في عالم التكنولوجيا المتسارع الذي نعيشه اليوم، سيطرت ظاهرة "الهاكرز" أو القراصنة الإلكترونيين على جزء كبير من النقاشات حول الأمن السيبراني. هؤلاء الأفراد، أو الجماعات، لديهم مهارات متقدمة في اختراق الأنظمة الحاسوبية، وغالباً ما تكون أهدافهم متباينة. فبينما يسعى بعضهم إلى استكشاف الأنظمة بدافع الفضول، يسعى آخرون إلى تحقيق مكاسب غير مشروعة، مثل سرقة البيانات الحساسة أو تدمير المواقع الإلكترونية. في السنوات الأخيرة، ومع تزايد شعبية العملات الرقمية، زادت هجمات القراصنة على منصات التبادل والمحافظ الرقمية. فالهجمات الأخيرة تظهر بوضوح أنه لا أحد في أمان من مخططاتهم الخبيثة. فمثلاً، في عام 2014، أعلن "Mt. Gox"، الذي كان في يوم من الأيام أكبر منصة لتبادل البيتكوين، عن إفلاسه بعد أن فقد 850,000 بيتكوين. وفي مارس 2022، استهدفت مجموعة من القراصنة شبكة "Axie Infinity" وسرقت ما يقرب من 625 مليون دولار في Ether و USD Coin، مما جعلها إحدى أكبر عمليات القرصنة في تاريخ العملات الرقمية. تشير الإحصاءات إلى أنه منذ ذلك الحين، تم تسجيل العديد من الحوادث الكبرى. فقد تعرضت منصة "Poly Network" لهجوم استولى فيه القراصنة على أكثر من 600 مليون دولار. كما تعرضت منصة "FTX" لخرق ضخم أدى إلى فقدان 600 مليون دولار من الأصول الرقمية. ومن جهة أخرى، تعرضت "Binance"، إحدى أكبر منصات التبادل، لسرقة بقيمة 570 مليون دولار، في حين عانت "Coincheck" من هجوم بقيمة 523 مليون دولار في عام 2018. ومع تطور الأساليب المستخدمة من قبل القراصنة، تأتي التقارير الحديثة لتظهر أن مساحة الأمان في العالم الرقمي تزداد ضيقًا. فقد شهدنا مؤخرًا مراحل مختلفة من الاختراقات، بدءًا من سرقة الأموال وصولًا إلى تسريبات البيانات الحساسة. في 25 أكتوبر 2024، أظهرت التقارير أن هناك استغلالاً حدث في "Base blockchain" أدى إلى سرقة مليون دولار. هذا الحدث أثار إنذارات حول ضعف الأمان في مجال التمويل اللامركزي (DeFi). ومن ثم، في 24 أكتوبر، تم الكشف عن أن القراصنة الذين استهدفوا "Radiant Capital" قد حولوا 52 مليون دولار من الأموال المسروقة إلى شبكة Ethereum، وهو ما يمثل إشارة سلبية بشأن إمكانية استعادة تلك الأموال. وكما هو الحال مع الكثير من الهجمات الإلكترونية، اعتمد القراصنة الأساليب المبتكرة. في 23 أكتوبر 2024، استخدمت مجموعة "Lazarus" الكورية الشمالية ضعفًا في متصفح Chrome من خلال إنشاء لعبة NFT مزيفة لجذب الضحايا، واستطاعت من خلال ذلك تفريغ محافظ المستخدمين من الأموال. ولم يكن "Lazarus Group" هو الوحيدة في هذا المجال، حيث تم القبض على مجموعة من المحتالين في اليابان كانت قد قامت بغسل أكثر من 17 مليون دولار لصالح هذه المجموعة. تعتبر "Lazarus" واحدة من أكبر مجموعات القرصنة الكورية الشمالية، وهي مسئولة عن بعض أكبر عمليات الاختراقات في عالم العملات الرقمية، بما في ذلك عملية جسر Ronin الشهيرة. في 21 أكتوبر 2024، تم الإبلاغ عن خرق بيانات في "Transak"، حيث تم الكشف عن معلومات شخصية لـ 92,000 مستخدم نتيجة هجوم تصيد تعرض له أحد الموظفين. وهذا يمثل تذكيرًا مؤلمًا بأن حتى أكبر المؤسسات ليست محصنة ضد الهجمات الإلكترونية. وفي 21 أكتوبر أيضًا، تعرضت "Tapioca" للهجوم خلال عملية احتيال، حيث سرق منها 4.7 مليون دولار. في محاولة لتعويض الخسائر، عرضت الشركة جائزة بمبلغ مليون دولار لمن يتمكن من استعادة الأموال. في حادث آخر، تم اكتشاف أن القراصنة الذين استهدفوا "Radiant Capital" قد تمكنوا من اختراق أجهزة ثلاثة من المطورين الرئيسيين من خلال الحقن بالبرمجيات الضارة. تتوجه الأنظار إلى البحث عن حلول أكثر أمانًا لحماية البيانات والأصول. وفي هذا السياق، فإن أغلبية الهجمات الحديثة تتطلب تأهبًا أكبر وتكاملًا بين التكنولوجيا والأفراد. يستلزم هذا الأمر تطوير استراتيجيات جديدة لمكافحة التهديدات، فضلاً عن تعزيز التعليم حول أهمية السيبرانية في عالم سريع التغير. على الرغم من زيادة الوعي بمخاطر الأمان الرقمي، إلا أن الأرقام تشير إلى أن هجمات القراصنة ستستمر في الارتفاع. فمع دخول المزيد من الأفراد في عالم العملات الرقمية والتمويل اللامركزي، يتوقع أن يزيد من السطح المحتمل للهجمات. في النهاية، يشكل عالم القراصنة الإلكترونيين تحديًا كبيرًا للمؤسسات والأفراد على حد سواء. تحتاج إلى استعداد دائم لمواجهة المخاطر الجديدة والهجمات المتطورة. قد تكون الوصية الأهم في هذا السياق هي أن تبقى حذرًا وأن تقلل من الثغرات التي يمكن أن يستغلها القراصنة، سواءً من خلال التعليم أو من خلال استخدام تقنيات الأمان الحديثة. إن عالم الأمن السيبراني يتطلب يقظة مستمرة، وعلى الجميع أن يكونوا في حالة استعداد لمواجهة التهديدات القادمة.。
الخطوة التالية