أطلق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب مشروعًا جديدًا في عالم العملات الرقمية يحمل اسم "World Liberty Financial"، وهو مشروع يهدف إلى تقديم حلول مبتكرة في مجال التمويل. وعلى الرغم من الوعود الكبيرة التي يحملها هذا المشروع في تغيير مفهوم المال والاقتصاد، إلا أنه أثار قلقًا كبيرًا بين المستثمرين والمتخصصين في السوق المالية. في 27 يوليو 2024، قاد ترامب مؤتمراً حياً تم بثه من منتجعه مار لاغو في فلوريدا، حيث تواجد فيه عدد من أفراد عائلته، بما في ذلك ابنيه إريك ودونالد جونيور، وابنه بارون، الذي تم تقديمه كـ "رؤية" المشروع. خلال المؤتمر، تم الإعلان عن إطلاق رمز جديد للعملة يُدعى "WLFi"، وصرح زاك فوكلمان، أحد القادة في المشروع، بأن هذه الرموز ستكون رموز حوكمة، مما يعني أنها ستمنح حامليها الحق في اقتراح ومناقشة القرارات المتعلقة بالمشروع، لكنها لن توفر أي حقوق اقتصادية مثل الأرباح أو توزيعات العوائد. واحدة من النقاط المثيرة للجدل هي أن هذا المشروع لن يكون متاحًا للجميع؛ حيث يُسمح فقط للمستثمرين المعتمدين في الولايات المتحدة بشراء رموز WLFi. وبحسب تصريحات أعضاء المشروع، سيتم بيع 63% من الرموز للجمهور، بينما سُيخصص 17% لمكافآت المستخدمين و20% لتعويضات الفريق، بما في ذلك ترامب وأولاده. وعلى الرغم من الضجيج الذي أثاره هذا الإعلان، إلا أن تفاصيل المشروع كانت غامضة إلى حد كبير، مع تركيز كبير على الأحداث الأخيرة المتعلقة بترامب، مثل محاولة الاغتيال، بدلاً من تقديم معلومات فعالة حول المشروع نفسه. وقد أثار ذلك تساؤلات حول جدية المشروع ومصداقيته. من الناحية الأخرى، يبدو أن هذا المشروع قد جذب انتباه العديد من المحتالين والمجرمين الإلكترونيين الذين بدأوا بالفعل في استغلال اسم ترامب لجذب المتابعين إلى مسارات احتيالية. قبل إطلاق المشروع بوقت قصير، تم استهداف "World Liberty Financial" من قبل المخادعين الذين أنشأوا قنوات مزيفة على تطبيق تيليجرام، مما جذب أكثر من 70 ألف متابع من مؤيدي ترامب عبر تقديم عروض وهمية لعملات مشفرة تصل قيمتها إلى 15000 دولار. كما تم اختراق حسابات تيفاني ولارا ترامب على منصة إكس (تويتر سابقًا) للترويج لعمليات احتيال مشابهة. تتجلى المخاوف المتعلقة بهذا المشروع في مسألة ما إذا كان ترامب يسعى حقًا إلى تحويل عالم التمويل التقليدي، أم أن هذا المشروع مجرد وسيلة للربح الشخصي من واقعة زواله أو العمق المالي. ومن المهم الإشارة إلى أن Trump's NFT collection sale والتي أُطلقت العام الماضي حققت 7.2 مليون دولار، ما يعطي انطباعًا بأنه ربما يكون هذا المشروع أيضًا وسيلة لجني الأرباح. هناك أيضًا مخاوف من أن المنظمة المالية التي يقودها ترامب قد تتحوّل إلى هدف سهل للمسألة القانونية. أحد المؤيدين لترامب، نيك كارتر، وهو شريك عام في شركة Castle Island Ventures، أعرب على منصة إكس عن قلقه قائلًا: \"هل يمكن أن نفعل شيئًا جماعيًا كحسابات في عالم العملات المشفرة لمنع إطلاق عملة World Liberty? يعتقد أنه إذا تم اختراقها، فقد يُلحق ذلك الضرر بفرص ترامب الانتخابية ويستهدف أيضًا لجنة الأوراق المالية والبورصات.\" بينما يحظى هذا المشروع بقدر كبير من الجدل، فإنه يمثل نقطة تحول في عالم العملات المشفرة، خاصةً مع دعم شخصية سياسية بارزة مثل ترامب. رغم عدم تأثير إعلان ترامب بشكل كبير على سوق العملات الرقمية خلال ساعات إطلاق المشروع، إلا أن هناك توقعات بأن هذا التجديد سيؤدي إلى مزيد من الرقابة على الفضاء. يأمل البعض أن يكون هذا الوضع دافعًا لتسريع تنظيمات المجال في الولايات المتحدة وفي جميع أنحاء العالم. يدرك الكثير من العاملين في مجال التكنولوجيا المالية أن ظهور ترامب في عالم العملات الرقمية يعكس كيف أصبح هذا المجال جزءًا لا يتجزأ من السياسة المعاصرة. يساعد تواجد الفاعلين السياسيين على اتخاذ مواقف تتعلق بالعملات الرقمية على دفع النقاشات حول دور هذه العملات في الاقتصاد التقليدي. وتعتبر الآراء حول تأثير ترامب على هذا السوق متعددة. في حين يراه البعض كقوة إيجابية يمكن أن تسهم في الشرعية والإقبال على العملات الرقمية، يرى آخرون أن هذه الشراكة قد تؤدي إلى مزيد من التعقيدات والمخاوف القانونية. ورغم هذا التباين، لا يمكن إنكار أن ترامب قد أدخل العملات الرقمية في صراعات تقابلها العديد من الأمور القانونية والجدلية. في المجمل، يبقى على المؤيدين والمعارضين لهذا المشروع الانتظار لرؤية ما سيحدث في المستقبل. تاريخ ترامب في عالم الأعمال السياسية، ونجاحه، أو فشله في هذا المجال الجديد قد يساهمان بشكل كبير في تشكيل طريقة تعامل الأشخاص مع العملات الرقمية وحجم الثقة في هذا السوق. يعكس هذا الوضع وضعًا متغيرًا يمكن أن يؤثر على مستقبل العملات الرقمية والتعاملات المالية في العالم بشكل عام. سوف يستمر النقد والجدل حول مشروع "World Liberty Financial"، لكن على المدى الطويل، قد تكون هذه الخطوة بمثابة بداية لمناقشات أوسع حول كيفية دمج السياسة مع الابتكار في مجال التمويل. في النهاية، التحديات التي تواجه هذا المشروع تعد تجسيدًا للتوترات بين التغيير التقليدي والابتكار المالي، مما يجعل وجود ترامب في الساحة الرقمية مثيرًا من جميع النواحي.。
الخطوة التالية