكيات. تسعى شيفيلد لإعادة هذه المنازل إلى السوق، حيث إن العديد منها كانت مملوكة سابقًا لمستأجرين اشتروها بأسعار منخفضة. وفي حال رغبة هؤلاء المستأجرين في بيع منازلهم مجددًا، فإن لمجلس المدينة حق الأولوية في الشراء. ومع ذلك، فإن الأسعار التي يتم دفعها في السوق غالبًا ما تكون أعلى من الأسعار التي تم بيع المنازل بها في الأصل. من خلال تحليل البيانات المتاحة، نجد أن هناك حوالي 25,502 شخص مسجلين على قائمة انتظار الحصول على منزل من مجلس المدينة، بينما تشير التقديرات إلى أن هناك حوالي 1,211 حالة ذات أولوية نشطة. هذه الأرقام تعكس الحاجة الملحة إلى توفير المزيد من المساكن الاجتماعية في المدينة. وعلى الرغم من استثماراتها الكبيرة في شراء المنازل، فإن مجلس المدينة لا يضمن أن جميع المنازل ستكون جاهزة للسكن على الفور. بعض المساكن تحتاج إلى أعمال ترميم كبيرة قبل أن يمكن إعادة تسكينها، مما يعني أن عملية توفير السكن قد تأخذ وقتًا أطول مما هو متوقع. ومع ذلك، يبقى الهدف هو تقليل فترة الانتظار للمقيمين الجدد وتحسين ما يسمى بـ "دورات الإيجار" عندما تصبح المنازل شاغرة. علاوة على ذلك، تواجه شيفيلد تحديات إضافية تتمثل في المنازل الفارغة. حاليًا، هناك ما يقرب من 745 منزلاً فارغًا في المدينة، منها 172 منزلاً تحتاج إلى أعمال كبيرة قبل أن تتمكن من إعادة تأهيلها للسكن. إن معالجة هذه القضايا ليست مجرد مسألة توفير المساكن، بل تتعلق أيضًا بتحسين نوعية الحياة وتمكين الأفراد والعائلات من الاستقرار في منازلهم. ومن جانبها، أكدت الحكومة المحلية على أهمية الاستفادة من هذه الخطط لتحقيق نتائج إيجابية. وقد أشار دوغلاس جونسون، رئيس لجنة سياسة الإسكان في مجلس مدينة شيفيلد، إلى الحاجة الملحة لتقليل النقص في المساكن بأسلوب فعّال ومستدام. وقد شهدت شيفيلد، مثل العديد من المدن البريطانية الأخرى، زيادة كبيرة في تكاليف المعيشة، مما يزيد من الضغط على العائلات ذات الدخل المنخفض. وبينما يواصل مجلس المدينة استراتيجياته، هناك بالفعل دعوات متزايدة لإعادة النظر في برنامج "حق الشراء" نفسه. تطالب الرابطة المحلية للحكومة بإجراء إصلاحات للبرنامج، بما في ذلك إعادة بناء المساكن المفقودة والحفاظ على 100% من العائدات من مبيعات المنازل، بالإضافة إلى إمكانية تحديد الخصومات على مستوى محلي. يتجه النقاش نحو أهمية تكييف سياسات الإسكان لتلبية احتياجات المجتمعات المتغيرة. ختامًا، يمكن القول إن جهود شيفيلد لاستعادة المنازل التي تم بيعها سابقًا تمثل خطوة إيجابية نحو معالجة أزمة السكن والمساكن الاجتماعية. ومن خلال استعادة السيطرة على مخزون المساكن، يأمل المجلس في تقديم حلول طويلة الأمد لمشكلة المشردين وتعزيز الاستقرار في المدينة. يبقى الرهان على أن هذه الخطوات ستكون كفيلة بتوفير الظروف الملائمة للأسر، مما يساعد مجتمعات شيفيلد في مواجهة التحديات المستقبلية.。
الخطوة التالية