تتجه أنظار العالم إلى الولايات المتحدة حيث أعلنت نائبة الرئيس كامالا هاريس عن عزمها على جعل البلاد رائدة في مجال التكنولوجيا المتعلقة بسلسلة الكتل (بلوكشين)، وذلك خلال قمة رفيعة المستوى حول الابتكار التكنولوجي التي عُقدت مؤخراً في واشنطن. تأتي هذه الخطوة في وقت تشهد فيه العملات الرقمية والتكنولوجيا المبتكرة ازدهارًا غير مسبوق، مما يجعله موضوعًا محوريًا في السياسة والاقتصاد. هاريس، التي كانت دائمًا مناصرة للتقدم التكنولوجي، أكدت خلال حديثها أن أمريكا يجب أن تلعب دورًا قياديًا في هذا المجال لضمان تحقيق الابتكار والبناء على القيم الأساسية التي تميز البلاد. وقد أشارت إلى أن العالم يتجه نحو تبني تقنيات جديدة، وأن الولايات المتحدة بحاجة إلى سياسة واضحة تدعم هذا الاتجاه. في ظل تزايد أهمية البلوكشين، التي تعتبر التقنية الأساسية لتطبيقات العملات الرقمية، بما في ذلك البيتكوين والإيثيريوم، شددت هاريس على ضرورة تطوير إطار قانوني وتنظيمي يكون مرنًا ويشجع على الابتكار. وفي كلماتها، قالت: "نحن بحاجة إلى بيئة تفتح الأبواب أمام الابتكار وتساعد الشركات على الازدهار، مع الحفاظ على المعايير الأمنية التي تحمي المستهلكين". تشير التقارير إلى أن الولايات المتحدة تواجه منافسة متزايدة من دول أخرى، مثل الصين والاتحاد الأوروبي، في مجال تقنيات البلوكشين. فالصين، على سبيل المثال، أطلقت مبادرات ضخمة تهدف إلى تعزيز استخدام العملات الرقمية المركزية وتطبيق تقنيات البلوكشين في مختلف القطاعات. ولذلك، تعتبر قدرة الولايات المتحدة على الحفاظ على ريادتها في هذا المجال أمرًا حيويًا ليس فقط للأمن الاقتصادي، ولكن أيضًا للتأثير الجيوسياسي. الجدير بالذكر أن هاريس لم تكن وحدها في هذا الخطاب. فقد ضمت القمة مجموعة من الخبراء والمديرين التنفيذيين من شركات التكنولوجيا الكبرى، الذين شاركوا آرائهم حول الاتجاهات والتحديات المرتبطة بتكنولوجيا البلوكشين. تحدث العديد من المتحدثين عن أهمية تطوير البنية التحتية اللازمة لدعم نمو هذه التكنولوجيا، مشيرين إلى ضرورة استثمار المزيد من الموارد في البحث والتعليم. كما أثار الحديث عن المخاطر المرتبطة بتكنولوجيا البلوكشين العديد من التساؤلات. فعلى الرغم من الفرص الكبيرة التي تتيحها، إلا أن هناك أيضًا مخاوف بشأن الأمان والخصوصية. أكدت هاريس على أهمية معالجة هذه القضايا من خلال الشراكة بين القطاعين العام والخاص، حيث يمكن للابتكار أن يسير جنبًا إلى جنب مع معايير الأمان المطلوبة. بالإضافة إلى ذلك، تناولت هاريس مسألة كيفية التأكد من أن الفوائد الناتجة عن تكنولوجيا البلوكشين تعود بالنفع على جميع الأمريكيين. فقد أكدت أن الحكومة يجب أن تضمن أن الابتكار في هذا المجال لا يؤدي فقط إلى تعزيز الأرباح، بل أيضًا إلى تحسين الحياة اليومية للناس. وبهذا المعنى، أشارت إلى أهمية إدماج المجتمعات المهمشة في هذه الثورة التكنولوجية، لضمان استفادتهم من الفرص الجديدة. استجابة للخطط الطموحة التي طرحتها هاريس، عبر العديد من قادة الصناعة عن دعمهم الكبير. حيث وصف بعضهم خطة نائبة الرئيس بأنها خطوة جريئة ومثيرة للاهتمام من شأنها أن تعزز الابتكار وتدفع بالاقتصاد الأمريكي نحو الأمام. كما أشاروا إلى أن الأوقات الحالية تمثل فرصة فريدة للولايات المتحدة لإعادة النظر في استراتيجياتها التكنولوجية للقرن الحادي والعشرين. إن العزم على جعل الولايات المتحدة "رائدة في البلوكشين" يتماشى مع الاتجاهات العالمية تجاه تنظيم سوق العملات الرقمية وتبني الابتكارات التكنولوجية. وفي ضوء التعقيدات المرتبطة بالاقتصادات الرقمية وتزايد الاعتماد على التكنولوجيا في جميع جوانب الحياة، تعتبر هذه الخطوة من الضروريات الملحة. لكن من المهم أيضًا النظر إلى العواقب المحتملة لهذه السياسات. فبينما سيكون هناك دعم كبير من قطاع الأعمال والابتكار، يرتبط أيضًا وجود مخاوف بشأن كيفية تنفيذ هذه السياسات بشكل عادل وشفاف. قد تتطلب المرحلة المقبلة من تطوير البلوكشين توازنًا دقيقًا بين الابتكار والتنظيم، وهو ما سيشكل تحديًا لكل من الحكومة والقطاع الخاص. في الختام، تعكس تصريحات كامالا هاريس وعودًا قوية لمستقبل تكنولوجي مشرق للولايات المتحدة في مجال البلوكشين. إذا تم تنفيذ هذه الوعود بنجاح، يمكن أن تُصبح الولايات المتحدة مركزًا عالميًا للابتكار في هذا المجال، مما يعزز من مكانتها كقوة عظمى في القرن الحادي والعشرين. تظل الأعين مصوبة نحو خطوات الحكومة القادمة وكيفية التعامل مع هذه التقنية الثورية لتحقيق الأهداف المرجوة.。
الخطوة التالية