في إطار التطورات المتسارعة في عالم العملات الرقمية، أشار جارية جينسلر، رئيس لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC)، إلى أنه لن يقوم بإلغاء القواعد المحاسبية المعروفة باسم SAB 121. هذه التصريحات جاءت خلال شهادته أمام الكونغرس، حيث كان يناقش آثار هذه القواعد على سوق العملات الرقمية. تأتي هذه القواعد في الوقت الذي شهد فيه السوق عددًا من الإفلاسات الكبرى، مما أدى إلى مشاعر القلق بين المستثمرين والتنظيميين على حد سواء. ومن بين الشركات التي تأثرت بشكل مباشر، كانت FTX، تيرافورم، وسلسيوس، والتي شهدت جميعها انهيارات دراماتيكية أدت إلى خسائر كبيرة للمستثمرين. وذكر جينسلر أن SAB 121 تهدف إلى حماية الشركات من المخاطر المرتبطة بالأصول الرقمية. فقد اعتبر أن هذه القواعد ضرورية لضمان الشفافية وحماية المستثمرين في بيئة تتسم بعدم اليقين وسرعة التغيير. وفيما يتعلق بالانتقادات التي وجهت له بشأن هذه القواعد، أوضح جينسلر أن اللجنة ملتزمة بتطبيق هذه اللوائح كوسيلة لحماية السوق. وقد شهدت جلسة الاستماع في الكونغرس تناقضات قوية بين الأعضاء، حيث اتهم بعض الكونغرسيين جينسلر بإساءة استخدام سلطاته. على سبيل المثال، اتهم النائب توم إيمر جينسلر بابتكار مصطلح "أمان الأصول الرقمية" كمبرر لتوجهاته التنظيمية، مشيرًا إلى أنه لم يتم توفير أي توضيح حول كيفية تعريف هذا المصطلح. ولقد أضاف إيمر بأن جينسلر ولم يوفر التوجيهات الضرورية التي يمكن أن تساعد في تطوير بيئة عمل مناسبة للشركات الناشئة في مجال العملات الرقمية. سلفًا على تلك النقاط، فإن بعض البنوك التي تحاول التكيف مع التنظيمات الجديدة، مثل بنك Custodia وبنك Silvergate، تعرضت لضغوط كبيرة نتيجة لهذا النظام. فبحسب التقارير، فإن SAB 121 قد جعل من الصعب على هذه البنوك تقديم الخدمات المالية للأصول الرقمية نتيجة للمتطلبات الصارمة للإفصاح عن الأصول الحافظة. وهذا ما دفع العديد من الشركات إلى التساؤل عن طبيعة العدالة في هذه اللوائح، خاصة حينما تم إعفاء بعض المؤسسات الكبرى مثل بنك BNY Mellon من هذه القواعد، الأمر الذي آثار انتقادات حول وجود مجاملة وتفضيل لمؤسسات بعينها. أثارت تصريحات جينسلر جدلاً واسعاً في مجتمع العملات الرقمية، حيث اعتبرت كثير من الأصوات أن هذه القواعد تعيق الابتكار وتحد من فرص النمو في هذا القطاع الواعد. أما جينسلر، فقد دافع عن موقفه قائلاً إن القوانين الحالية تهدف إلى خلق سوق مالية أكثر أماناً لكل المشاركين. وفي إصراره على أهمية SAB 121، قال: "إن وجود قواعد محاسبية واضحة ومحددة سيساهم في تكوين بيئة موثوقة للتداول والاستثمار". ورغم الضغوط التي يتعرض لها من المشرعين والمستثمرين، يصر جينسلر على موقفه، وهو ما جعل الكثيرين يتساءلون عن المدى الذي يمكن أن تذهب إليه لجنة الأوراق المالية والبورصات في مواجهة عالم يتسم بالتغير السريع. وفي حين يتزايد الطلب على الأصول الرقمية، يستمر الاستنتاج بأن التنظيم هو الطريق الأمثل للحفاظ على استقرار السوق. قد يشمل الحراك العام مستقبلاً مزيداً من النقاشات حول كيفية تحقيق التوازن بين الابتكار والتقنين، خاصة مع ظهور تقنيات جديدة مثل العقود الذكية وتطبيقات التمويل اللامركزي (DeFi). ويتعين على المستثمرين والمشاركين في السوق التكيف مع البيئة التنظيمية المستمرة في التطور، بينما يستمر النقاش حول تأثير هذه القواعد خطوة بخطوة. علاوة على ذلك، فإن العلاقة بين الابتكار والتقنين تستمر في أن تكون محور اهتمام العديد من المشرعين. فبينما تلعب الابتكارات التكنولوجية دورًا محوريًا في تشكيل مستقبل التمويل، ينبغي على السلطات المحلية والدولية التفكير بعمق في كيفية دعم الابتكار بدون المخاطرة بسلامة السوق. وبالتالي يصبح من الضروري إجراء حوار متواصل بين صانعي السياسات والجهات الفاعلة في السوق لضمان تحقيق الأهداف المشتركة. في الختام، تبقى حواجز SAB 121 واحدة من الموضوعات الساخنة في عالم العملات الرقمية، كما يستمر جينسلر في الدفاع عن موقفه، مما يثير العديد من التساؤلات حول مستقبل التنظيمات في هذا المجال المتغير. مع وجود ضغوط متزايدة من الكونغرس والمجتمع المالي، قد يتعين على جينسلر إعادة تقييم بعض جوانب سياسته، مع التعهد بالحفاظ على توازن دقيق بين حماية المستثمرين وتعزيز الابتكار في عالم السلسلة الكتل.。
الخطوة التالية