في الثامن عشر من سبتمبر، كانت الأضواء مسلطة على لجنة الأوراق المالية والبورصات الأمريكية (SEC) حيث شهدت جلسة استماع مثيرة للجدل تناولت مستقبل العملات المشفرة في الولايات المتحدة ودور رئيس اللجنة، غاري جينسلر، في هذا السياق. بالكاد مر عامين منذ تولى جينسلر، الذي يُعتبر خبيرًا في مجال التكنولوجيا المالية، رئاسة SEC، وسط توقعات كبيرة بتحسين العلاقة بين الهيئات التنظيمية والأسواق الرقمية. ولكن، مع تزايد الانتقادات وتغيرات السوق المتسارعة، بدأ الكثيرون في التساؤل: هل يفشل جينسلر في أداء مهامه؟ خلال الجلسة، قام عدد من المشرعين بتوجيه أسئلة حادة لجينسلر حول استراتيجيته في تنظيم سوق العملات الرقمية. إذ يرى منتقدوه أن عدم وجود إطار تنظيمي واضح يجعله مسؤولاً عن العديد من الاضطرابات التي تحدث في السوق. كما أشار البعض إلى الموقف الشديد الذي اتخذته SEC تجاه بعض الشركات الناشئة في مجال البلوكشين، مما أدى إلى تخويف المستثمرين وإبطاء الابتكار. تأتي هذه الجلسة في وقت حرج بالنسبة لصناعة العملات المشفرة، حيث يواجه السوق تحديات متعددة من بينها تدقيق أكبر من الهيئات التنظيمية في الولايات المتحدة، بالإضافة إلى التقلبات الكبيرة التي تعصف بالأسعار. تذمر العديد من المستثمرين من حالة عدم اليقين، وطالبوا بمزيد من الشفافية من الحكومة الأمريكية. في هذه الأثناء، كانت مظاهر عدم الرضا تتصاعد بين بعض أعضاء اللجنة، حيث اعتبروا أن جينسلر قد يكون عائقًا بدلاً من أن يكون داعمًا للنمو في هذا القطاع المهم. حاول جينسلر الدفاع عن موقفه مشددًا على أن الهدف الرئيسي من الديناميكية التنظيمية هو حماية المستثمرين وضمان النزاهة في الأسواق. وصرح بأن SEC قامت بالفعل بإنشاء مجموعة من المبادئ التوجيهية التي تهدف إلى إيضاح كيفية تصنيف الأصول الرقمية وإدارة المخاطر المرتبطة بها. ومع ذلك، فإن العديد من الخبراء والمحللين يعتبرون أن تلك المبادئ لا تكفي، وأن السوق بحاجة إلى إطار تنظيمي شاملي يسمح بالابتكار في مجال العملات المشفرة. أحد النقاط المثيرة للجدل في الجلسة كان موضوع العقوبات التي فرضتها SEC على بعض الشركات. تحدث بعض أعضاء اللجنة عن قلقهم من أن هذه العقوبات قد تضر بالمنافسة في السوق، وتثني المستثمرين عن التوجه نحو الابتكارات الجديدة. كما نبه أحد المشرعين إلى أن سوء الفهم حول لوائح SEC قد يؤدي إلى عدم انفتاح السوق أمام الشركات الناشئة والمبتكرين. في جانب آخر، كانت هناك تحذيرات من خطورة ترك سوق العملات الرقمية بدون تنظيم. فقد أوضح بعض الخبراء أن هذا قد يمهد الطريق لممارسات الاحتيال ويعرض المستثمرين لمخاطر جسيمة. وهذا ما دفع بعض الأعضاء في اللجنة إلى التأكيد على الحاجة إلى وضع قواعد واضحة قبل أن تندثر الفرص. على الرغم من التحذيرات، فإن قلة من الأصوات كانت تعبر عن دعمها لجينسلر وتفهمها للتحديات التي يواجهها. حيث اعتبر البعض أن السوق لا يزال في مراحله الأولى من النضوج، وأن الجهود الرامية إلى تنظيمه يجب أن تكون مدروسة بشكل جيد لتجنب أي عواقب غير مرغوب فيها. ومع اقتراب البدء في المناقشات البرلمانية، استمر النقاش حول قوة غاري جينسلر في تحديد مصير سوق العملات المشفرة. هل يمكنه تحقيق التوازن بين حماية المستثمرين وتعزيز الابتكار؟ أم أنه سيستمر في الطريقة التي اعتمدها حتى الآن، والتي تتسم بالتشدد في بعض الأحيان، مما قد يؤدي إلى توترات أكبر وتعطيل نمو الصناعة؟ وفي ختام الجلسة، كان واضحًا أن التحديات كبيرة أمام جينسلر. فالأصوات المتزايدة المعبرة عن الاستياء من استراتيجيته ستضعه تحت ضغط أكبر في الأشهر القادمة. وفي ظل تزايد الاستثمارات في السوق وتشديد التدقيق من قبل الجهات التنظيمية، ستكون الأنظار على جينسلر لمعرفة ما إذا كان بإمكانه تلبية توقعات المشرعين والمستثمرين على حد سواء. بالنظر إلى الأحداث القادمة، فإن مستقبل العملات المشفرة في أمريكا يبدو ضبابيًا. الجلسة التي عقدت في 18 سبتمبر قد تكون مجرد بداية لسلسلة من التغييرات المحتملة في كيفية إدارة سوق العملات الرقمية. ستظل الأسئلة قائمة: هل سيتمكن جينسلر من تعزيز الابتكار والدفع بتطوير نظام تشريعي قوي لاحتواء المخاطر، أم أنه سيسمح للمنافسة بالانحصار؟ الاجابة على هذه الأسئلة ستحمل أهمية كبرى في تحديد مستقبل العملات المشفرة، ليس فقط في الولايات المتحدة بل في العالم بأسره.。
الخطوة التالية