تعتبر السياسة المالية من العناصر الأساسية التي تؤثر على الاقتصاد الوطني، والتي تتناول كيفية تحصيل الأموال الحكومية وكيفية إنفاقها. لكن هناك دائمًا تساؤلات حول من يملك السلطة الفعلية في تشكيل هذه السياسات: هل هو الرئيس أم الكونغرس؟ في هذا المقال، سنستعرض الأدوار المختلفة للرئيس والكونغرس في تحديد السياسة المالية وكيفية تأثير ذلك على الاقتصاد. أولاً، لنبدأ بفهم ما تعنيه السياسة المالية. تتعلق السياسة المالية بطرق الحكومة في إدارة مواردها المالية، بما في ذلك الضرائب والإنفاق الحكومي. وتُستخدم هذه السياسة لتحقيق أهداف اقتصادية معينة، مثل تحفيز النمو الاقتصادي، أو التحكم في التضخم، أو تقليل العجز المالي. من المعروف أن كلا من الرئيس والكونغرس يلعبان أدواراً محورية في عملية صياغة السياسة المالية. ولكن، يمكن القول إن الكونغرس هو الجهة التي تمتلك السلطة الحقيقية في تحديد السياسة المالية. الكونغرس، كهيئة تشريعية، مسؤول عن إعداد الميزانية الوطنية. أي أنه هو الذي يحدد كيف سيتم إنفاق الأموال الحكومية من خلال قوانين وتنظيمات تتطلب موافقته. يحق للكونغرس أيضًا فرض الضرائب، وبذلك يأخذ الموافقة على أي تغييرات قد تؤثر على خطة إنفاق الحكومة أو عائداتها. من ناحية أخرى، دور الرئيس يتمثل في اقتراح السياسة المالية. الرئيس هو الذي يقدم ميزانية الدولة إلى الكونغرس، ويحدد أولويات الإنفاق. كما يمكنه استخدام سلطته التنفيذية لتوجيه السياسة العامة، ولكنه يحتاج إلى دعم الكونغرس لتمرير أي مبادرة كبيرة. في هذه الحالة، يمكن للرئيس أن يخطط وينظم، ولكن الكونغرس لديه الكلمة الفصل في الموافقة. مع ذلك، هناك أوقات يتحكم فيها الرئيس بشكل أكبر في الفضاء المالي، وخاصة في حالات الطوارئ الاقتصادية. على سبيل المثال، خلال الركود الاقتصادي، قد يتمتع الرئيس بقدر أكبر من السلطة في دفع سياسات تحفيز مالي دون انتظار الأذونات الكاملة من الكونغرس. لكن هذه السياسات غالبًا ما تكون مؤقتة، وتتطلب في النهاية تفويضًا من الكونغرس. في المناقشات الحديثة، ينقسم الرأي حول من ينبغي أن يكون له التأثير الأكبر في السياسة المالية. يرى البعض أن الرئيس يجب أن يكون له دور أكبر بسبب المسئوليات العامة التي يتحملها والتحديات الاقتصادية العديدة التي تستدعي اتخاذ قرارات سريعة. بالمقابل، يؤكد الآخرون على ضرورة حماية سلطة الكونغرس من خلال التأكد من أن كافة القرارات المالية تخضع للنقاش والموافقة كجزء من النظام الديمقراطي. تظهر التجارب التاريخية أن تكامل الأدوار بين الرئيس والكونغرس قد يؤدي في بعض الأحيان إلى تعقيدات. فعندما يكون الرئيس من حزب مختلف عن الأغلبية في الكونغرس، قد تحدث صراعات سياسية تؤدي إلى تأخير في تحديد السياسة المالية. على سبيل المثال، ستكون هناك مواقف سياسية قد تمنع بعض المبادرات المالية من التقدم بسبب عدم التوافق الحزبي. في السنوات الأخيرة، شهدنا أمثلة عديدة على هذا التوتر بين الرئيس والكونغرس. في بعض الأحيان، يأخذ الرئيس زمام المبادرة في تقديم التشريعات المتعلقة بالضرائب أو الإنفاق، ولكن عندما لا يتفق الكونغرس، فإنه يمكن أن يؤثر سلبًا على تنفيذ هذه السياسات. على المستوى العالمي، تظل قضية من يملك السيطرة على السياسة المالية مثار جدل واسع. في دول أخرى، قد تكون الأنظمة المختلفة لها تأثيرات متفاوتة على كيفية تحديد السياسة المالية. بالنسبة لبعض البلدان، قد تكون هناك ممارسات أفضل لتنظيم هذا الأمر، مما يؤدي إلى تكامل أكثر سلاسة بين الأنظمة التنفيذية والتشريعية. في الختام، يمكننا القول إن كلا من الرئيس والكونغرس يلعبان أدوارًا رئيسية في تحديد السياسة المالية، ولكن لكل منهما صلاحيات مختلفة. الكونغرس لديه السلطة النهائية في الموافقة على القوانين والسياسات المالية، في حين أن الرئيس قد يساهم بشكل كبير في تحديد الاتجاه العام هذه السياسات. لذا، إن فهم هذه الديناميكية يمكن أن يكون مفتاحًا لفهم كيفية تأثير السياسة المالية على الاقتصاد الوطني.。
الخطوة التالية