تعتبر NFTs (الرموز غير القابلة للاستبدال) واحدة من صيحات العصر الرقمي، وخاصة في عالم الفن الرقمي. فهي توفر طريقة جديدة للفنانين لعرض وبيع أعمالهم، مما يمكّنهم من الوصول إلى جمهور أوسع وتحقيق دخل أكبر. لكن في خضم هذا الحماس، يتبين أن NFTs تحمل آثارًا بيئية كبيرة، مما يجعل النقاش حول فوائدها ومخاطرها أكثر تعقيدًا. تتطلب عملية إنشاء وبيع NFTs على شبكة البلوكتشين كمية هائلة من الطاقة. يعتمد معظمها على بروتوكول الإثبات من العمل (Proof of Work)، المستخدم في شبكات مثل "إيثيريوم". هذا البروتوكول يتطلب إجراء عمليات حسابية معقدة لحماية وتأمين المعاملات، مما يتطلب كميات كبيرة من الطاقة الكهربائية، وغالبًا ما يُستخدم الفحم كمصدر للوقود، مما يزيد من انبعاثات الكربون. فإذا نظرنا إلى الأرقام، فإن عمليات المزايدة وبيع NFTs يمكن أن تنتج عمليات انبعاثات كربونية تعادل ما تنتجه السيارات العادية على مدار سنة كاملة. تشير الدراسات إلى أن إنشاء NFT واحد يمكن أن ينتج انبعاثات تعادل تلك الناتجة عن رحلة طيران طويلة. وبالتالي، يمكن أن تتراكم هذه الانبعاثات من مبيعات NFTs بشكل كبير، مما يثير المخاوف البيئية. وفي هذا السياق، أصدر باحثون من جامعة نورثمبريا تعليقًا حول هذه القضية، مؤكدين أن الابتكار في مجال NFTs يأتي بتكلفة بيئية غير مستدامة. وأشاروا إلى أن الساعة تدق من أجل البحث عن بدائل أكثر استدامة لهذه العملية، مثل استخدام تقنيات بروتوكولات بديلة للأمان مثل إثبات الحصة (Proof of Stake)، والتي تعتبر أقل استهلاكًا للطاقة. ومع ذلك، لا تزال المفاهيم الثقافية حول القيمة والملكية للأعمال الفنية في زمن الرقمنة تلعب دورًا مهمًا. فالفنانون يعتبرون أن NFTs تمنحهم فرصًا لا حصر لها، حيث يمكنهم بيع أعمالهم مباشرة للجمهور دون الحاجة إلى المعارض التقليدية أو الوسطاء. لكن الهيمنة على الموقف في هذه الصناعة تثير التساؤلات حول من الذين سيدفعون الأثمان الباهظة للبيئة مقابل هذه التجديدات الفنية. يمكن للقرّاء أن يتساءلوا: هل يمكن أن نجد وسيلة لتحقيق التوازن بين الاستفادة من العالم الرقمي وحماية كوكبنا؟ الجواب هنا ليس سهلاً، لكنه يتطلب التفكير المجدد والابتكار. بعض الشركات الناشئة في مجال التقنية بدأت بالفعل في تطوير حلول جديدة قد تُخفف من الأثر البيئي لـ NFTs، مثل توفير أنظمة تعمل على تقليل استهلاك الطاقة أو استخدام مصادر طاقة متجددة. في النهاية، علينا جميعًا أن ندرك أن كل قرار نتخذه، سواء كان في مجال الفن، التكنولوجيا، أو أي مجال آخر، له تأثير على البيئة. إن فكرنا في كيفية دعم وابتكار عالم رقمي أكثر استدامة، سنحصل ربما على نموذج جديد يمزج بين الابتكار والتفاني في حماية البيئة. إن التأمل في تأثير NFTs على البيئة يستدعي منا أن نكون واعين لتصرفاتنا وأن نكون جزءًا من الحل، بدلاً من أن نكون جزءًا من المشكلة. يجب أن تشجع الشبكات الاجتماعية والفنانين والمستثمرين على توعية الجمهور حول هذه القضايا والمساهمة بالتفكير النقدي في كيفية استخدام technologies of the future. صحيح أن العالم يتجه نحو الرقمنة، إلا أن هذه الرقمنة يجب أن تكون متوازنة مع الفهم العميق لاحتياجات كوكبنا. إن التفكير في الفن الرقمي وكوسيلة للتغير من أجل الأفضل هو خطوة مهمة نحو معالجة القضايا المعقدة التي نواجهها اليوم.。
الخطوة التالية