تُعدّ مسألة البنية التحتية من القضايا الرئيسية التي تشغل بال الحكومة الأمريكية، حيث تهدف القوانين والمشاريع المعنية بها إلى تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين حياة المواطنين من خلال استثمارات كبيرة في الطرق والجسور والنقل العام. لكن، كما هو الحال في أي مشروع حكومي كبير، تبرز التساؤلات حول كيفية تمويل هذه المشاريع. وفي هذا السياق، قدمت اللجنة الوطنية لدافعي الضرائب انتقاداتها الحادة بشأن ما وصفته بـ "الحيل التمويلية" في مشروع قانون البنية التحتية الثنائي الحزب، مشيرةً إلى أن هذه الحيل تمثل تهديداً للمصالح المالية للمواطنين. تعتبر "الحيل التمويلية" أساليب غير تقليدية تُستخدم لإظهار أن هناك أموالاً كافية لتمويل مشروع معين، لكن غالباً ما تكون هذه الأساليب غير مستدامة أو غير دقيقة. في مشروع قانون البنية التحتية الأخير، ادعى المشرعون أنهم عثروا على طرق جديدة لجمع الأموال، ولكن وفقًا للخبراء، فإن معظم هذه الطرق مبنية على افتراضات مضللة أو أنها تتضمن زيادات مستقبلية في الضرائب لا تكون مضمونة. يمكن أن تتخذ هذه "الحيل" أشكالاً عدة، مثل تأجيل النفقات، أو استخدام الإيرادات المستقبلية، أو حتى الاعتماد على المبادرات الخاصة التي قد لا تتحقق على أرض الواقع. وعندما يُعتمد على مثل هذه الحيل، يُمكن أن يواجه دافعو الضرائب عواقب سلبية، حيث لا يتم توفير التمويل الفعلي المطلوب، ويتم إحالة التكاليف إلى المستقبل، مما يعني أن الأجيال القادمة ستكون مضطرة لتحمل الأعباء. واحدة من النقاط المثيرة للقلق التي أثارها النقاد هي التقديرات المبالغ فيها للإيرادات المحتملة من بعض الحيل التمويلية. على سبيل المثال، تم تقدير عائدات قد تُحققها الحكومة من خلال فرض ضرائب جديدة أو من خلال إلغاء بعض الحوافز الضريبية. لكن، كما أشار العديد من الاقتصاديين، لا توجد ضمانات بأن هذه العائدات ستتحقق بالفعل. تكمن المشكلة في أن برلمانيين وقادة سياسيين قد يجادلون بأن هذه الحلول تساعد في تمرير مشاريعهم، لكن الحقيقة تبقى أن اعتماد هذه الأساليب هو فقط تأجيل للمشكلة. بينما يشعر المواطنون بالراحة مؤقتًا نتيجة لهذه الاستثمارات، فإنهم في الواقع قد يدفعون الثمن لاحقًا من خلال ضرائب أعلى أو خدمات أقل جودة. تضيف اللجنة الوطنية لدافعي الضرائب نقطة مهمة أخرى؛ حيث يجب أن يكون الهدف من مشاريع البنية التحتية هو تحسين فعالية وأمان شبكة المواصلات، بدلًا من الاعتماد على الحيل المالية. عدم وجود تمويل جاهز ومستدام للمشاريع الكبرى يُمكن أن يؤدي إلى تأجيل العمل على تلك المشاريع أو حتى إلغاء بعضها، وهذا سيكون له تأثيرات سلبية على البيئة الاقتصادية والمجتمعية. ومع أن فكرة شراكة القطاعين العام والخاص تبدو جذابة، إلا أن الاعتماد المفرط على هذه الشراكات قد يؤدي في النهاية إلى تفويض القرارات الحيوية لأطراف خاصة تبحث فقط عن الربح. كما يمكن أن تتسبب هذه الشراكات في تضارب المصالح، مما يؤثر سلبًا على جودة المشروعات والخدمات المقدمة للمواطنين. على المشرعين أن يتحلوا بالشجاعة لضمان وجود تمويل مناسب وقوي لمشاريع البنية التحتية، يتجاوز الطرق السريعة والمكالمات الجذابة. يجب عليهم استكشاف طرق أكثر استدامة لجمع الأموال، مثل إصلاح النظام الضريبي أو تحسين كفاءة الإنفاق العام. ينبغي أن يكون الهدف هو استثمار الأموال بطريقة تعود بالفائدة الحقيقية على المجتمع ككل، بدلاً من اعتماد حيل قد تنقلب ضد دافعي الضرائب في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، يجب تضمين الشفافية والمحاسبة كعنصرين أساسيين في عملية تمويل المشاريع. عندما يتعلق الأمر بالمال العام، يتوجب على الحكومة أن تكون صريحة حول كيفية إنفاق الأموال وأين تذهب، وذلك لبناء الثقة مع المواطنين. علاوة على ذلك، فإن توفير ضمانات لمتابعة المشاريع وتقييم أدائها سيعزز من فعالية الإنفاق ويحد من الفساد. وفي ظل الأوضاع الاقتصادية الراهنة التي يعاني منها العديد من المواطنين، فإن الوقت قد حان لمراجعة الضرورة والأهمية الحقيقية لمشاريع البنية التحتية. مع وجود حاجة ماسة لتحسين الطرق والجسور والمدارس، يجب على الحكومات أن تتبنى نهجاً مختلفاً يعتمد على الفكر الاستراتيجي والمشاريع التي تحقق فائدة طويلة الأمد. في الختام، يجب أن تدرك الحكومة أن المسؤولية الكبرى تتجلى في كيفية إدارة الأموال العامة، وعليها التحلي بالشفافية والإبداع في إيجاد حلول تمويل عادلة ومستدامة. إن الحيل التمويلية غير المستدامة قد تؤدي في النهاية إلى إضعاف الثقة في النظام وكسر الروابط بين الحكومة والمواطنين. يتوجب على المشرعين والجميع العمل معاً لتوجيه القوانين والمشاريع نحو تحقيق الفائدة العامة، وليس مجرد تسهيل تمرير القوانين تحت غطاء الحيل المالية.。
الخطوة التالية