تسعى هيئة الأوراق المالية والعقود الآجلة في هونغ كونغ (SFC) إلى تطوير إطار جديد لترخيص خدمات التداول خارج البورصة (OTC) للعملات المشفرة، في خطوة تهدف إلى تعزيز الرقابة وتنظيم السوق الخاصة بالأصول الرقمية. تأتي هذه المبادرة في وقت يتزايد فيه الاهتمام بمجال العملات المشفرة، حيث تحاول هونغ كونغ تعزيز موقعها كمركز مالي رائد في هذا القطاع. في تقارير صحيفة "ساوث تشاينا مورنينغ بوست"، تم الكشف عن أن الهيئة قامت بجمع آراء من الفاعلين في الصناعة حول الإطار المقترح، مما يشير إلى نية الهيئة في التطبيق الفعال للرقابة المشتركة مع إدارة الجمارك. وتهدف هذه الخطوة إلى إدخال تنظيم رقابي يشمل جميع الجهات التي تعمد إلى تقديم خدمات التداول للعملات المشفرة خارج البورصات التقليدية. فمنذ بداية العام الجاري، أطلق المسؤولوون في هونغ كونغ استشارة تتعلق بتنظيم خدمات التداول OTC، حيث كان هذا الجهد رمزًا لالتزام الحكومة بخلق بيئة آمنة ومنظمة للتداول في الأصول الرقمية. وفقًا للخطة المطروحة، يُطلب من جميع مشغلي خدمات التداول للعملات المشفرة الحصول على ترخيص من مفوض الجمارك، مما يجعل من الضروري على كل من يرغب في مزاولة أنشطة التداول الحصول على الموافقات اللازمة. من جهة أخرى، تستثني هذه اللائحة الجديدة المنصات الخاصة بتداول الأصول الرقمية، حيث يخضع هؤلاء المشغلون بالفعل لتنظيمات هيئة الأوراق المالية، مما يعكس فهمًا دقيقًا لطبيعة الصناعة والتشريعات الموجودة بالفعل. لكن مع ذلك، تهدف الهيئة إلى توسيع نطاق سلطتها لتشمل مزودي خدمات التداول OTC، مما يسهم في القضاء على الممارسات غير الشرعية ويعزز الشفافية داخل السوق. تشير تقارير Chainalysis إلى أن هونغ كونغ شهدت تدفقًا كبيرًا للعملات المشفرة، حيث بلغ حجم التداول 64 مليار دولار بين يوليو 2022 ويونيو 2023. يعود جزء كبير من هذا النشاط إلى سوق OTC المزدهر، الذي يسمح بعمليات التداول الكبيرة مباشرة بين الأطراف دون الحاجة للاعتماد على البورصات التقليدية. يعتبر هذا النوع من التداول جذابًا للعديد من المستثمرين والمضاربين بسبب السرعة والخصوصية التي يوفرها. ورغم الفوائد المرتبطة بخدمات التداول OTC، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه هذا القطاع. فقد شهدت هونغ كونغ في السنوات الأخيرة عددًا من الحوادث البارزة، مثل فضيحة JPEX، التي أثرت على سمعة سوق العملات المشفرة وقد أثارت مخاوف بشأن الأمان والثقة في النظام. لذا، فإن التركيز على تنظيم خدمات التداول بموجب إطار جديد لا يهدف فقط إلى حماية المستثمرين ولكن أيضًا إلى استعادة الثقة في السوق. بالإضافة إلى نظام الترخيص الجديد، يوجد في الأفق أيضًا خطة لمناقشة خدمات الحفظ الخاصة بالعملات المشفرة. يهدف هذا النقاش إلى استكشاف كيفية تنظيم شركات الحفظ التي تركز على الأصول الرقمية، الأمر الذي يعكس مدى أهمية الابتكار في تصميم حلول جديدة للسوق من جهة، وضرورة وجود أطر تنظيمية من جهة أخرى. تعتبر هذه الخطوات التنظيمية جزءًا من النهج الأوسع الذي تتبعه هونغ كونغ لتطوير وتعزيز مكانتها كمركز مالي عالمي. مع تبني نهج منظم للتداول في الأصول الرقمية، تأمل حكومة هونغ كونغ في جذب استثمارات جديدة وتعزيز نمو السوق. في ضوء هذا، تواجه وكالات تنظيمية أخرى في منطقة آسيا تحديًا مماثلاً، حيث تسعى أيضًا لتطوير أطر تنظيمية تهدف إلى الأمن وحماية المستثمرين في عالم العملات الرقمية. بالمثل، هناك تنافس محتدم بين الدول لتكون الرائدة في هذا المجال، وبالتالي فإن أي تطور في هونغ كونغ سيؤثر بشكل كبير على الاتجاهات العالمية. في الختام، تأتي هذه المبادرات في وقت حاسم بالنسبة لصناعة العملات المشفرة، حيث تتزايد الضغوط على السلطات التنظيمية لضمان بيئة آمنة وموثوقة للتداول. وإذا تمكنت هونغ كونغ من تنفيذ هذا الإطار الجديد بنجاح، فقد تسهم في بناء صناعة قوية ومستدامة للأصول الرقمية، مما يوفر للمستثمرين الفرصة للانضمام إلى السوق دون الحاجة للخوف من المخاطر المرتبطة بعدم التنظيم. ستظل الأنظار متوجهة نحو التطورات المستقبلية في هذا المجال، حيث ينتظر الجميع كيفية تأثير هذه اللوائح الجديدة على السوق وعلى النشاطات التجارية في هونغ كونغ. مع النمو المستدام في تداول العملات المشفرة، سيكون من المثير رؤية كيف ستحافظ المدينة على مكانتها كمركز مالي رائد في عصر العملات الرقمية.。
الخطوة التالية