في عالمنا اليوم، نشهد حدثًا خطيرًا يهدد توازن كوكبنا ويعرض التنوع البيولوجي للخطر، وهو ما يُعرف بالانقراض الجماعي السادس. هذا حدث غير مسبوق يتميز بارتفاع معدلات انقراض الأنواع بسبب النشاط البشري. بعد خمسة أحداث انقراض جماعي شهدتها الأرض عبر تاريخها الطويل، يُعتقد أن الأرض تواجه الآن موجة جديدة من الانقراضات، أغلبها نتيجة لتأثيرات النشاط البشري. إن الانقراض الجماعي هو فترة زمنية جيولوجية قصيرة تميزها نسبة عالية من فقدان الأنواع، تشمل كائنات حية مثل البكتيريا والفطريات والنباتات والثدييات والطيور والزواحف. في العصور السابقة، كانت أسباب هذه الانقراضات الطبيعية، مثل الكوارث الجيولوجية أو التغيرات المناخية. ومع ذلك، فإن الانقراض الجماعي السادس يظهر بوضوح كمشكلة نتيجة مباشرة لأفعال الإنسان، مما يضعنا في موقف حرِج يتطلب اتخاذ إجراء فوري. تتعدد الأسباب الرئيسية التي تقف وراء هذا الانقراض الوشيك. أولاً، الاستخدام غير المستدام للأراضي والموارد المائية. حاليًا، تم تحويل حوالي 40% من الأراضي حول العالم للإنتاج الزراعي، مما أدى إلى تدهور المواطن الطبيعية. كما أن الزراعة هي المسؤولة عن 90% من عمليات إزالة الغابات العالمية، و70% من استخدام المياه العذبة على كوكب الأرض. تؤدي هذه الممارسات إلى تدمير المواطن التي تعيش فيها الأنواع، مما يسبب فقدان التنوع البيولوجي. ثانيًا، يلعب التغير المناخي دورًا بارزًا في هذه الكارثة. تفاقم الاحتباس الحراري نتيجة انبعاثات غازات الدفيئة الناتجة عن الزراعة والاستهلاك غير المستدام. تتسبب التغيرات المناخية في حدوث جفاف شديد، وزيادة في تواتر العواصف، مما يؤدي إلى تدمير المواطن الطبيعية التي تعيش فيها الأنواع، ويجعل الظروف غير ملائمة لبقائها. لماذا يجب أن نهتم بالانقراض الجماعي؟ لأن الأنواع لا تعيش في عزلة عن بعضها البعض. كل نوع يتفاعل مع أنواع أخرى، مما يسهم في الحفاظ على النظام البيئي. انقراض نوع واحد يمكن أن يؤثر بشكل كبير على الأنواع الأخرى، مما يعطل توازن النظام البيئي، ويؤدي إلى حدوث انقراضات إضافية. إذا استمر هذا الاتجاه، فإننا سنواجه عواقب وخيمة تهدد حياتنا وأساسياتنا مثل الهواء النقي والمياه النظيفة والتربة الصحية. تشير الدراسات الحالية إلى أن معدلات انقراض الأنواع قد تكون أعلى بـ1000 إلى 10000 مرة مقارنة بمعدلات الانقراض الطبيعية. إننا نواجه منعطفًا حساسًا؛ إذ يمكن أن تؤدي عمليات الانقراض هذه إلى فقدان مهم لهياكل نظامنا البيئي، مما يعرض حياتنا للخطر. ومع ذلك، هناك أمل. يمكننا اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذا الوضع. من المهم أن نستثمر في التزاماتنا للحد من انبعاثات الكربون، من خلال اتفاقية باريس للمناخ. يجب على الدول والجهات الفاعلة أن تعمل سويًا للحد من ارتفاع درجات الحرارة إلى 1.5 درجة مئوية. هذا العمل الجماعي يعد مفتاحًا لحماية التنوع البيولوجي. كذلك، يمكن دعم مبادرة «أمريكا الجميلة»، التي تستهدف الحفاظ على 30% من الأراضي والمياه في الولايات المتحدة بحلول عام 2030. هذه المبادرة تحتاج إلى دعم من القادة والمجتمعات لتكون فعالة. بالإضافة إلى ذلك، يتعين على الولايات المتحدة أن تأخذ دور القيادة في اتفاقية كونمينغ - مونتريال، التي تدعو لحماية 30% على الأقل من الأراضي والمياه العذبة والبحار حول العالم. كما أن العمل على المستويات المحلية يعد ضروريًا. بإمكان المواطنين والمجتمعات المحلية أن يؤثروا على سلوك الشركات من خلال اختياراتهم الاستهلاكية. يجب أن نطالب بمساءلة القادة السياسيين عن الأساليب التي تدعم الحفاظ على البيئة. النشاط المجتمعي يمكن أن يشمل المشاركة في حملات التوعية أو التطوع في مشاريع الحفظ المحلية. هناك الكثير من المنظمات غير الربحية، مثل الصندوق العالمي للطبيعة (WWF)، التي تعمل tirelessly لحماية التنوع البيولوجي، وتحتاج إلى دعمنا. من خلال التبرعات، يمكننا مساعدتهم في جهودهم لإنقاذ الأنواع المهددة. في النهاية، إن مواجهة تحدي الانقراض الجماعي السادس يتطلب تعاونا عالميا وجهودا مشتركة من جميعنا. إذا لم نتحرك الآن، سنفقد التنوع الحيوي الذي يضمن جودة حياتنا. الفهم العميق للعلاقة بيننا وبين كل نوع من الكائنات الحية التي تتشارك كوكب الأرض ضروري لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة. علينا جميعً أن نكون صوتًا للحيوانات والنباتات وندافع عن كوكبنا قبل فوات الأوان. مستقبل كوكبنا يعتمد على أفعالنا اليوم، لذا دعونا نتحد في هذه المعركة ضد الانقراض الجماعي السادي، فنحن المسؤولون عن تحقيق التغيير.。
الخطوة التالية