تحتل تقنية المعلومات مكانة محورية في عالم الأعمال الحديث، ومع تزايد التعقيدات المصاحبة للتحول الرقمي، أصبح من الضروري أن يلعب مديرو تقنية المعلومات (CIOs) دورًا قياديًا ومركزيًا في تطوير استراتيجيات تركز على الأعمال. في السنوات الأخيرة، حقق العديد من المدراء التنفيذيين للتكنولوجيا نجاحات ملموسة من خلال إعادة تصور هياكل فرقهم، وتوسيع استراتيجيات التوظيف، وتعزيز مهارات التواصل والبزنس بين الفنيين في مؤسساتهم. تعتبر تجربة شركة "ديك هيلث" مثالًا حيًا على كيفية تحول إدارات تقنية المعلومات. حيث أدركت الشركة أن التوظيف التقليدي للمختصين القائمين على المعرفة التقنية وحدها لم يعد كافيًا. بل أصبح من المهم جذب العاملين من مجالات وظيفية متنوعة، بما في ذلك تقديم الدعم للأطباء والممارسين في القطاع الصحي، لتحسين جودة الخدمات التي تقدمها الشركة. حيث قال دان برونو، الرئيس التنفيذي للعمليات في "ديك هيلث": "يجب على موظفينا أن يدركوا أولاً وقبل كل شيء أن وظيفتهم قد تكون تقنية، لكن ما يقومون به في النهاية له تأثير مباشر على رعاية المرضى". تجسد استراتيجيات التوظيف المبتكرة التي تم تبنيها في "ديك هيلث" هذا الاتجاه. حيث يبحثون عن مرشحين لديهم شغف للربط بين التقنية والأعمال، وليس فقط الخبرة التقنية. يسعى المديرون إلى نقل ثقافة اعتماد الأعمال داخل فرق تقنية المعلومات، مما يخلق بيئة عمل تعاونية تركز على الابتكار لتحسين الأهداف التجارية. تقوم الشركات بتصميم هيكل تنظيمي جديد لتقنية المعلومات يدمج colaboradores من مختلف التخصصات. فعلى سبيل المثال، في شركة "سيرفيس ناو"، يتم تشجيع الموظفين الجدد على قضاء وقت في مختلف الأقسام مثل الموارد البشرية والمالية والمبيعات للحصول على فهم شامل لتشغيل الأعمال وكيفية لعب التقنية دورًا محوريًا في ذلك. هذا النوع من التجارب يساهم بشكل كبير في تعزيز التنسيق بين فرق تكنولوجيا المعلومات والوظائف الأخرى. كما تسعى "ديك هيلث" إلى تقوية العلاقة بين الوظائف المختلفة عن طريق إدماج المهنيين من قطاعات مختلفة في فرق تكنولوجيا المعلومات. من خلال توظيف أطباء وممرضين لديهم فهم جيد للتكنولوجيا، يمكن للإدارة الحصول على رؤى قيمة حول احتياجات الأعمال وتحدياتها. "هذا يمنحنا فرصة للاستماع إلى المتطلبات مباشرة من العملاء، بدلاً من إرسال شخص للتفسير"، أضاف برونو. توسيع استراتيجيات التوظيف يشمل أيضًا تنويع المصادر لجذب موهبة جديدة. إذ تركز الشركات مثل "زوييتس"، المتخصصة في الرعاية الصحية الحيوانية، على مبتكرين يتمتعون بشغف للتعاون والقدرة على التكيف مع التغيرات. يقول كيث ساربا، المدير التنفيذي لتكنولوجيا المعلومات في زوييتس: "نحن نبحث عن المواهب التي يمكنها دمج فهمها التكنولوجي مع احتياجات أعمالنا لتحقيق نتائج ملموسة". تعزيز التعليم والتدريب يلعب دوراً هاماً في تحويل ثقافة قسم تكنولوجيا المعلومات إلى مناهج أكثر تركيزاً على الأعمال. حيث بدأت العديد من المؤسسات، مثل "F5"، بتقييم المهارات لتحديد النقص في الكفاءات التقنية والتجارية. نتج عن ذلك وضع خطط تعليمية قوية تهدف لتطوير القدرات بشكل يتماشى مع أهداف الأعمال. التحدي الأكبر يكمن في مساعدة العاملين على إدراك أن حل القضايا التقنية يعني في النهاية حل مشكلات تجارية. من الضروري أيضًا إعادة التفكير في نظام المكافآت والتقدير. يتم فرض معايير جديدة في تقييم الأداء تدور حول الأثر الفعلي للجهود التقنية على نتائج الأعمال. في "زوييتس"، المكافآت مرتبطة بجوانب معينة تتخطى التميز في جدولة قواعد البيانات، بل تركّز على كيفية تأثير المشاريع التقنية على عملاء جدد. كما يبرز دور التقدير في الربط بين العمل الذي يقوم به العاملون والتغيير الإيجابي في النتائج. تشير هذه الاستراتيجيات إلى تحول عميق في طبيعة دور تكنولوجيا المعلومات في المؤسسات. لم تعد تقنية المعلومات مجرد وظيفة مساعدة، بل أصبحت عنصراً أساسياً في نموذج الأعمال. بفضل الاستراتيجيات الجديدة، تتمكن الشركات من العثور على التوازن الصحيح بين المهارات التقنية والفهم الأعمق للأعمال، مما يؤدي إلى تحسين النتائج وزيادة الابتكار. المستقبل يبين أن التحول في كيفية تنسيق تكنولوجيا المعلومات مع الأهداف التجارية لا يمثل مجرد اتجاه، بل ضرورة حتمية. سيستمر مدراء تقنية المعلومات في العمل على تعزيز مهارات فرقهم، وتحسين ثقافة التواصل، وتوسيع استراتيجيات التوظيف لمواجهة التحديات المتزايدة في عالم الأعمال المتغير. التكنولوجيا ستظل تكتسب أهمية متزايدة، لتتحول إلى أداة تمكن المؤسسات من الابتكار والنمو على المدى الطويل. وفي نهاية المطاف، يتعين على قادة "CIO" الاستمرار في تعزيز العلاقات بين التكنولوجيا والأعمال، مما يسهم في خلق بيئة ديناميكية تدعم الابتكار والتعاون. هذه الاستراتيجيات ليست مجرد خطوات مؤقتة بل تمثل رؤية مستقبلية تسعى لتحسين الأداء وزيادة النجاح في عالم يرتكز على التكنولوجيا.。
الخطوة التالية