تحتدم المشهد المالي العالمي هذه الأيام، حيث يترقب المستثمرون بقلق صدور تقرير الوظائف لشهر أغسطس، والذي يعتبر واحداً من أبرز المؤشرات الاقتصادية التي قد تؤثر بشكل كبير على حركة أسعار العملات الرقمية، وعلى رأسها البيتكوين. في حين أن العملات الرقمية قد شهدت تقلبات ملحوظة في الأيام الماضية، فإن التركيز يظهر بشكل واضح على بعض المستويات السعرية الحاسمة التي قد تحدد الاتجاه المقبل للسوق. تعتبر البيتكوين، العملة الرقمية الأكثر شهرة، في خضم فترة متقلبة منذ أن سجلت أعلى مستوياتها في مارس الماضي. ومع تراجع سعرها بأكثر من 24% من تلك النقطة، أصبح من الواضح أن هناك نقصًا في المحفزات التي يمكن أن تعيد الزخم الصعودي للعملة. للعديد من المستثمرين، يمكن أن يكون تقرير الوظائف الذي يُنظر إليه كدليل لقياس الصحة الاقتصادية، محورًا رئيسيًا يؤثر على قراراتهم الاستثمارية. تشير التوقعات إلى أن هناك احتمالية قوية لتقليص أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس من قبل الاحتياطي الفيدرالي. أي قراءة ضعيفة من تقرير الوظائف قد تزيد من احتمالية خفض يكبر يصل إلى 50 نقطة أساس. في الوقت نفسه، يعتمد الكثير على استجابة السوق لهذه التغييرات، وقد يعزز أي تخفيض في أسعار الفائدة من جاذبية البيتكوين كملاذ آمن. تحليل فني إذا نظرنا من منظور التحليل الفني، نجد أن البيتكوين في الفترة الأخيرة قد اتبعت نمطًا قنويًا شبه منتظم. السعر قد ارتفع وانخفض خلال هذا المدى، حيث تم اختبار المستويات العليا والسفلى عدة مرات على مدى الأشهر الستة الماضية. يبدو أن العملة كانت تتداول في حدود 56,000 دولار، متراجعة نحو خط الاتجاه السفلي للنمط. من الأهمية بمكان تتبع المستويات الحرجة على الرسم البياني للبيتكوين، خاصة تلك التي تتعلق بالدعم والمقاومة. يقول الخبراء إن مستوى الدعم الأول الذي يجب مراقبته هو 53,000 دولار. في حال استمرار تراجع السعر نحو هذا المستوى، فقد يجد البيتكوين دعمًا قويًا هناك، نظراً لأنه يقع بالقرب من نطاق ضيق من التماسك الذي تلا الحركة الصعودية الكبيرة في فبراير. إذا حدث انهيار تحت هذا المستوى المهم، فقد يفتح المجال أمام تراجع أعمق نحو منطقة 47,000 دولار. خبراء السوق يعبرون عن تفاؤلهم بأن المضاربين على الصعود يمكن أن يدخلوا السوق ويوقفوا مزيدًا من التراجع عند هذه النقطة. أما بالنسبة لمستويات المقاومة، فإن مستوى 65,000 دولار يمثل حاجزًا احترازياً يجب مراقبته بعناية. إذا تعافت البيتكوين وارتفعت نحو هذا المستوى، فمن المحتمل أن تواجه العملة مقاومة قوية جراء ارتفاعات الشهر الماضي والمتوسّط المتحرك لـ 200 يوم. فإذا تمكنت البيتكوين من الإغلاق فوق مستوى 65,000 دولار بشكل ناجح، فقد تعود الأسعار للارتفاع نحو 68,500 دولار، حيث سيكون من المجدي للمستثمرين الذين قاموا بشراء العملة عند المستويات المنخفضة أن يحصّوا أرباحهم. السيولة وحركة التداول تظهر بيانات السوق أيضًا تراجعًا في معدلات التداول على منصات كبيرة مثل "كوين بيس"، حيث تنخفض أحجام التداول بشكل ملحوظ مقارنةً بالعام الحالي. يُعتبر هذا الأمر مصدر قلق، إذ أن انخفاض السيولة في السوق يزيد من احتمالية حدوث تقلبات أسعار مفاجئة. وهذا يشير إلى أن أي تحرك حاد في الأسعار قد يؤدي إلى تحركات كبيرة في السوق، سواء كانت إيجابية أو سلبية. بالنظر إلى الأفق القريب، من الواضح أن البيانات الاقتصادية، وعلى وجه الخصوص تقرير الوظائف، ستعزز من القرارات الاستثمارية. سيسعى المستثمرون إلى فهم التأثير المحتمل لهذا التقرير على التوقعات الاقتصادية الأوسع وعلى سعر البيتكوين. مراقبة الأسواق في هذه الأثناء، يجب على المستثمرين أن يكونوا على دراية بالمشاهد السياسية والاقتصادية الأوسع التي قد تؤثر أيضًا على أسعار العملات الرقمية. بينما يُعتبر البيتكوين عملة تقلبتها مرتفعة، فإن الاتجاهات في الأسواق المالية التقليدية، بالإضافة إلى قرارات السياسة النقدية من قِبل الاحتياطي الفيدرالي، قد تمثل تحديات إضافية. من المهم أن يتحلى المستثمرون بالصبر ويراقبوا تطورات السوق بحذر، فقد تتغير الأوضاع بسرعة. الوقت الحالي يعد وقتًا حاسمًا، حيث يمكن أن تشهد العملات الرقمية تقلبات كبيرة في ضوء أي بيانات اقتصادية جديدة. لذا، يظل التركيز على المستويات السعرية المذكورة لدى المستثمرين أولوية قصوى. ختامًا، ومع اقتراب نشر تقرير الوظائف، يتجه انتباه العالم المالي نحو كيفية تفاعل البيتكوين مع المعطيات الاقتصادية الجديدة. في الوقت الذي تتطلع فيه الأسواق إلى إشارات تقود الأساسيات الاقتصادية، سيبقى المستثمرون في دائرة الاستعداد لمراقبة الحركة البيانية للبيتكوين بحذر، في ظل ما توفره من فرص استثمارية على المدى القريب والبعيد.。
الخطوة التالية