انخفاض قوة الحوسبة العالمية لشبكة البيتكوين بعد قطع الإنترنت في كازاخستان وسط احتجاجات عنيفة

تراجعت القدرة الحاسوبية العالمية لشبكة البيتكوين بشكل ملحوظ بعد أن أقدمت كازاخستان على قطع الإنترنت، وسط احتجاجات عنيفة ضد الحكومة. يأتي هذا الانخفاض الحاد ليبرز مجددًا تبعية صناعة تعدين البيتكوين لدولة كازاخستان، التي أصبحت واحدة من أبرز مراكز تعدين العملات الرقمية بعد أن أغلقت الصين عمليات التعدين بها. بدأت الاحتجاجات في كازاخستان بعد قرار الحكومة برفع سعر الغاز السائل، مما أدى إلى موجة من الغضب بين السكان الذين كانوا يعتمدون على هذا النوع من الوقود كأحد مصادر الطاقة الرئيسية. ومع تفاقم الأحداث، تصاعدت الاحتجاجات لتصبح تحديًا كبيرًا للسلطات، مما دفعها إلى اتخاذ قرارات صارمة، منها فرض حظر شامل على الإنترنت في البلاد. في الساعات التي تلت قطع الإنترنت، شهدت شبكة البيتكوين انخفاضًا قدره 12% في معدل التجزئة، وهو مقياس حيوي لقياس القدرة الحاسوبية المطلوبة لدعم الشبكة وإنتاج البيتكوين الجديد. وبحسب لاري سيرماك، نائب رئيس البحث في The Block، فإن هذا الانخفاض يعكس مدى تركيز عمليات التعدين في كازاخستان ويشدد على أهمية استقرار الإنترنت في الحفاظ على قوة الشبكة. تُعد كازاخستان الآن ثاني أكبر مركز لتعدين البيتكوين في العالم، بعد الولايات المتحدة. وفقًا لتقارير من مركز كامبريدج للتمويل البديل، فقد ارتفع سهم كازاخستان في سوق التعدين إلى 18.1% في عام 2021، مما جعلها وجهة مفضلة للعديد من عمال المناجم، خصوصًا بعد أن قامت الصين بحملة صارمة ضد عمليات التعدين. تشير البيانات إلى أن الولايات المتحدة تسيطر على 35.4% من إجمالي معدل تجزئة البيتكوين في العالم، بينما كانت حصة كازاخستان قبل الأحداث الأخيرة أقل بكثير. مع تنامي أهمية استخراج البيتكوين في كازاخستان، سعت الحكومة إلى تنظيم هذه الصناعة المتنامية. فقد قامت بتأسيس سجل جديد يهدف إلى تقنين التعدين وتعزيز الشفافية في هذا القطاع. ومع ذلك، فإن الأحداث الأخيرة تشير إلى ضرورة إعادة تقييم هذا النموذج القائم على السلطة المركزية، حيث يعاني العديد من عمال المناجم الآن من عدم استقرار الشبكة بسبب الأحداث السياسية والاجتماعية. تعتبر شبكة البيتكوين واحدة من أكثر الشبكات أمانًا بفضل البروتوكولات المعقدة التي تستند إليها. ولكن، كما أوضح ماركوس سوتيريو، محلل في GlobalBlock، فإن انخفاض معدل التجزئة لا يتصل بشكل مباشر بسعر البيتكوين، ولكنه يعطي انطباعًا عن أمان الشبكة. ولهذا، يشعر المستثمرون عادةً بالقلق عند حدوث مثل هذه التغيرات، إذ قد تؤثر على الثقة في النظام. إن انقطاع الإنترنت في كازاخستان يسلط الضوء على المخاطر الجيوسياسية الكامنة في صناعة العملات الرقمية. حيث أن تجمع أعداد كبيرة من عمال المناجم في دولة واحدة يمكن أن يؤدي إلى عدم استقرار في الشبكة بأكملها عند حدوث أي اضطرابات. في السنوات الأخيرة، شهدت عملات رقمية أخرى، مثل الإيثر، تأثيرات مشابهة عندما واجهت مشاكل في الشبكة، مما أدى إلى فقدان قيمة الأسواق بشكل كبير. إن انجراف كازاخستان نحو تنظيم سوق العملات الرقمية قد يكون خطوة إيجابية، ولكنها لا تخلو من التحديات. فبينما تتجه العديد من الدول حول العالم نحو تقنيات البلوكتشين والعملات المشفرة، يمكن أن تكون التغييرات السياسية والاقتصادية في كازاخستان بمثابة تحذير حول المخاطر المرتبطة بالاعتماد المفرط على منطقة جغرافية واحدة في تعدين البيتكوين. على الرغم من أن انخفاض معدل التجزئة قد يتسبب في عدم استقرار مؤقت، إلا أن السوق يظهر مرونة كبيرة. فقد أعرب العديد من المستثمرين عن إيمانهم بالاستثمارات طويلة الأجل في العملات الرقمية، حيث تعود الأسعار عادةً للارتفاع بعد الأزمات. بالإضافة إلى ذلك، فإن تنويع مواقع التعدين يمكن أن يكون حلاً محتملاً لمثل هذه المخاطر، مما يعطي الأمل في استمرارية صناعة البيتكوين. في ختام الحديث، يمكن القول إن الأحداث الأخيرة في كازاخستان تعكس عمق العلاقة بين الأحداث الجيوسياسية وصناعة العملات الرقمية. لقد أظهرت هذه الاضطرابات كيف يمكن أن تؤثر السياسات المحلية على الاعتبارات العالمية، مما يسفر عن تداعيات ضخمة. يقف المجتمع الرقمي حاليًا أمام امتحان حقيقي لمدى قدرته على التكيف والازدهار في أوقات عدم اليقين. إن مراقبة الأحداث في كازاخستان ومتابعة التطورات العالمية في مجال العملات الرقمية أمر ضروري لفهم كيف تتشكل هذه الصناعة. قد تكون الأزمات فرصة لإعادة تقييم الاستراتيجيات وتطوير نماذج قانونية وتنظيمية جديدة تعزز من استقرار وأمان الشبكة. كما ستظل أهمية الإنترنت كعنصر حيوي لاستدامة الشبكات الرقمية واضحة، مما يستدعي جهودًا متواصلة لتحسين البنية التحتية الرقمية ومواجهة التحديات المستقبلية. إجمالاً، إن التقلبات التي تشهدها صناعة البيتكوين تعكس الطبيعة الديناميكية لهذا السوق، حيث يمكن أن تتفاعل الأحداث السياسية مع التطورات الاقتصادية بشكل سريع. ومع استمرار تطور هذا القطاع، ستبقى نظرة المجتمع الرقمي مركزة على كيفية التعامل مع هذه التحديات المستقبلية والإمكانيات الجديدة التي قد تنشأ عنها.。