تحت عنوان "هل تلوح في الأفق إلغاء المناظرات؟ ترامب وهاريس يتبادلان الاتهامات حول المناظرات التلفزيونية"، نشهد في الساحة السياسية الأمريكية سجالاً حاداً بين الحملتين الانتخابيتين للمرشحين الرئاسيين دونالد ترامب ونائبة الرئيس كامالا هاريس. فإن كان من المقرر أن يكون هناك مناظرة تلفزيونية بينهم في 10 سبتمبر 2024، إلا أن الأجواء الحالية تحمل الكثير من التخوفات حول إمكانية إلغاء هذه الفعالية المرتقبة. منذ الإعلان عن الموعد المحدد، بدأت الاتهامات والتصريحات النارية تتقاطع بين الطرفين. يُعرف عن ترامب قدرته على إثارة الجدل، وقد بدأ حديثه بصورة غير متوقعة عن قناة ABC News، التي من المقرر أن تُنقل عليها المناظرة. وصف ترامب هذه القناة بأنها "أخبار مزيفة" وقال: "لماذا يجب أن أشارك في مناظرة ضد كامالا هاريس على هذا الشبكة؟". مُسنداً نقده إلى وضع كواليس إعداد المناظرة والأسئلة المفترض طرحها. الجولة الإعلامية التي قام بها أحد مراسلي ABC مع السيناتور الجمهوري توم كوتون، كانت الشرارة التي أشعلت انتقادات ترامب. حيث اعتبر ترامب أن المراسل أدار الحوار بطريقة "متحيزة" و"سخيفة"، مدعياً أن شبكة ABC تميل لمساندة هاريس. انطلقت التعليقات من الجانبين، حيث اعتبرت حملة هاريس أن التغييرات في قواعد المناظرة تأتي في سياق رغبتها في التأكد من عدم وجود تلاعب أو تحيّز. كان الطلب الذي قدمته حملة هاريس بخصوص أن تظل الميكروفونات مفتوحة لكلا المرشحين خلال المناظرة، أحد أبرز النقاط الخلافية. يُذكر أن القاعدة التقليدية كانت تقضي بإيقاف ميكروفون المرشح الذي لا يتحدث، وهو ما يُخشى أن يُستخدم كوسيلة لتقليل فرص ترامب في الحديث والإجابة بحرية. قال أحد المتحدثين باسم حملة هاريس، بريان فالون: "نحن نعتقد أنه من الضروري أن يكون لكل مرشح فرصة كاملة وشفافة للتعبير عن آرائه". في المقابل، جاء رد حملة ترامب سريعاً، حيث اعتبرت أن رفض هاريس لهذه القاعدة يدل على انعدام الثقة في قدرتها على الأداء بشكل جيد دون إعفائها من الإجابات. هذا السجال لم يتوقف عند هذا الحد، بل قام ترامب بتوجيه دعوة ذكية تطالب بإجراء ثلاثة مناظرات بدلاً من واحدة، حيث شدد على أهمية تصحيح ما أسماه "التحيز" المفترض في تنظيم المناظرات المقبلة. كانت انتقادات ترامب واضحة، حيث استخدم كلمات حادة لوصف أداء هاريس وفريق عملها. بالإضافة إلى ذلك، طرح ترامب فكرة أن المناظرات يجب أن تُقام على قنوات أخرى مثل Fox News، التي يُعرف أنها تميل إلى دعم المرشحين الجمهوريين، بحضور جمهور أكبر. مما يزيد من التعقيد على المناظرات، هو الوضع السياسي الذي يشوبه انقسام حاد بين الجمهوريين والديمقراطيين، ويبدو أن الأجواء المشحونة سوف تلقي بظلالها على أي مناظرة مستقبلية. رغم ذلك، سيكون هناك مناظرة بين المرشحين للمنصب الثاني، حيث اتفق ج.د. فانس وتيم والتز على إجراء مناظرة في الأول من أكتوبر. هذا الحدث يضيف مزيداً من الإثارة للسباق الانتخابي، حيث تأتي في وقت تتجه فيه الأنظار نحو أداء المرشحين وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على قرارات الناخبين. تجدر الإشارة إلى أن الانتخابات الرئاسية المقبلة في الولايات المتحدة ستكون أكثر تعقيداً من أي وقت مضى، فمعركة المناظرات ليست فقط مجرد حدث عادي، بل هي تمثل معركة أفكار وأساليب بين حزبين يتنافسان على قيادة البلاد في الأوقات العصيبة. من جهة أخرى، تعتبر المناظرات التلفزيونية ساحة حيوية للمرشحين، حيث يسعى كل مرشح لتقديم أفضل ما لديه من خلال عرض رؤاه السياسية والدفاع عن مواقفه من القضايا الهامة التي تهم الناخبين. ومع ذلك، إن عدم التوصل إلى اتفاق مقبول بين ترامب وهاريس يمكن أن يعيق هذه الفرصة، مما يدفع كلا الطرفين إلى تكرار ما حدث في الانتخابات السابقة حيث شهدنا غياب مناظرات حاسمة. ما يثير القلق فعلاً هو أنه إذا استمرت التوترات بهذه الوتيرة، فإن هناك احتمالية قوية للاحتجاجات الغاضبة من أنصار ترامب وهاريس إذا تم إلغاء المناظرات، مما قد يؤدي إلى تضخيم التوترات السياسية والاجتماعية في البلاد. بالنظر إلى الموقف الحالي، يبدو أن الفترة القادمة ستزيد الطين بلة في ظل انشغال الطرفين بمشاكلهم الداخلية بدلاً من التركيز على صنع قرار مشترك يخدم المصلحة العامة. في الختام، لا تزال الأنظار مشدودة إلى كيفية تبلور هذه المعركة الإعلامية والسياسية، وما إذا كان سيتم تجاوز الخلافات الحالية وصياغة مناظرة تسهم في تشكيل مستقبل الولايات المتحدة. فمع كل يوم يمر، يبدو أن الصراع بين الحملتين يتجه نحو المزيد من التعقيد، مما يجعل مسار المعركة الانتخابية أكثر إثارة ولكن أيضًا أكثر قلقًا.。
الخطوة التالية