يُعتبر "الشاهد المنفصل" (Segregated Witness) من التطورات الهامة في عالم العملات الرقمية، وخاصة في شبكة البيتكوين. تم تقديم SegWit لأول مرة في عام 2015 كجزء من تحسينات بروتوكول البيتكوين بهدف حل مشكلة ازدحام الشبكة وزيادة سعة المعاملات. لكن ما الذي يعنيه هذا المفهوم بالنسبة لمستخدمي العملات الرقمية والمستثمرين على حد سواء؟ يأتي مفهوم SegWit للرد على التحديات التي تواجه شبكة البيتكوين، والتي تتمثل بشكل رئيسي في قلة قدرة الشبكة على معالجة عدد كبير من المعاملات في وقت واحد. في ذروتها، كانت رسوم المعاملات ترتفع بشكل كبير، مما جعل التحويلات أقل جاذبية للعديد من المستخدمين. كانت الحاجة إلى تحسين فعالية الشبكة واضحة، وهنا دخل SegWit على الخط. في جوهره، يقوم SegWit بفصل البيانات المتعلقة بتوقيع المعاملة عن البيانات الأساسية الأخرى. هذا الفصل يعني أن جزءًا من المعلومات، التي تكون عادةً كبيرة الحجم، لم تعد تُحسب ضمن الحد الأقصى لحجم الكتلة. وبذلك يمكن إدخال المزيد من المعاملات في كل كتلة، مما يزيد من سرعة معالجة المعاملات ويخفض من أوقات الانتظار ورسوم المعاملات. يساعد SegWit أيضًا في حل "مشكلة توقيع الشهادة"، التي كانت تعبّر عن كيفية توفر المعاملات للتأكيد. عن طريق فصل توقيع المعاملة، يتمكن نظام البيتكوين من معاملة كل كتلة بشكل أكثر كفاءة. هذه الطريقة الجديدة لم تعزز فقط من أداء شبكة البيتكوين، ولكنها أيضًا وفرت قاعدة للابتكارات المستقبلية مثل حل قنوات الدفع (Lightning Network). علاوة على ذلك، فإن تطبيق SegWit كان له دور كبير في تعزيز أمان الشبكة. من خلال فصل البيانات، يقل التعرض للهجمات السيبرانية، كما أن قدرة النظام على التعامل مع المعاملات المشبوهة أصبحت أفضل بفضل أساليب التشفير المحسّنة التي تم إدخالها. تم اعتماد SegWit بشكل رسمي في 23 أغسطس 2017، ويعتبر هذا التاريخ علامة فارقة في تاريخ شبكة البيتكوين. بعد اعتماده، بدأ مزودو المحافظ ومنصات التداول في دعم هذا البروتوكول الجديد، مما أسرع من عملية الانتقال إلى نظام أكثر كفاءة. وتشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 70٪ من المعاملات التي تُجري اليوم تعتمد على SegWit، مما يوضح مدى النجاح الذي حققه هذا البروتوكول في تحسين تجربة المستخدم. ومع ذلك، ينبغي على المستثمرين والمستخدمين العاديين أن يكونوا واعين للفرق بين المحافظ التي تدعم SegWit وتلك التي لا تفعل. استخدام محفظة تدعم SegWit يعني أن المستخدم سيستفيد من الرسوم المنخفضة والأوقات الأسرع في المعاملات. لكن لا يخلو الأمر من التحديات التي واجهت SegWit. فبينما كان هناك دعمًا كبيرًا من بعض الأعضاء في مجتمع البيتكوين، كان هناك أيضًا معارضة من بعض الأفراد الذين فضلوا الطرق التقليدية في إدارة المعاملات. كانت هناك نقاشات حادة حول كيفية الحفاظ على مبدأ اللامركزية في نظام البيتكوين ومعالجة مزيد من التطويرات. وفي السنوات التالية، تطور الأمر مع ظهور سماعات الجيل الثاني من البروتوكولات مثل "Lightning Network" التي تعد بمثابة تحسين إضافي لجعل عمليات الدفع في شبكة البيتكوين أسرع وأرخص. وتعتبر هذه التطورات دليلاً على أن روح الابتكار لا تزال قائمة في مجتمع العملات الرقمية. في الختام، يمكن القول إن SegWit يمثل نقطة تحول في تطور البيتكوين. لقد أسهمت هذه التقنية في تحسين الأداء وتقليل التكاليف، وقد وفرت قاعدة لمزيد من التطويرات المستقبلية. يظل الهدف الرئيسي لمجتمع العملات الرقمية هو بناء نظام مالي أكثر كفاءة، وأصبح SegWit جزءًا أساسيًا من هذه الرؤية. وبالرغم من أن التحسينات والإصلاحات لا تتوقف عند SegWit، إلا أنه يبقى بمثابة حجر الأساس لنموذج أكثر استدامة وفاعلية للعملات الرقمية. تظل عيون المستثمرين والمستخدمين متوجهة بشغف نحو المستقبل، إذ يبقى عالم البيتكوين والعالم الرقمي بشكل عام مليئًا بالفرص والتحديات.。
الخطوة التالية