في خطوة تمثل تحولًا كبيرًا في مستقبل العملات الرقمية في نيجيريا، أعلنت هيئة السوق المالية النيجيرية (SEC) عن منح أول ترخيص مؤقت لتداول العملات الرقمية لشركة كيدوكس (Quidax)، وهي منصة متخصصة في تبادل العملات الرقمية ومقرها مدينة لاغوس. يأتي هذا القرار في إطار جهود الحكومة النيجيرية لتبني الابتكارات التكنولوجية وخلق بيئة قانونية تراعي هذا القطاع المتنامي، الذي يحمل في طياته العديد من الفرص والتحديات. تأسست كيدوكس في عام 2018 ونجحت في جذب قاعدة واسعة من المستخدمين. ورغم أن قرار الترخيص يعد خطوة إيجابية، إلا أنه يعكس أيضًا الحذر من قبل الهيئة في التعامل مع سوق العملات الرقمية. وقد تم تعديل التشريعات السابقة لتعزيز إطار العمل القانوني، حيث يتعين على المنصات الالتزام بقوانين مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وهو شرط أساسي لتصريح أي منصة في البلاد. فور حصول كيدوكس على الترخيص المؤقت، أصبحت قادرة على تقديم خدماتها بشكل قانوني لتلبية احتياجات السوق المحلي. ومع ذلك، يتعين على الشركة الحصول على إذن خاص من البنك المركزي النيجيري، وهو ما يشير إلى أن الطريق نحو التشغيل الكامل لا يزال يحتاج إلى المزيد من الخطوات الإدارية. وفي حديثه عن قرار الترخيص، أشار مؤسس كيدوكس، بوكي أوكورو، إلى أن هذه الخطوة ليست فقط اعترافًا بالشركة، بل تمثل أيضًا علامة إيجابية للجنة في موقفها نحو سوق العملات الرقمية. وأكد أن الحكومة تظهر بالفعل انفتاحًا نحو الابتكار في هذا المجال، وأن هذا الترخيص يعزز الثقة في النظام البيئي للعملات الرقمية الناشئة في نيجيريا. يأتي هذا القرار بعد سلسلة من التحذيرات التي أصدرتها هيئة السوق المالية حول المنصات غير المرخصة، حيث أكدت على ضرورة التعامل فقط مع المنصات التي تحظى بترخيص رسمي. وقد شهد العام الماضي اعتقالات طالت بعض المسؤولين لدى منصة باينانس بسبب شبهات تتعلق بالاحتيال وغسل الأموال، مما ألقت بظلالها على سمعة السوق وعمليات التداول. التوجه الجديد نحو تنظيم العملات الرقمية ليس حصريًا على نيجيريا، بل تمثل الخطوة جزءًا من اتجاه أوسع يمتد في مناطق أخرى، مثل هونغ كونغ التي تسعى أيضًا لإعادة هيكلة بيئة تشريعية تدعم الابتكار في هذا القطاع. وفي واقع الحال، تعتبر نيجيريا واحدة من دول إفريقيا الأكثر تطورًا في مجال العملات الرقمية، حيث يتزايد اهتمام المواطنين والمستثمرين في هذا المجال. وفقًا لتقارير حديثة، فإن الطلب على العملات الرقمية في نيجيريا ارتفع بشكل ملحوظ، مع انخراط عدد كبير من الشباب في الأسواق الرقمية، مما يجعل من الضروري وجود منصات محلية تلبي احتياجات هؤلاء المستثمرين. إن وجود كيدوكس كمنافس محلي إلى جانب منصات أخرى سيعزز من تنافسية السوق ويزيد من الخيارات المتاحة للمستثمرين النيجيريين. كما يتطلب من المنصات المرخصة الالتزام بمجموعة من الضوابط، من بينها امتلاك رأس مال مدفوع لا يقل عن 500 مليون نيرة نيجيرية، أي ما يعادل حوالي 556620 دولار أمريكي، بالإضافة إلى تأمين بوليصة تأمين تغطي 25% على الأقل من هذا المبلغ. هذه المعايير تهدف إلى حماية مستثمري العملات الرقمية وضمان الشفافية والنزاهة في التعاملات المالية. كذلك، يشمل المتطلبات على المنصات إجراء عمليات تعرف على الهوية وتطبيق إجراءات العناية الواجبة المستمرة، مما يساهم في بناء بيئة موثوقة للمستثمرين. ويتوجب على هذه المنصات تقديم تقارير عن أي معاملات مشبوهة لضمان سلامة النظام المالي. علي الرغم من أن التنظيم يتم ببطء، يظل هناك شعور بالتفاؤل في أوساط المستثمرين تجاه مستقبل العملات الرقمية في البلاد. يعكس تحرك الهيئة نحو منح تراخيص رسمية رغبة قوية في حماية المستثمرين والاستجابة للطلب المتزايد على خدمات العملات الرقمية. تعد كيدوكس الآن في وضع يمكنها من الاستفادة من العلاقة التي ستنشئها مع البنوك المحلية ومقدمي الخدمات المالية. يبقى أن نرى كيف ستساهم هذه الخطوة في تعزيز الثقة في السوق وتوفير حلولا آمنة للمتداولين النيجيريين، والتي يمكن أن تمهد الطريق أمام نجاح العملات الرقمية في نيجيريا. في الختام، يمثل قرار هيئة السوق المالية النيجيرية بمنح ترخيص لكيدوكس بداية مرحلة جديدة من التنظيم والإشراف على سوق العملات الرقمية في نيجيريا. إن هذه الخطوة لا تساهم فقط في تعزيز المشهد المحلي، بل قد تلهم دولاً أخرى في المنطقة لاتخاذ خطوات مشابهة نحو تنظيم وإضفاء الشرعية على هذا القطاع المتنامي. ومع وجود اهتمام متزايد بالاستثمار في العملات الرقمية، يبقى الأمل معقودًا على أن تؤدي هذه التحركات التنظيمية إلى تعزيز السوق المحلية وتعزيز الثقة بين المستثمرين، الأمر الذي يمكن أن يفتح الأفق أمام الابتكار والنمو في هذا المجال الديناميكي.。
الخطوة التالية