في عالم التجارة الدولية، تعتبر الرسوم الجمركية أداة قوية تستخدمها الحكومات لحماية اقتصاداتها المحلية. ومن أبرز الأمثلة على ذلك الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، والتي أثارت جدلاً هائلاً على المستوى المحلي والدولي. فبينما اعتبرها البعض خطوة ضرورية لحماية الصناعات الأمريكية، اعتبرها آخرون إشارة إلى تصعيد النزاعات التجارية التي قد تؤدي إلى آثار سلبية على الاقتصاد العالمي. وفي الوقت الذي يحدث فيه تغييرات في المشهد السياسي والاقتصادي، جاء تحذير من جيمس ديفير، الرئيس التنفيذي لشركة deVere Group، ليعيد إلى الأذهان المخاطر المحتملة الناتجة عن هذه السياسات. لقد قال ديفير إن التاريخ يمكن أن يتكرر، وأثر الرسوم الجمركية على النمو الاقتصادي يمكن أن يكون أكثر عمقًا مما كان متوقعًا. تاريخ الرسوم الجمركية مر التاريخ بعدد من الفترات التي شابت فيها التجارة العالمية ضرائب ورسوم جمركية معقدة. أحد أبرز هذه الأحداث هو "أزمة الكساد الكبير" في الثلاثينيات، والتي شهدت تطبيق رسوم "سموت-هولي" الجمركية في عام 1930. كانت هذه الرسوم تهدف لحماية الصناعة الأمريكية ولكنها في الواقع أدت إلى تدهور اقتصاد الولايات المتحدة والعالم. لقد أدت سياسات الحماية هذه إلى انخفاض حاد في التجارة الدولية، حيث ردت الدول الأخرى بفرض رسوم مضادة. ومما لا شك فيه أن هذه الدروس التاريخية تلقي بظلالها على الوضع الحالي، حيث يمكن للتحذيرات من تجارب الماضي أن تعطي بصيرة حول العواقب المحتملة لفرض رسوم ترامب. تأثير الرسوم الجمركية عيد ترامب الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب بدت في البداية وكأنها محاولة لتحفيز الاقتصاد الأمريكي. ومع ذلك، أدت هذه الرسوم إلى ردود أفعال من الدول الأخرى. الصين، على سبيل المثال، كانت من بين أولى الدول التي تأثرت بهذه الرسوم، مما أدى إلى سلسلة من الاستجابات الانتقامية. تسبب ذلك في تباطؤ التجارة بين الولايات المتحدة والصين، مما أثر على سلسلة الإمدادات العالمية وأدى إلى زيادة الأسعار في العديد من المنتجات. وقد أدت هذه الزيادة في الأسعار إلى تقليص القوة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين، وهو مما حذر منه ديفير قائلاً: "إن الرسوم الجمركية ليست مكافأة للتجارة، بل هي عقوبة". مع وجود بعض الأوضاع الاقتصادية التي لا تزال تتجاوز أزمة كوفيد-19، يتساءل الكثيرون عن كيفية تأثر الاقتصاد العالمي بتكرار هذه السياسات. التأثيرات المحتملة على الاقتصاد العالمي مع استمرار تصاعد التوترات التجارية، يمكن أن تؤدي الرسوم الجديدة أو إعادة فرض الرسوم السابقة إلى تفاقم الأوضاع. وفقًا لديفير، فإن الدول التي تعتمد على التجارة كأحد العوامل الأساسية لنموها ستواجه تحديات أكبر، وإذا استمر هذا التصعيد، يمكن أن يحدث ركود عالمي. على صعيد الشركات، قد تؤدي هذه السياسات إلى مزيد من عدم الاستقرار. الشركات التي تعتمد على المواد الخام المستوردة ستجد نفسها مضطرة لزيادة أسعار منتجاتها، مما سيؤدي إلى تآكل الأرباح. كما أن الشركات الصغيرة والمتوسطة، التي لا تمتلك القدرة على تحمل تكاليف إضافية، قد تجد نفسها مضطرة للإغلاق. بالإضافة إلى ذلك، يجب أن نأخذ في الاعتبار تداعيات هذه السياسات على العمال. مع تراجع القطاعات الاقتصادية نتيجة زيادة التكاليف، قد نشهد زيادة في معدلات البطالة. تداعيات هذه الأوضاع قد تؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وعدم استقرار سياسي في بعض الأحيان. كيف يمكن تجنب الأخطاء الماضية؟ لذا، كيف يمكن تجنب الأخطاء التي حدثت في الماضي؟ أولاً، يجب على القادة العالميين التفكير في استراتيجيات مبتكرة وغير تقليدية لتعزيز التجارة الدولية دون استخدام الرسوم الجمركية. يمكن أن تشمل هذه الاستراتيجيات اتفاقيات التجارة الحرة، والتي تعزز التعاون بين الدول بدلاً من خلق حواجز. ثانيًا، يجب على الدول التفكير في التعاطي مع المشاكل الاقتصادية بطريقة تؤمن تعزيز النمو بدلاً من تدهوره. مثلًا، استثمار الأموال في التعليم والتدريب لتأهيل العمال، وتحفيز الابتكار في قطاعات جديدة. إن تحذيرات ديفير تؤكد على أهمية حماية الصناعة المحلية، ولكن يجب أن يتم ذلك بطريقة تحافظ على العلاقات التجارية الدولية وتعزز النمو الاقتصادي. إن تجنب الأخطاء التي حدثت في الماضي يمكن أن يضمن أن النظام الاقتصادي العالمي يبقى قويًا ومترابطًا، حتى في وجه التحديات الناشئة. خلاصة إن التاريخ يقدم لنا دروساً هامة يجب أخذها بعين الاعتبار عند التفكير في السياسات الاقتصادية الحالية. إن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب تمثل تحديًا أساسيًا يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى، وعندما نتأمل في تحذيرات مثل تلك التي قدمها جيمس ديفير، يمكننا أن نرى بوضوح أن التأثيرات قد تتجاوز حدود أي بلد معين. لأن التاريخ قد يتكرر، فإن التعامل الحكيم مع التجارة الدولية وتجنب الحلول القصيرة الأمد سيساعد على الحفاظ على الاستقرار والنمو الذي يحتاجه الاقتصاد العالمي.。
الخطوة التالية