في دراسة جديدة نشرتها صحيفة نيويورك بوست، تم التوصل إلى نتائج صادمة حول عشاق البيتكوين وعلاقتهم بالشخصية النفسية. وفقًا للدراسة، اتضح أن هؤلاء الأفراد يُظهرون صفات نفسية معروفة ترتبط باضطراب الشخصية، مما دفع الباحثين إلى وصفهم بأنهم "سيكوباتي". التأكيد على هذا الطرح يتطلب منا أولاً فهم ما يعنيه مصطلح "سيكوباتي". عادة ما يرتبط هذا المصطلح بخصائص سلبية مثل نقص التعاطف، وأنانية مفرطة، وسلوك غير اجتماعي. وبدلاً من ذلك، يتجه الأفراد الذين يحملون هذه الصفات إلى الانغماس في الهوايات والمصالح التي تحقق لهم مكاسب شخصية، دون اعتبار لعواقب أفعالهم على الآخرين. عصر البيتكوين هو عصر مليء بالإثارة والتحديات. ومن المعروف أن العملات الرقمية أصبحت شائعة بشكل متزايد، وقد جذبت الكثير من الأنظار. جذبت إمكانية الأرباح العالية التي يمكن تحقيقها من خلال تداول البيتكوين العديد من المستثمرين، بما في ذلك الأشخاص الذين قد يتمتعون بشخصيات معقدة. لكن ماذا عن العواطف والمشاعر الإنسانية التي يجب أن تسود في عالم المال؟ الدراسة التي أجراها فريق من الباحثين في جامعة نوتنغهام أثارت جدلاً كبيرًا، وهي تشير إلى أن ولع الأفراد بالبيتكوين وحالات الضغوط النفسية الناتجة عن سوق العملات الرقمية قد تكون مرتبطة بمشاكل نفسية أعمق. وقد أجرى العلماء استبيانات لعينة من المستثمرين في البيتكوين ووجدوا أن هناك علاقة ملحوظة بين الاستثمار في البيتكوين وخصائص السيكوباتية. واحدة من النتائج الأكثر إثارة كانت أن هؤلاء المدمنين على البيتكوين يميلون إلى رؤية العالم من منظور مادي بحت. حيث استخدم الكثير منهم تبريرات مثل "الأرباح تأتي قبل كل شيء" مما يعكس طبيعتهم الأنانية والمصلحية. وكشفت الدراسة أن الكثير من هؤلاء الأفراد لا يشعرون بالتعاطف تجاه الأشخاص الآخرين الذين يتأذون من تقلبات السوق أو حتى من الاستثمارات الخاسرة. وفي سياق ذلك، يعتبر بعض خبراء الاقتصاد أن هذا السلوك يعكس التحول الاجتماعي نحو اهتمام متزايد بالمصالح الشخصية، حيث لم يعد التفاعل البشري هو المحرك الرئيسي للعلاقات، بل أصبحت الأطماع المالية تشكل مركزًا جديدًا للقيم الاجتماعية. هذا الأمر يثير تساؤلات حول الأخلاقيات في عالم المال وكيف يمكن أن تؤثر هذه الشخصية السيكوباتية على الاقتصاد الجديد. يجدر بالذكر أن الكثير من المستثمرين في البيتكوين يعارضون هذه النتائج، حيث يشددون على فكرة أن البيتكوين هو تقنية ثورية يمكن أن تساهم في تعزيز الشمول المالي ومساعدة الفئات الاجتماعية المحرومة على مقاربة السوق المالية. هؤلاء المستثمرون يعتقدون أن الدافع وراء استثمارهم في البيتكوين هو الأمل في التغيير وتحقيق قيمة حقيقية للمجتمع. ومع ذلك، يظل السؤال المطروح: هل يمكن اعتبار هؤلاء المستثمرين متهورين أو حتى أنانيين؟ إذا اعتبرنا أن الشخصيات السيكوباتية تميل إلى الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر وعدم التفكير بالعواقب المحتملة، فإن عالم البيتكوين يوفر لهم منصة مثالية لتنفيذ طموحاتهم دون أدنى اعتبار للنواحي الإنسانية. الباحثون في هذا المجال يؤكدون على أهمية فهم الدوافع النفسية وراء استثمارات البيتكوين. إذ أن غياب التعاطف يمكن أن يعزز من سلوكيات غير مطلوبة؛ مثل استغلال الآخرين أو اتخاذ قرارات مالية دون اعتبار لمصلحة الغير. وهذا يجب أن يكون بمثابة تحذير للمستثمرين وللسوق المالية بشكل عام، خاصة مع تزايد الانخراط في عالم العملات الرقمية. مع تزايد حالات الفشل المالي والخسائر التي كانت نتيجة لإفراط المستثمرين في تقلبات السوق، تبين أن المتأثرين المباشرين هم أولئك الذين تلاعب بهم الازدهار المؤقت لهذه السوق. وهذا ما قد يجعلنا نشعر بأن السلوك السيكوباتي الذي أظهره بعض مستثمري البيتكوين قد يكون له تأثير عميق على مجتمعاتهم. في نهاية المطاف، تهدف هذه الدراسة إلى تسليط الضوء على أهمية التعاطف والأخلاق في كل جوانب الحياة، خاصة في مجال المال. ويجب أن تظل المبادئ الإنسانية حاضرة، حتى في عالم سريع التغير والتطور مثل عالم البيتكوين والعملات الرقمية. تتطلع المجتمعات المستقرة إلى التوازن، ومثل هذه الدراسات تدفعنا إلى إعادة التفكير في كيفية وجود المال والدوافع البشرية. فهذا يثير توقعات مستقبلية عن كيفية تعامل الأسواق المالية مع الشخصيات التي تتسم بالصفات السيكوباتية، وما إذا كانت هناك حاجة إلى معايير أخلاقية جديدة في عالم استثمار العملات الرقمية. إن الأمر برمته يحتاج إلى مزيد من الدراسة والبحث، خاصة في ظل انفتاح مجالات الاستثمار المالية على تكنولوجيا جديدة وطرق مبتكرة.。
الخطوة التالية